لماذا لا تتكرر تجربة المنصورة فى باقى كليات الطب فى مصر؟ .. سؤال وجهناه لأساتذة الطب بمدينة الطب الأشهر فى مصر، فاختلفت إجاباتهم من حيث الشكل، لكنها اتفقت فى المضمون، الذى لم يخرج عن النموذج والتطبيق وإرادة النجاح.
ويرى الدكتور حسن أبوالعنين ، أستاذ جراحة المسالك البولية ومدير مركز أمراض الكلى والمسالك البولية بجامعة المنصورة، أن تجربة المنصورة جاءت نتيجة طبيعية لمجموعة من العناصر المتلازمة لم تتوافر فى مكان آخر، و لو اجتمعت هذه العناصر فهى قادرة على تكرار التجربة بسهولة، وعلى رأسها تحديد الهدف المطلوب تحقيقه من خلال المؤسسة الطبية، وتبنى القائمين عليها هذا الهدف، وسعيهم لتحقيقه بكل السبل، بالإضافة لتوفير الكوادر البشرية القادرة على إدارة العمل فى هذه المؤسسة فنيا وإداريا، وتوفير التمويل اللازم لسير العمل بشكل مستمر، وفوق كل ما سبق المهارة الإدارية اللازمة للتغلب على المعوقات والروتين الحكومى الذى يمكن أن يعوق نجاح النظام واستمراره، وفى رأيى أن أى مؤسسة طبية لو استطاعت توفير العناصر السابقة، فإنها بلا شك ستنجح وتحقق ما حققته المنصورة.
أما الدكتور إبراهيم على عراقى، أستاذ وجراح المسالك البولية بجامعة المنصورة، وجمعية المصرية لجراحى المسالك البولية، فيرى أن التجربة فى المنصورة لها خصوصية شديدة، وقدرتنا كدولة على تعميم التجارب الناجحة ضعيفة جدا، فمازلنا نتعامل مع هذه التجارب على أنها حصاد أفراد وليست تجربة عامة يمكن تكرارها إذا وفرنا لها نفس الظروف. فى كل مكان فى العالم المنظومة أكبر من الفرد، فالمنظومة هى التى تضع الأساسيات العامة للتجربة، ومن ثم يسهل تطبيقها على من يقع داخل هذا النظام، ولا تتوقف فى هذه الحالة على أشخاص تفشل فى حالة غيابهم.. وفى تجربة المنصورة عناصر النجاح معروفة، لكن لم يتم تصديرها إلى المحافظات الأخرى، كما أنه لا توجد هناك رغبة حقيقية للنجاح والتميز فى هذه الأماكن.
الدكتور كمال عبدالإله، أستاذ مساعد جراحة الأطفال بكلية الطب ومستشفى الأطفال التخصصى بجامعة المنصورة، يؤكد أن حماس جامعة المنصورة واهتمامها بفكرة المراكز الطبية المتخصصة كانا وراء نجاح تجربة المنصورة فى الطب، وهو ما عكسته المساحات الكبيرة التى خصصتها إدارة الجامعة لإقامة المستشفيات والمراكز الطبية المتخصصة التابعة لكلية الطب، بشكل ساعد على وجود مساحات مناسبة لإقامة المراكز والمستشفيات بعد ذلك فى منطقة واحدة، بالإضافة لتبرعات ومساهمات أهالى محافظة الدقهلية عموما، وأهالى المنصورة على الأخص، فضلا عن وجود أساتذة مجتهدين ومخلصين مثل الدكتور محمد غنيم، الذى استطاع أن يخرج بنموذج مركز الكلى والمسالك البولية للنور بأقل الإمكانيات، وباعتماد كبير على التبرعات والمنح الخارجية، وأعتقد أن صعوبة اجتماع العناصر السابقة مع بعضها فى مكان واحد هو أهم أسباب عدم تكرار تجربة المنصورة فى محافظات أخرى.
ويشير الدكتور محمد عبدالوهاب، أستاذ جراحات الكبد والجهاز الهضمى بجامعة المنصورة ومدير مركز الكبد والجهاز الهضمى، إلى أن المنصورة لم تحظ بإمكانيات أكبر من إمكانيات باقى المستشفيات الجامعية فى مصر، لكن المسألة متعلقة بطريقة إدارة الإمكانيات لتحقيق الهدف، وبمدى إيمان القائمين على المشروع بأهميته. مركز الكبد والجهاز الهضمى الذى حقق شهرة كبيرة داخل مصر وخارجها لا يزيد على 70 سريرا، بينما لا يزيد عدد أطبائه على 20 طبيباً، إذن الإمكانيات ليست معوقا للنجاح، فقط نحتاج إرادة النجاح، والقدرة على إدارة الموارد لتحقيقه.
معادلة النجاح ليس صعبة، فقط تحتاج إلى رؤية واضحة كما يؤكد الدكتور محمد السيد الدسوقى، أستاذ ورئيس قسم الأمراض الصدرية بطب المنصورة وعضو مجلس نقابة الأطباء، ويقول إن تجربة المنصورة قدمت النموذج ووصفة النجاح، التى تأتى على رأسها المشاركة المجتمعية فى تمويل المشروعات التى تعود على المجتمع، مثلما حدث فى المنصورة التى بنت مراكزها الطبية بمساهمات كبيرة من أبنائها، وأعتقد أن وجود رؤية واضحة ودعم قوى من المجتمع كفيل بنجاح تجربة الطب فى المنصورة وتكرارها فى محافظات أخرى بنفس الطريقة.
[color=#008000]«إرادة النجاح» و«وضوح الرؤية» و«العمل الدءوب»[/color]، ثلاثة عناصر يعتقد الدكتور يوسف الطنبارى، أستاذ طب الأطفال ومدير مستشفى الأطفال التخصصى بكلية طب المنصورة، أنها السبب الرئيسى لنجاح تجربة الطب فى المنصورة، ولتكرار التجربة لابد من توافر هذه العناصر، والعمل على تكاملها وتناغمها معا فى منظومة واحدة لتحقيق الهدف، والنجاح الذى يساهم فى إثراء التجربة، لأن «النجاح بيشجع على نجاح أكتر»، وتجربة المنصورة ليست معجزة، رغم أنها الوحيدة، لكنها نتاج عمل وجهد جماعى لأساتذة طب المنصورة جامعة المنصورة على مدار سنوات طويلة.