المحن تذكر بالنعم
لا يدري صحيح البدن عادة بقيمة صحته حتى يذوق المرض, وبالمثل لا يستشعر الإنسان بقيمة ما منحه الله تعالى من نعم حتى تصيبه الكوارث, والغلاف الجوي من أعظم نعم الله تعالى التي ميزت الأرض وجعلتها مؤهلة لنشأة الحياة قبل مجيء الإنسان, وهو يتكون من نطق على النحو التالي: 1- نطاق التغيرات الجوية أو الطبقة المناخية Troposphere: يتراوح سمكه من 6 إلى 18 كم (5 ميل عند القطبين و11 ميل عند خط الاستواء) ويبلغ متوسط ارتفاعه 11 كم فوق مستوى سطح البحر, ويقل ضغط الهواء ودرجة الحرارة كلما ارتفعنا لأعلى, وتصل درجة الحرارة إلى ستين درجة مئوية تحت الصفر في قمة النطاق, ويحوي 85 % من كتلة الغلاف الجوي، ويتركب أساسا من النتروجين (78 %) والأكسجين الضروري للحياة (21 %) وغيرهما من الغازات بنسب ضئيلة, وتنشأ فيه الظروف الجوية المختلفة من رياح وسحاب ومطر ورعد وبرق. 2- الطبقة فوق المناخية Stratosphere: يبلغ ارتفاعها50 كم فوق مستوى سطح البحر, وتحوي ما بين ارتفاع 20 و 30 كم طبقة الأوزون اللازمة لامتصاص الأشعة فوق البنفسجية الضارة بالأحياء, ولولا طبقة الأوزون لأصبحت الحياة مستحيلة على الأرض, وتخترق الشهب والنيازك هذا النطاق, وينخفض الضغط الجوي حتى يصل إلى 0.01 ضغط جوي عند قمة النطاق. 3- النطاق المتوسط Mesosphere: يبلغ ارتفاعه حوالي 85 كم (50-85 كم), وتبلغ درجة الحرارة أعلاه حوالي 90 درجة مئوية تحت الصفر. 4- النطاق الحراري Thermosphere: يبلغ ارتفاعه حوالي 600 كم (85-700 كم) وترتفع فيه درجة الحرارة. 5- نطاق التأين Ionosphere في أعلى النطاق الحراري عند ارتفاع 400 كم, ودوره أساسي في الاتصالات اللاسلكية لأنه يعكس موجات الراديو. 6- النطاق الخارجي Exosphere: أعلى طبقة في الجو ويبلغ ارتفاعه حوالي 1000 كم فوق مستوى سطح البحر, ويتكون الهواء فيه غالبا من الغازات الخفيفة مثل الأيدروجين والهيليوم وكثافته في غاية الضآلة. 7- نطاق الغلاف المغناطيسي Magnetosphere: يمتد إلى مسافة 50000 كم, ويوجد به زوج من الأحزمة المغناطيسية يزداد سمكها عند خط الاستواء ويقل عند القطبين, ويقع الحزام الداخلي على ارتفاع حوالي 2000 كم فوق مستوى سطح البحر, وهو يقوم بدور الحماية من الرياح الشمسية ويمثل مصيدة للجسيمات الذرية عالية الطاقة القادمة من الفضاء الخارجي, وبدون تلك السنن المقدرة ما نشأت على الأرض حياة.
وفي قوله تعالى: "وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ" (الأنبياء :32)؛ يستقيم أن يدل تعبير السقف المحفوظ علي الجو لأنه يماثل بالفعل سقفا يمنع الأخطار القادمة من فوقه إلا أن يشاء الله تعالى, وهو أيضا محفوظ من التبدد بخلاف حاله عند تكونه كما هو حال القمر حاليا حيث تبدد جوه كله فأصبح بلا سقف يحميه, وهذه الخصائص قد أثبتتها الأبحاث العلمية مؤخرا؛ فالجو الذي يحيط بالأرض يؤدي وظائف ضرورية لاستمرار الحياة على الأرض ويدمر الكثير من النيازك ويمنع معظمها من السقوط على سطح الأرض وتدمير الكائنات الحية, والملفت للنظر أن الغلاف الجوي لا يسمح بالمرور إلا للإشعاعات غير الضارة مثل أشعة الضوء, ويكفي أنه يحمي أهل الأرض من برد الفضاء الذي يصل إلى 270 درجة مئوية تحت الصفر, والأحزمة المغناطيسية بمثابة درع يقي من خطر الرياح الشمسية التي تهدد الأحياء على الكوكب, ولولا وجود الغلاف الجوي لسقطت ملايين النيازك على الأرض وقضت على الحياة, ومن الجائز أن نهاية الديناصورات منذ حوالي 65 مليون سنة ترجع إلى دخان لف الأرض عقب سقوط نيزكي كبير فحجب ضوء الشمس وأخل بالتمثيل الضوئي للنبات وقضى على معظم الأحياء, وباختصار فإن هناك نظاماً متكاملاً يعمل فوق الأرض ولا نشاهده يحمينا من التهديدات الخارجية في صمت ولم يعرف أحد بوجوده إلا مؤخراً ولكن الله سبحانه وتعالى قد أخبرنا به منذ قرون عدة كما أخبرنا بحقائق لم يدركها بشر قبل عصر العلم لتكون عبرة للواعين وموعظة تنبه الغافلين أن القرآن وحي من عند رب العالمين. نظم الرياح:
الرياح هواء متحرّك, وقد تهب الرياح بلُطف أو قد تهب بسرعة وعُنف لدرجة تجعلها تدمر المباني وتقتلع الأشجار الكبيرة من جذورها, والرياح القوية يمكنها أن تضرب سطح المحيط وتولد أمواجا عاتية يمكن أن تحطم السفن وتغمر الأرض لتحطم المنشآت على الشاطئ, وبإمكان الرياح كعامل مؤثر من عوامل التعرية أن تُبلي الصخر وتغير ملامح الأرض على المدى الطويل, والرياح جزء من الطقس؛ فاليوم الحار الرطب قد يتحول فجأة إلى بارد إذا ما هبّت الرياح من منطقة باردة, والسحب المُحَمَّلة بالمطر والبرق قد تتكون حيث يلتقي الهواء البارد بالهواء الحار الرطب, وتُسمى الرياح وفقًا للاتجاه الذي تهب منه فعلى سبيل المثال تهب الرياح الشرقية من الشرق إلى الغرب والرياح الشمالية تهب من الشمال إلى الجنوب, وتحدث الرياح نتيجة التسخين غير المتساوي للغلاف الجوي عن طريق الطاقة المنبعثة من الشمس, فالهواء الذي يعلو المناطق الحارة يتمدد ويرتفع ويحل محله هواء من المناطق الأبرد, وتسمى هذه العملية دورة, وتسمى الدورة فوق الأرض بكاملها بالدورة العامة بينما تسمى الدورات النسبية الصغرى والتي يمكن أن تتسبب في حدوث تغيرات في الرياح يومًا بعد يوم بالدورات النسبية الشاملة للرياح أما الرياح التي من الممكن أن تحدث في مكان واحد فقط فإنها تُسمّى الرِّياح المحليَّة.
وتحدث الدورة العامة للرياح فوق قطاعات كبيرة من سطح الأرض، وتُسمّى هذه الرياح الرياح السائدة, وتتنوع هذه الرياح باختلاف خط العرض؛ فبالقرب من خط الاستواء يرتفع الهواء الساخن إلى ما يقرب من 18 كم فيتحرك الهواء الأبرد ليحل محل الهواء المرتفع في نطاقين من الرياح السائدة, ويقع هذان النطاقان بين خط الاستواء وخطيّ عرض 30° شمالاً وجنوباً وتُسمّى الرياح في هذه المناطق بالرياح التجارية