لا أدري كيف ومن أين أبدأ؟ لأن ما سمعته وسأرويه عليكم ما هي إلا قصة حقيقية عن أحد أبطال ملحمة البطولة والشجاعة حرب أكتوبر.
دعوني أبدأ بنفسي أولا باعتباري أحد أطراف هذا الموقف أو القصة فأنا ...عمرو مصطفى (27 سنة) من مواليد حي العجوزة بمحافظة الجيزة. بدأ شبح الشهيد عاطف السادات يطاردني منذ أن التحقت بالدرسات العليا بكلية الأداب قسم الاعلام جامعة عين شمس للعام الأكاديمي 2001- 2002 فكان لي أصدقاء أبائهم تقاعدوا من الخدمة في سلاح الجو المصري كان لي شرف استماع قصص عن شخصية الشهيد عاطف السادات وعن حسن ورفعة أخلاقه ممن خدموا معه في مطار بني سويف حتى تاريخ استشهاده. لكن القصة الحقيقية لاستشهاده وكيف استشهد؟ لا يعلمها إلا طبيب بمستشفى جامعة جورج تاون كان مجندا بجيش الدفاع الإسرائيلي بالقوات الجوية الإسرائيلية في مطار المليز بشرم الشيخ وهو شاهد على قصة استشهاد البطل وتفاصيلها لقد قص علي هذه القصة التي رأها بعينيه بعدما نقلتني سيارة الاسعاف لقسم الطوارئ بالمستشفى إثر حادث سيارة تعرضت له أنا وصديق مصري بسبب عاصفه ثلجية شديدة. فأنا الأن أدرس الماجستير في الصحافة الدولية بجامعة جورج تاون بالعاصمة الأمريكية واشنطن ولأن ظروف المعيشة هناك صعبة وقاسية. اضطررت إلى التقدم بطلب تصريح عمل لوزارة الأمن والهجرة الأمريكية حتى أحصل على عمل يساندني في ظل هذه الظروف الحياتية الغريبة هنا. وبالفعل حصلت على عمل بشركة دمينو بيتزا في الفرع الملاصق لجامعتي، وقد جرت العادة في الشركة أن يحضر الاجتماع الشهري مديري الأفرع ومساعديهم، وذهبت أنا ومديري بسيارته فهو مصري أيضا المهم نتيجة سوء الأحوال الجوية والعاصفة الثلجية الشديدة نقلنا إلى مستشفى الجامعة (جورج تاون) فصديقي أصيب ببعض الكسور ودخل في غيبوبة لبضع ساعات أما أنا فأصبت بشرخ في الساق اليمنى وكدمات في الوجه أدت إلى تلف في العصب بالعين اليسرى مما دفعهم في غرفة الطوارئ لإستدعاء أستاذ جراحة العيون على الفور وهو الدكتور/ آيرون (هارون) بن شتاين ظل يقلب في التقارير الطبية ثم سألني - أنت لست أمريكي...من أي بلد أنت؟
- قلت: مصر
- فرد قائلا: يا إلهي صدفة عجيبة لقد عشت أجمل أربع سنوات عمري في مصر.
- فقلت له فارحا: حقا...أين ومتى ؟
- فقال: في شرم الشيخ من العام 1972 وحتى 1976 فأدركت أنه إسرائيلي وقلت مبتسما: نعم إنها صدفة وخاصة أن أبي كان ضابطا بالجيش المصري وشارك في حرب أكتوبر. فابتسم والغيظ يملا وجهه وسألته أين كان يوم السادس من أكتوبر؟ - قال: كنت وقتها في العشرين من العمر أؤدي خدمتي في مطار المليز بشرم الشيخ مجندا بالقوات الجوية الإسرائيلية وأغلب الجنود والضباط كانوا في إجازة عيد يوم الغفران ، حيث شهد استشهاد الطيار/ عاطف السادات. فتشوقت وقلت له من فضلك إحكي ما حدث. - قال: كان يوما هادئا وكنا حوالي عشرون شخص فقط وفي تمام الساعة الثانية والربع ظهرا فوجئنا بطائرتين مصريتن حربيتين ربما سوخوي أو ميج فالطيار الأول أخذ يدمر ممرات المطار ويطلق صواريخه على حظائر الطائرات أما الطيار الثاني فأخذ يصوب صواريخه على صواريخ الدفاع الجوي سكاي هوك التي شلت تماما. أتم الطيار الأول مهمته وانسحب على الفور أما الطيار الثاني لم ينسحب لصعوبة مهمته ،ولأننا في إسرائيل مدربين على كافة أنواع الأسلحة صعدت مع زميل لي علي مدفع أوتوماتيكي مضاد للطائرات لإرغامه للعلو بطائرته إلى المدى الذي يمكن لصواريخنا المتبقية اصابته قبل أن يجهز عليها. وإذا بهذا الوغد يطير باتجاهنا وجها لوجه ويطلق علينا رصاصات من مدفع طائرته اصابت زميلي إصابات بالغة لكن ما ادهشني قدرته الغير عادية على المناورة وتلافي رصاصات مدفعنا لدرجة أنني ظننت أنه طيار أجير من بلد أوروبي لا يمكن أن يكون هذا هو مستوى الطيارين المصريين. وأثناء قيامه بالدورة الثانية وجدنا أن هناك فرصا عديده لإصطياده أثناء دورانه في الدورة الثالثة والأخيرة