عجائب وغرائب

أغنية علي نغماتها انتحر الكثيرون

أغنية علي نغماتها انتحر الكثيرون

gloomySunday

لا عجب في ان تستمع الي اغنية او مقطوعة موسيقية تحرك ما بداخلك من سواكن ومن جبال الاحزان القابعة علي احاسيسك فتنهمر دموعك علي نغمات تلك الاغنية ولكن ان تدفعك الاغنية او الموسيقي الي حد الانتحار فهذا أمر غير طبيعي وغريب ويزيد من الغرابة أن يحدث حادث الانتحار لاكثر من شخص وهم يستمعون الي نفس الاغنية. فهل حقيقة لحن الاغنية حزين جدا أن المستمع نفسيا يصاب بالكآبة ويشعر برغبة في الانتحار أم ان الكلمات الحزينة المصاحبة لنغمات الموسيقي تجعل الشخص يصاب بحالة من التشاؤم تدفعه الي الانتحار أم ان الشخص في ذلك الوقت عندما كان مقبلا علي عملية الانتحار يختار هذه الاغنية كطقوس مصاحبة لما هو مقبل عليه؟

كل هذه التساؤلات قد نجد لها إجابة من خلال ما نقرأ او قد يبقي الوضع علي ماهو عليه .. لغز غامض !!

أولا هذه هي النسخة الأصلية لموسيقي الأغنية

https://www.youtube.com/watch?v=8Kkxbw3s2pM

في ثلاثينات القرن الماضي لم تكن أوروبا مكانا جميلا ومسالما كما هي اليوم ، كان هناك كساد كبير (أزمة مالية مدمرة) ، وكانت الأحزاب الفاشية المتطرفة تستميل إلى صفوفها المزيد والمزيد من الناس الجائعين والعاطلين والناقمين على الأوضاع الاقتصادية والسياسية. ولم تكن المجر (هنغاريا وهي دولة أوروبية) بمنأى عن تلك الأوضاع ، كانت البلاد تئن من وطأة الفقر ، الرجال والشباب مكدسون في الشوارع يتوسلون أي فرصة عمل تعود عليهم بما يسد رمقهم ورمق عائلاتهم . ذلك الجو الكئيب المشحون بالبؤس كان يدفع الناس إلى تصرفات وأفعال وآراء متطرفة ، كالسرقة والنهب والعنف والأفكار الفاشية .. والانتحار ..

كان لدى هنغاريا واحدة من أعلى معدلات الانتحار في القارة الأوربية العجوز ، لذا لم تهتم الشرطة كثيرا عندما تم استدعائها لمعاينة جثة الاسكافي جوزيف كالر ، فلقد مات منتحرا مثل كثيرين غيره ، شنق نفسه داخل حجرته الحقيرة الواقعة داخل منزل متهالك في أحد أزقة بودابست المظلمة . من كان سيهتم لرجل مثله ؟ .. اسكافي بالعقد الخامس من العمر ؛ أعزب ومريض ومفلس .. كان رجلا للنسيان … . . . المحقق كارل لانكه زار حجرة الاسكافي كإجراء روتيني ، ألقى نظرة سريعة على تلك الحجرة الصغيرة الموحشة ذات الرائحة الكريهة ، تساءل مع نفسه قائلا : “كيف تحمل ذلك الاسكافي العيش هنا .. كان حقا عليه أن ينتحر منذ سنوات ! ” . في الحقيقة لم يكن هناك ما يسترعي الانتباه في تلك الحجرة ، كانت تخلو من الأثاث باستثناء سرير تعلوه أغطية بهت لونها وتكدر ، وإلى جوار السرير هناك منضدة خشبية قديمة كانت تقبع فوقها ورقة مطوية ، المحقق أخرج منديلا من جيبه وألتقط الورقة وفتحها ، لم يكن بداخلها سوى كلمتين : “الأحد القاتم ” ، أي الأحد الكئيب.. وكانت تشير إلى عنوان أغنية لمطرب هنغاري يدعى بول كالمار ، كانت أغنية كئيبة جدا ، لم يتعجب المحقق لكونها كانت آخر ما خطته أنامل الاسكافي المنتحر . . . لكن ما حسبه المحقق للوهلة الأولى أمرا ليس ذو بال ، لم يكن كذلك فعلا ، فبعد عدة أيام تم استدعاءه مجددا لمعاينة جثة فتاة..

gloomysundaysuicide

كانت الجثة لفتاة تدعى ماري ، في السابعة عشر من عمرها ، ماتت منتحرة بجرعة سم قاتل . بجوار جثتها الباردة على السرير كان هناك دفتر مذكرات منثور الصفحات ، مرة أخرى اخرج المحقق منديله ، رفع الدفتر برفق ، قلب صفحاته بسرعة وبدون اهتمام ، لكن حين وصل إلى الصفحة الأخيرة تغيرت معالم وجهه ، لشدة استغرابه كانت آخر عبارة خطتها الفتاة في ذلك الدفتر قبل موتها هي : “الأحد القاتم” .. ما القضية ؟! .. تساءل المحقق مع نفسه ، ما قصة هؤلاء المنتحرين مع هذه الأغنية بالذات ؟ .. . . الأيام التالية حملت للمحقق كارل المزيد من المفاجئات إذ تتالت البلاغات عن أشخاص آخرين استمعوا لأغنية “الأحد القاتم” مباشرة قبل انتحارهم ، بعضهم فجر رأسه برصاصة ، آخرون رموا أنفسهم في مياه الدانوب الباردة فغرقوا ، وقام بعضهم بقطع شرايينه في الحمام . وكانت هناك قصة غريبة عن رجل كان يجلس في حانة ، طلب من الساقي أن يشغل له أسطوانة “الأحد القاتم” وما أن انتهت الأغنية حتى خرج من الحانة ورمى نفسه تحت إطارات أول سيارة مارة. وهناك قصة أشد غرابة عن صبي كان يقود دراجته بالقرب من ضفاف النهر عندما سمع متسولا يدندن بأغنية “الأحد القاتم” ، يقال بأن الصبي نزل عن دراجته وأخرج كل ما في جيبه من نقود وحلوي وأعطاها للمتسول ثم ركض صوب الجسر القريب وتسلق حافته و رمى بنفسه إلى المياه الباردة من دون أي تردد ليموت غرقا!

هذه الحوادث الغريبة كانت أبعد من أن تكون مجرد صدفة ، كان هناك خطب ما في هذه الأغنية ، لذا أصبحت بين ليلة وضحاها حديث الصحافة في بودابست ونالت شهرة واسعة لدرجة أن الشرطة التمست من الحكومة إصدار قانون يمنع بث وتداول الأغنية ، لكن الحكومة رأت بأن حظر الأغنية قد يؤدي لنتائج عكسية فيزيد من شعبيتها. . . ولم يطل الوقت حتى بدأت الأغنية تحصد أرواحا خارج هنغاريا ، في برلين عثروا على صاحبة محل بقالة مشنوقة في حجرة نومها وتحت أقدامها مباشرة كانت تقبع نسخة من أسطوانة “الأحد القاتم”. وفي نيويورك انتحرت شابة وطلبت في وصيتها تشغيل أسطوانة “الأحد القاتم” أثناء جنازتها . . . شهرة الأغنية المتنامية دفعت إلى ترجمتها وغناءها بالعديد من اللغات الأخرى ..

ماري لويز داميان غنتها بالفرنسية عام 1936 . نوريكو أوايا غنتها باليابانية عام 1936 . بيوتر لتشينكو غناها بالروسية عام 1937 . أوغستين مغالدي غناها بالأسبانية عام 1938 . أما أشهر من غناها بنسختها الانجليزية فكانت المطربة السمراء بيلي هولداي عام 1941 . وكلما زادت شهرة الأغنية ، كلما زاد عدد ضحاياها حتى تحولت إلى أسطورة وأصبحت تعرف بأسم “أغنية الأنتحار الهنغارية” . لكن من كان يقف وراء هذه الأغنية المنحوسة ، من الذي بعث الحياة في أوصالها أول مرة ؟ .. . . أنه ملحن هانغاري مغمور يدعى راجو شرش ، كان يهوديا طارده النحس والفقر طوال حياته ، رموه في معسكرات الاعتقال النازية خلال الحرب العالمية الثانية فشاهد عائلته وأقاربه يموتون أمام عينيه وترك ذلك في نفسه أثرا لا يمحى ، ومع أنه نجا من الموت بأعجوبة إلا أن الحزن والبؤس كان رفيقه الحميم حتى آخر لحظة في حياته . كانت أغنية “الأحد القاتم” هي الأغنية الوحيدة الناجحة في مسيرته الفنية ، لكنه كان نجاح مشئوم مذموم قال عنه الملحن الآتي: . . “أقف في خضم هذا النجاح القاتل وكأني متهم ، هذه الشهرة المميتة تسببت لي بالألم ، جميع خيبات الأمل التي طاردت قلبي بكيتها في هذه الأغنية ، ويبدو أن هناك آخرين شعروا مثلي ووجدوا فيها آلامهم وأحزانهم الخاصة” .

ما هي قصة الأغنية ؟ .. تعددت وتضاربت الروايات حول ذلك ، القصة الأكثر شيوعا تقول بأن ملحن الأغنية كان قد تخاصم مع حبيبته ، وبعد فترة حاول أن يصلح الأمور معها . توجه في ذات يوم أحد إلى منزلها وهو يحمل باقة ورود بيضاء ، كان متلهفا جدا لرؤية حبيبته وكلما أقترب من منزلها كلما تسارعت دقات قلبه وزاد شوقه ، لكن هناك عند باب الحبيبة كانت تنتظره مفاجئة صادمة ، كان هناك رجال متجهمين ونساء تنتحب وقد ارتدى الجميع ثيابا سوداء . لم يسأل أبدا ما الذي جري ، لم يكلم أحدا ، كان الباب مشرعا فدخل إلى المنزل بقدمين واهنتين ، مضى يترنح بين البواكي والنائحات … وفي وسط حجرة الجلوس عثر على حبيبته أخيرا .. كانت مستلقية داخل تابوت مفتوح ، جثة بلا حراك ، كانت قد ماتت منتحرة صباح ذلك الأحد القاتم . . . . أي جرح وأي ألم .. ألا يكفي أنه فقير ومعدم وفاشل ، حتى ذلك الشيء الوحيد الناجح والجميل في حياته مضى من بين يديه إلى الأبد . أوجاع الملحن الشاب تحولت إلى صرخة موسيقية مشبعة بالبؤس ومسكونة بظلال وضلالات سوداء موحشة . وجاء صديق الملحن ، الشاعر لازلو جافور ، ليضيف من عنده لمسة أخرى مفعمة بالكآبة حين كتب قصيدة ملئها الحسرة واليأس ليتم تركيبها على ذلك اللحن الحزين . . . هناك من يقول بأن الشاعر لازلو كان هو صاحب القصة ، هو الذي ماتت حبيبته وليس الملحن ، بينما يرى آخرون بأن القصة برمتها مختلقة ولا أساس لها من الصحة ، وان الأغنية هي في الواقع نتاج أوضاع وظروف مأساوية كانت سائدة في ذلك العصر.

gloomy_sunday

ملحن الأغنية نفسه قال بأنه وجد صعوبة بالغة في العثور على من يوافق على طبع ونشر موسيقاه ، أحد المنتجين قال عن الأغنية : . . “المسألة ليست أن الأغنية حزينة ، لكن هناك نوع من اليأس القاهر والرهيب فيها ، لا أعتقد أن هناك أي خير للاستماع لأغنية كهذه ” . . . أعجب ما في القصة هي نهاية الملحن نفسه ، لقد مات منتحرا وبصورة مأساوية ، لم يعد يطيق النحس الذي واكب حياته ، الألم الذي تجرعه حتى في عز نجاحه ، فالشيء الوحيد الذي حقق له الشهرة والمجد ، كان هو بحد ذاته أكثر ما آلمه وآذاه ، دمرته تلك الاتهامات في أنه كان السبب وراء انتحار الناس ، أثقلت وجدانه بشعور طاغي بالذنب . . . أخيرا .. في ظهيرة يوم احد “قاتم” من عام 1968 ، بعد الاحتفال بعيد ميلاده التاسع والستين ، رمى الملحن راجو شرش نفسه من نافذة شقته في بودابست ، لكن المفارقة هو أن النحس لازمه حتى في انتحاره ، فعلى الرغم من أنه رمى بنفسه من عمارة شاهقة إلا أنه لم يمت ، نقلوه إلى المستشفى ونجا من السقطة ببعض الجروح والكسور ، قاموا بعلاجه وهو يبكي متوسلا الموت ، وحين حل المساء تركوه في حجرته بالمستشفى فزحف عن سريره ، وبكل ما تبقى له من قوة سحب سلكا كهربائيا عن الجدار ولفه حول عنقه ثم طوح بجسده بعيدا. . . في صباح اليوم التالي عثرت الممرضات على الملحن راجوا شرش مشنوقا في حجرته بسلك كهربائي .. لقد قرر “أن ينهي الأمر كله”.

gloomy-sunday

كلمات الأغنية باللغة العربية

الأحد قاتم , ساعاتي لا تهجع؛
عزيزتي ، الظلال التي أعيش معها لا تُعّد؛
الورود البيضاء الصغيرة لن توقظكِ أبدا,
ليس هناك حيث أخذتكِ عربة الحزن السوداء؛
الملائكة لا تفكر أبدا في أعادتكِ؛
يا ترى هل سيغضبون لو فكرت بأن التحق بكِ ؟

الأحد القاتم .

الأحد قاتم ؛ أمضيته مع الظلال كله؛
أنا وقلبي قررنا أن ننهي الأمر كله؛
قريبا ستكون هناك شموع وصلوات حزينة , أعلم ذلك
لكن دعهم لا يبكون , دعهم يعلمون بأني سعيد بالذهاب.

الموت ليس حلما , لأني في الموت سوف أداعبك؛
مع آخر نفس من روحي سوف أباركك.
الأحد القاتم.

أحلم , أنا فقط كنت أحلم؛
استيقظت ووجدتكِ نائمة في أعماق قلبي عزيزتي.
حبيبتي , أتمنى أن حلمي لن يسكنكِ أبدا
قلبي يخبركِ كم أريدكِ .
الأحد القاتم

كلمات الأغنية باللغة الانجليزية

Sunday is gloomy, my hours are slumberless ;
Dearest, the shadows I live with are numberless ;
Little white flowers will never awaken you ,
Not where the black coach of sorrow has taken you ;
Angels have no thought of ever returning you ;
Would they be angry if I thought of joining you ?
Gloomy Sunday .

Gloomy is Sunday; with shadows I spend it all ;
My heart and I have decided to end it all ;
Soon there’ll be candles and prayers that are sad, I know ,
Let them not weep, let then know that I’m glad to go .

Death is no dream, for in death I’m caressing you ;
With the last breath of my soul I’ll be blessing you .
Gloomy Sunday .

Dreaming, I was only dreaming ;
I wake and I find you
Asleep in the deep of my heart, dear .

Darling, I hope that my dream never haunted you ;
My heart is telling you how much I wanted you .
Gloomy Sunday

https://www.youtube.com/watch?v=WOC6-hZPUw0

وأخيرا بعد قراءة هذه القصة العجيبة ما رأيك في أحداثها ؟ هل هي الصدفة أم أن الأمر يتعدي مجرد الصدفة؟

Galal Hasanin

Galal Hasanin مؤسس موقع 56 نيوز - أعمل في مجال التربية والتعليم لغة انجليزية - مترجم - اهوي الشعر والانترنت

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button