متي يتواصل الشيطان مع الإنسان ؟
متي يتواصل الشيطان مع الإنسان ؟
فيها من النار “الشهوة والجوع والغضب والحقد والحسد والغل”.
وفيها من النور “العفو والتسامح والحلم والفهم والحنين إلى النور الأعظم الذي جاءت منه”.
فيها من الطين”الألية والتكرار والجمود والرتابة والقصور الذاتي والخمول والكسل والعجز عن التغيير والتثاقل والتهابط “.
وفيها من الروحانية” الانطلاق والحرية والشفافية والإبتكار والخلق والإبداع والخيال والجمال”.
وهي لا تولد نارية ولا نورية ولا طينية ولا روحية …وانما تولد مجرد إمكانية قابلة للصعود أو الهبوط إلى أي من هذه المراتب.و إذا تأمل الواحد منا نفسه في موضوعية شديدة ونظرة إلى باطنه في حياد مطلق فإنه يلاحظ أنه في حالة تذبذب دائم بين هذه المراتب صاعداً وهابطاً من لحظة لأخرى ومن يوم لأخر ، من حالة وجدانية إلى حالة عقلية إلى حالة شهوانية إلى صفاء روحي.
والصوفيون يسمون هذه المراتب بالمقامات …
وقليلٌ جداً الذين يستطيعون الإستقرار والدوام في المقامات الروحية دون أن تشدهم جذابة الشهوة والجوع وأحقاد الحياة المادية واطماعها . وكثير جداً هم الذين يستقرون في المراتب السفلية حيث الحياة شهوة ومضاجعة وأكل وشرب وحيث لا هموم إلا هموم البطن والفرج.
ويبقى بعد ذلك أواسط الناس ممن يتأرجحون بين النار والنور بين جذبات العلو وجذبات التسافل ينتشلون أنفسهم من إغراء ليقعوا في اخر.
ولأن الشيطان مخلوق من النار فلا مدخل له على الانسان إلا إذا تهابط إلى المرتبة النارية من نفسه “وهي مرتبة الشهوة والجوع والغضب والحقد والحسد والغل ”
حينئذ يمكن أن يتم التواصل بين الاثنين بحكم المجانسة…فيستطيع الشيطان أن يوصل إلى الانسان وسوسته وأن يؤجج شهواته ويشغل غضابته…ولكنه يظل معزولاً عمن هم في المراتب الروحية العالية بحكم عدم التجانس فهو لا يستطيع أن يوصل اليهم وسوسته. ولهذا يقول الله تبارك وتعالى في القران للشيطان : (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ). لأنهم ارتفعوا إلى منطقة يستحيل فيها التواصل وخرج من نارهم الكثيفة إلى أرواحهم اللطيفة ..حيث لا يسمع إلا رفيف الملائكة والهامات الأرواح العالية.. وحيث يصبح نفث الشيطان أكثف من أن يصل اليهم.
ولغز النفس الإنسانية هو في قابليتها تمثل هذه الأدوار وقبول هذه المراتب المتفاوتة علواً وسفلاً.
يقول الله تعالى عن هذه النفس ( فألهمها فجورها و تقواها ) .
د.مصطفلى محمود