عام 56 نيوز
السيسي: السابقون تجاهلوا قضية الدعم حتى يبقوا في السلطة.. أما أنا مصر
السيسي: السابقون تجاهلوا قضية الدعم حتى يبقوا في السلطة.. أما أنا مصر
طالب الرئيس عبدالفتاح السيسى رؤساء تحرير الصحف المصرية والإعلام، اليوم، بالإسهام فى بث الوعى للمواطنين بأهمية وخطورة المرحلة الحالية، مؤكداً أننا «فى حالة حرب فى الداخل والخارج، مما يستدعى الانتباه الشديد إلى تماسك المجتمع بالكامل فى مواجهة هذه التحديات».
وأضاف «السيسى»، خلال لقائه اليوم مع رؤساء تحرير الصحف المستقلة والقومية والحزبية، أن القرارات الأخيرة بخفض الدعم عن الطاقة تهدف لإصلاح الخلل الشديد فى منظومة الدعم المصرى، الذى استمر ما يقرب من 50 عاماً، وتقاعست أنظمة وحكومات عديدة عن مواجهته ومجابهته، مشيراً إلى أن الاقتصاد المصرى يعانى مشكلة كبيرة ولا بد أن يتحرك مع البلد إلى الأمام.
خفض الدعم لإصلاح خلل شديد استمر 50 عاماً.. وتقاعست أنظمة وحكومات عديدة عن مواجهته.. ما حدث فى 77 أثناء حكم السادات زرع الخوف من «ملف الدعم» فى قلوب كل الحكومات المتعاقبة.
وقال الرئيس إنه اختار طريق مجابهة التحديات، مضيفاً: «هناك تيار محدد يعمل ضدنا، ولا يريدنا أن نتقدم خطوة واحدة نحو المستقبل، وأنتم جميعاً تعلمون أن مصر فيها فصيل لا يعرف ربنا، وهذا الفصيل على استعداد تام أن يدمر البلد كله، والمشكلة أن هذا الفصيل يعيش بيننا ويحاول تدميرنا، سواء فى قطاعات الكهرباء أو البترول، بالاندساس بين المواطنين».
وتابع: «أنا مش لوحدى، وعمرى ما قلت إنى هواجه تلك التحديات منفرداً والمعركة لن تنجح إلا بكم جميعاً، وأدرك حجم الإعلام ومدى تأثيره ودوره، ولا أطلب أن يكون إعلامنا توجيهياً، ولكن أريده إعلاماً مسئولاً عن تعميق وعى المجتمع».
وحول قرارات خفض الدعم عن الطاقة وزيادة أسعار البنزين والسولار، قال «السيسى»: إن المخاطر والتحديات التى تواجهها مصر خطيرة جداً، وتم تجاهلها لسنوات طويلة، حتى أصبحت الناس غير مستعدة لمواجهة هذه التحديات، حتى إننا ندفع ثمن حكومات سابقة كانت تدير البلد بسياسة «يوم بيوم»، دون تخطيط أو رسم سياسات للمستقبل، مضيفاً أن البعض يرى أن توقيت هذه القرارات غير مناسب، لكن هؤلاء يعلمون أن الأوضاع الراهنة فى الاقتصاد مستحيل استمرارها، ونحن لدينا استحقاقات تأخرت كثيراً، وهذا هو التحدى. وأضاف: «ما أقدرش أنتظر، لا بد من المواجهة السريعة؛ لأن عجز الموازنة العامة للدولة كان سيتجاوز 240 مليار جنيه، بينما تصل فاتورة الدعم فى الموازنة قبل التعديل إلى ما يزيد على 251 مليار جنيه، والحقيقة أن ما حدث فى عام 1977 أثناء فترة حكم الرئيس الراحل أنور السادات زرع الخوف فى قلوب كل الحكومات المتعاقبة، وكان الجميع يتجاهل مسألة دعم الطاقة للحفاظ على مقعده، وحتى يستمر فى السلطة، أما أنا فلا أهدف إلى بقائى فى السلطة، فالمهم أن تبقى مصر».
الجميع كانوا يتجاهلون القضية حتى يستمروا فى السلطة.. أما أنا فلا أهدف إلى البقاء.. أموال «تحيا مصر» لن تُستخدم فى سد عجز الموازنة.. وأنا أتولى الإشراف عليها بنفسى.
وقال: «والله العظيم لو مصر تبقى وتتقدم وأنا أسيب موقعى موافق جداً؛ لأن الحب مش كلام».
وكشف «السيسى»، أثناء اللقاء، أن دولة شقيقة تدفع لمصر كل شهر مبلغ 900 مليون دولار لدعم الوقود (أى خمسة مليارات جنيه شهرياً). وأضاف: «لم يعد ممكناً استمرار الاقتصاد المصرى بهذا الشكل، ولم يكن ممكناً أيضاً تأجيل هذه الإجراءات لستة أشهر أخرى»، متسائلاً: «هل انتهت السنتان اللتان تحدثنا عنهما من قبل لتحسين الأوضاع؟ ولا بد أن يكون واضحاً أننا خلال العامين المقبلين لن ننام.. ونتعب ونكافح مثل شعوب كثيرة كانت فى ظروف مشابهة واستطاعت أن تتقدم بالتضحيات والعمل».
وأوضح الرئيس أن لتر البنزين بعد زيادة الأسعار يتم دعمه بـ280 قرشاً، وأن لتر السولار بعد زيادة سعره يحصل على دعم قدره 420 قرشاً، وأن تكلفة لتر السولار على الدولة ستة جنيهات. وقال «السيسى»: إن الحكومة فى مصر تتحمل أعباء كثيرة؛ فعلى سبيل المثال، الدولة لا بد أن تدفع 600 مليون جنيه كل يوم لخدمة الدين وأكثر من 500 مليون جنيه للأجور، وحوالى 500 مليون جنيه يومياً للدعم، مناشداً المواطنين الاصطفاف الشعبى لمواجهة التحديات الصعبة، قائلاً: «أعينونى بقوة».
وحول صندوق تبرعات «تحيا مصر»، قال الرئيس السيسى: إنه تم تخصيصه لأمور محددة: إعانة الفقراء وإنشاء مشروعات صغيرة ومتوسطة ومساعدة المزارعين والفلاحين فى الديون المستحقة عليهم لبنك التنمية والائتمان الزراعى، ولن تُستخدم أموال الصندوق فى سد عجز الموازنة، مضيفاً: «أنا أتولى الإشراف عليه بنفسى، وهناك شخصيات أخرى مثل فضيلة شيخ الأزهر وقداسة البابا تواضروس، ومفيش حد يقدر يحط إيده على جنيه واحد من صندوق تحيا مصر». وأشار إلى رفضه الشديد لاتخاذ أى إجراءات استثنائية تجاه رجال الأعمال والمستثمرين، قائلاً: «مش عايزين ناخد حاجة من حد بالقوة، فلا بد أن نعلى شأن سيادة القانون فوق كل اعتبار، وإذا أردنا استرداد أموال الدولة من أى شخص، فعلينا أن نذهب للقضاء؛ لأن الإجراءات الاستثنائية تؤثر سلبا على مناخ الاستثمار وتمثل رسالة سلبية للعالم كله».
وأضاف «السيسى»: «لن يستطيع أحد أن يأخذ منى جنيهاً واحداً من خزينة مصر، بينما سأسعى إلى محاربة أى محاولات لاستغلال ظروف البلد، ورجال الأعمال أخذوا الكثير، وحان وقت إنجاز استثمارات وعمل حقيقى، تعود بالنفع على المواطن البسيط فى كل مكان».
وأكد «السيسى» أن فرض الحد الأقصى للأجور فى جميع الهيئات والوزارات بمثابة إغلاق لأحد أبواب الفساد، وأنه من غير المقبول أن يتقاضى موظف فى الدولة راتباً ضخماً فى ظل أزمة اقتصادية حادة، ولن أسمح أبداً بالفساد، ولكن لا بد أن تعلموا أن مكافحة ومحاربة الفساد ربما تستغرق عدة سنوات؛ لأن الفساد فى مصر قديم وله خميرة ضاربة فى جذور الدولة منذ أكثر من أربعين سنة، حتى تخمرت واستشرت وباتت مواجهتها معركة حقيقية.
لدينا «فصيل» لا يعرف ربنا.. ولا يريدنا أن نتقدم خطوة واحدة نحو المستقبل.. عمرى ما قلت إنى سأواجه التحديات منفرداً.. والمعركة لن تنجح إلا بكم جميعاً.
واستعرض «السيسى» بعض الأوضاع الإقليمية بقوله: إن المخطط الخارجى الذى يستهدف منطقة الشرق الأوسط يستند إلى تقسيم المنطقة بالكامل إلى دويلات صغيرة. وقال: «ما يفعله (داعش) فى العراق وجميع التنظيمات فى سوريا، هو هذا المصير الذى أرادوه لمصر»، مؤكداً: «كنت أقول للأمريكان منذ عام ونصف العام: إن الجماعات الإرهابية فى سوريا سوف تخرج إلى دول الجوار، وهو ما حدث بالفعل»، وقال الرئيس بلهجة حماسية: «نحن فى حرب، ولازم نركز أوى جوه وبره، هناك مخطط ضدنا، وأطرافه لا يريدون نجاحنا، والدليل أن رئيس وزراء دولة فى المنطقة قال مؤخراً: تقسيم (سايكس بيكو) مر عليه حوالى مائة عام، ولا بد أن يعاد تقسيم المنطقة مرة أخرى، ومصر كانت مرشحة ومستهدفة للدخول فى هذه الدائرة، فلا بد من تماسك الجبهة الداخلية بحيث تكون جبهة من حديد».
وأضاف «السيسى»: «أنا مستعد أموت فى أى وقت، وهقابل ربنا وهيحاسبنى، ولقد جئت لمنصبى هذا من أجل بلدى؛ لأن المشهد قبل 30 يونيو، من العام الماضى، كان يؤكد أنه لو استمر شهرين أو ثلاثة لحدث صدام حتمى بين التيار الإسلامى والشعب المصرى، والجيش كان سيتدخل للفصل».
وحول الأحداث الراهنة، قال الرئيس: إن الإرهاب يحاول تدمير كل شىء فى مصر، لكن الشعب يتصدى بيقظة لهذه المحاولات، والمشكلة التى لا يفهمها البعض أن الإسلاميين حاولوا هدم الدولة بالكامل بدعوى بناء الدولة الإسلامية، أو دولة الخلافة، مع أن الكثير من أنصار هذا التيار جهلاء ولا يعرفون القراءة؛ لأن هذا التيار يداعب مشاعر البسطاء، بينما هم يلهثون وراء السلطة، شعاراتهم تشبه تفاحاً جميلاً وراء لوح زجاج إذا حاولت الحصول عليه انكسر الزجاج.
واختتم «السيسى» تصريحاته لرؤساء تحرير الصحف بأن الأصل فى ديننا الحنيف هو الحرية؛ لأن الله، عز وجل، يمنحنا الحرية فى الاختيار ثم يحاسبنا، وأتمنى أن تكون حريتنا دائماً حرية مسئولة.