بهذه الآية الكريمة حرمت الخمر تماماً .. ولكن الأمر لم يبدأ هكذا فلما كانت الخمر هي شراب العرب آنذاك لا يستغنون عنها ،بل هي عندهم كالماء ، لم يكن العرب لينصاعوا لأمر الله ، حين ينزل عليهم تحريمها ، فنزل الحكم بالتدريج .
فأول ما نزل في الخمر قوله تعالى { يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما } ، فلم تحرم تحريماً قاطعاً لكن نُبه الناس إلى ضررها ..
ثم أنزل الله : { يا أيها الذين ءآمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى } فنهاهم أن يصلوا وهم في حال السكر ، وبذلك قلل من الأوقات التي يمكن أن يشربوا فيها ،وهي ما بين العشاء والفجر ، لأن الوقت بينهما طويل ،
ثم أنزل الله قوله { يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان } ، فسالت الخمور في شوارع المدينة كالأنهار أراقها المسلمون امتثالاً لأمر الله ......
ولم يحرم شرب الخمر فقط ، بل كل ما يتعلق به .. قال صلى الله عليه وسلم : ( لعن الله الخمر ، وشاربها ، وساقيها ، وبائعها ومبتاعها ، وعاصرها ، ومعتصرها ، وحاملها ،والمحمولة إليه وآكل ثمنها ) .
هذا من أجل قطع الطريق تماماً على هذه السلعة الخبيثة ، لكيلا تروج في المجتمع المسلم بأي طريقة كانت .
ولكن إذا سألنا : لم حرم الإسلام الخمر ؟
يقرر العلم الحديث ... أن الخمر يسري في المخ من أعلى لأسفل وبالتالي تؤثر على الوظائف الأهم أولاً ، فبمجرد شرب الإنسان الخمر ، فإنه يفقد الإرادة والقدرة على ضبط النفس ، ثم يبدأ في يبدأ في فقدان التركيز وهكذا ....
وقد قرر المجلس البريطاني لمكافحة الخمور ، أن مدمن الخمر يفقد تدريجياً صفاء الذهن ، ولا يمكن الوثوق بأقواله ، حتى في حالات يقظته ،كما أن قدرته على التركيز في العاملات المالية تقل بنسبة كبيرة .
ويؤدي شرب الخمر والكحول إلى زيادة نبضات القلب .. الأمر الذي يسبب الإجهاد لهذه العضلات وقد يصل الأمر إلى حدوث الذبحة القلبية .
وتقل قدرة خلايا الدم الحمراء على نقل الأوكسجين ... وبالتالي يصاب الإنسان بالتعب ! كما تقل قدرة خلايا الدم البيضاء على مقاومة الأمراض .
أما تأثير الخمر على الكبد ، فيؤدي إلى حدوث مرض ( التليف الكبدي الناتج عن الكحوليات ) .. والذي ينشأ عن موت خلايا الكبد الحية وتحولها إلى نسيج ليفي ، وإذا زاد التليف ،فإن الموت هو النتيجة المحتمة لذلك .
وتؤثر الخمور على الكلى مسببة مرض ( الدوزيما ) التي غالباً ما تؤدي إلى الوفاة ، وتسبب ضمور الخصيتين ، وتسبب قلة افراز الحيوانات المنوية ، وتسبب ضعفاً جنسياً حاداً .
ويصاحب شرب الخمر نقص حاد في الفيتامينات الهامة مما يؤدي إلى كثير من الأمراض الخطيرة ك ( الأسقربوط المسبب لمرض العشى الليلي والتهابات الفم والأسنان ،مرض البري بري الذي يسبب هبوط القلب وتورمه ) .
وتسبب أنواع كثيرة من الخمور أمراضاً لقرنية العين والعمى كما تتلف الألياف البصرية . ولا يقتصر ضرر الخمور على الأضرار البدنية فحسب بل يتعداه إلى الأضرار الإجتماعية والنفسية ...
يعاني عادة مدمن الخمر من الإنطواء والعزلة ،والعدوانية ، وتقل قدرته على الإنتاج والإفادة .. ولا يتمكن المدمن غالباً من انشاء أسرة وتكوين بيت وبالتالي يضعف المجتمع ...! ويميل إلى الإجرام لدافع في نفسه مرة ، وللحصول على المال مرة أخرى .
وقد أثبتت الدراسات في الدول الغربية ،أن الخمور إحدى أكبر الاسباب المسببة لحوادث السيارات ..! وأن الجرائم الخلقية أكثر ما تنتشر في أوساط المدمنين .
فالحمد لله الذي عصم المسلمين من هذه الشرور والبلايا والتي عصفت ، ولا زالت تعصف بالمجتمعات الغربية ، بآية واحدة قال فيها { يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون } .