أول من آمن
ولما دعا إلى الله استجاب له عباد من كل قبيلة . فكان حائز السبق صديق الأمة أبا بكر رضي الله عنه . فوازره في دين الله . ودعا معه إلى الله . فاستجاب لأبي بكر عثمان وطلحة وسعد رضي الله عنهم .
وبادر إلى استجابته أيضا صديقة النساء خديجة رضي الله عنها . وبادر إلى الإسلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه . وكان ابن ثمان سنين وقيل أكثر إذ كان في كفالة رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذه من عمه .
شأن زيد بن حارثة
وبادر زيد بن حارثة رضي الله عنه حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان غلاما لخديجة فوهبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما تزوجها . وقدم أبوه حارثة وعمه في فدائه . فقالا للنبي صلى الله عليه وسلم يا ابن سيد قومه أنتم أهل حرم الله وجيرانه تفكون العاني وتطعمون الأسير . جئناك في ابننا عبدك فأحسن لنا في فدائه . فقال صلى الله عليه وسلم " فهل غير ذلك ؟ قالوا : وما هو ؟ قال أدعوه فأخيره فإن اختاركم فهو لكم . وإن اختارني : فوالله ما أنا بالذي أختار على من اختارني " قالوا : قد زدتنا على النصف وأحسنت . فدعاه . فقال " هل تعرف هؤلاء ؟ " قال نعم أبي وعمي . قال " فأنا من قد علمت وقد رأيت صحبتي لك . فاخترني ، أو اخترهما " فقال ما أنا بالذي أختار عليك أحدا . أنت مكان أبي وعمي . فقالا : ويحك يا زيد أتختار العبودية على الحرية . وعلى أبيك وعمك ، وأهل بيتك ؟ قال نعم قد رأيت من هذا الرجل شيئا ، ما أنا بالذي أختار عليه أحدا أبدا . فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك خرج إلى الحجر . فقال " أشهد أن زيدا ابني ، أرثه ويرثني فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت نفوسهما . فانصرفا . ودعي زيد بن محمد حتى جاء الله بالإسلام فنزلت ( 33 : 5 ) ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله قال الزهري : ما علمنا أحدا أسلم قبل زيد .
وأسلم ورقة بن نوفل . وفي جامع الترمذي " أن النبي صلى الله عليه وسلم رآه في المنام في هيئة حسنة
ودخل الناس في دين الله واحدا بعد واحد . وقريش لا تنكر ذلك حتى بادأهم بعيب دينهم وسب آلهتهم وأنها لا تضر ولا تنفع . فحينئذ شمروا له ولأصحابه عن ساق العداوة . فحمى الله رسوله بعمه أبي طالب . لأنه كان شريفا معظما . وكان من حكمة أحكم الحاكمين بقاؤه على دين قومه لما في ذلك من المصالح التي تبدو لمن تأملها .
وأما أصحابه فمن كان له عشيرة تحميه امتنع بعشيرته وسائرهم تصدوا له بالأذى والعذاب . منهم عمار بن ياسر ، وأمه سمية وأهل بيته . عذبوا في الله . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر بهم - وهم يعذبون - يقول صبرا يا آل ياسر . فإن موعدكم الجنة
سمية أول شهيدة
ومر أبو جهل بسمية - أم عمار رضي الله عنهما - وهي تعذب وزوجها وابنها . فطعنها بحربة في فرجها فقتلها .
وكان الصديق إذا مر بأحد من العبيد يعذب اشتراه وأعتقه . منهم بلال . فإنه عذب في الله أشد العذاب . ومنهم عامر بن فهيرة ، وجارية لبني عدي كان عمر يعذبها على الإسلام . فقال أبو قحافة - عثمان بن عامر - لابنه أبي بكر يا بني أراك تعتق رقابا ضعافا . فلو أعتقت قوما جلدا يمنعونك ؟ فقال إني أريد ما أريد . وكان بلال كلما اشتد به العذاب يقول أحد ، أحد
أول دم أهريق
وفي السنة الرابعة ضرب سعد بن أبي وقاص رجلا من المشركين فشجه . وذلك أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يجتمعون في الشعاب فيصلون فيها . فرآهم رجل من الكفار ومعه جماعة من قريش . فسبوهم . وضرب سعد بن أبي وقاص رجلا منهم فسال دمه . فكان أول دم أهريق في الإسلام .
ومجنة ، وذي المجاز يدعوهم أن يمنعوه حتى يبلغ رسالات ربه . ولهم الجنة فلا يجد أحدا ينصره ويحميه . حتى ليسأل عن القبائل ومنازلها قبيلة قبيلة فيقول أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا وتملكوا بها
وأنذر عشيرتك الأقربين
صعد
تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب
قال ابن القيم رحمه الله دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الله مستخفيا ثلاث سنين ثم نزل عليه ( 15 : 94 )
فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين
أول دم أهريق
وفي السنة الرابعة ضرب سعد بن أبي وقاص رجلا من المشركين فشجه . وذلك أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يجتمعون في الشعاب فيصلون فيها . فرآهم رجل من الكفار ومعه جماعة من قريش . فسبوهم . وضرب سعد بن أبي وقاص رجلا منهم فسال دمه . فكان أول دم أهريق في الإسلام .
استهزاء المشركين
وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جلس وحوله المستضعفون من أصحابه - مثل عمار بن ياسر ، وخباب بن الأرت ، وصهيب الرومي وبلال وأشباههم - فإذا مرت بهم قريش استهزءوا بهم وقالوا : أهؤلاء - جلساؤه - قد من الله عليهم من بيننا ؟ فأنزل الله ( 6 : 53 ) أليس الله بأعلم بالشاكرين وفيهم نزل ( 16 : 41 ) والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون ) وقال أبو جهل والله لئن رأيت محمدا يصلي لأطأن على رقبته . فبلغه أن رسول الله يصلي ، فأتاه . فقال ألم أنهك عن الصلاة ؟ فانتهره رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أتنتهرني ، وأنا أعز أهل البطحاء ) فنزل قوله تعالى ( 96 : 9 ، 10 ) أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى وفي بعض الروايات أنه قال ألم أنهك ؟ فوالله ما في مكة أعز من نادي .
وأخرج مسلم عن أبي هريرة قال قال أبو جهل " يعفر محمد وجهه بين أظهركم ؟ فقيل نعم فقال واللات والعزى ، لئن رأيته لأطأن على رقبته . فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ، وزعم ليطأن رقبته ، فما فجأهم إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه . وقال بيني وبينه خندق من نار وهول وأجنحة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا فأنزل الله تعالى - لا ندري في حديث أبي هريرة أو شيء بلغه - ( 96 : 6 ، 7 ) كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى