أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتديات 56 نيوز، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





09-05-2010 08:16 مساءً
مشاهدة مشاركة منفردة [0]
emadelmansy
عضو
rating
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 2009-12-24
رقم العضوية : 22479
المشاركات : 1701
الدولة : مصر
الجنس : ذكر
قوة السمعة : 16
موقعي : زيارة موقعي
  
look/images/icons/i1.gif هل تعلمون من هو( سيبويه )
ولا يمكن في منظورنا أن تفصل سيبويه عن مدرسة الخليل في اللغة والأصوات ، فهو الممثل الحقيقي لها فيما نقل لنا من علم الخليل في الكتاب ، وتبقى مدرسة الخليل الصوتية مناراً يستضاء به في كثير من الأبعاد لمن جاء بعده . فابن دريد ( ت : 321هـ ) مثلاً ، يذكر في مقدمة الجمهرة إفاضات الخليل بعامة ، ويضيف إليها بعض الإشارات في ائتلاف الحروف والأصوات ، ولكن هذا بالطبع لا يخرجه عن إطار هذه المدرسة في كل الأحوال ، فلديه على سبيل المثال جملة كبيرة من التسميات المتوافقة مع الخليل كالأصوات الرخوة ، والأصوات المطبقة ، والأصوات الشديدة . كما أن له بعض الاجتهادات الصوتية في أكثر الحروف وروداً في الاستعمال ، فأكثرها الواو والياء والهاء ، واقلها الظاء ثم الذال ثم الثاء ثم الشين ثم القاف ثم الخاء ثم النون ثم اللام ثم الراء ثم الباء ثم الميم (1) .
ولا تعلم صحة هذا الاجتهاد إلا بالإحصاء . وليس كثيراً على ابن دريد الإحصاء والاستقصاء .
وبعد مدرسة الخليل نجد ابن جني ( ت : 392 هـ ) مؤصل هذا الفن ومبرمجه ، وأول مضيف له إضافات مهمة ذات قيمة منهجية في الدراسات الصوتية ، بما تواضعنا على تسميته بـ ( الفكر الصوتي عند ابن جني ) أو أن جهود ابن جني في الأصوات ارتفعت إلى مستوى الفكر المخطط والممنهج ، فأفردناه ببحث خاص ، إذ انتهل من هذا الفكر رواد هذا الفن كما سنرى .
الكتاب ( مؤلف سيبويه الخالد ) :
كان كل العلماء والباحثين والمصنفين وعلى امتداد تاريخ البشرية يضعون أسماء تميز مؤلفاتهم ومصنفاتهم، إلا أن سيبويه لم يضع لكتابه اسمًا أو حتى مقدمة أو خاتمة، ولكن لماذا لم يضع سيبويه عنوانًا لكتابه أو مقدمة أو خاتمة؟
باختصار لم يفعل سيبويه ذلك لأن القدر لم يمهله حيث مات سيبويه وهو ما يزال في ريعان شبابه، وذلك قبل أن يخرج الكتاب إلى النور؛ فأخرجه تلميذه أبو الحسن الأخفش إلى الوجود دون اسم؛ وذلك من باب رد الجميل وعرفانًا بفضل أستاذه وعلمه وخدمةً للغة العربية ( لغة القرآن ) وهي التي عاش من أجلها أستاذه وأعطاها كما لم يعطها غيره إلى أن توفاه الله فأطلق العلماء على كتابه اسم "الكتاب" حيث يدل هذا الاسم على ما يحتويه هذا المؤلف من علم عظيم حيث أن أي كتاب لابد أن يحوي علماً فما بالكم لو كان اسم الكتاب هو الكتاب ، ولذلك إذا ذُكر " الكتاب " في موضع مجردًا من أي وصف فإنما يقصد به كتاب سيبويه.
أهمية الكتاب:
بالرغم من أن سيبويه مات قبل أن يرى كتابه النور إلا أن كتاب سيبويه هذا بلغ القمة فيما وصلت إليه الدراسات النحوية في أواخر القرن الثاني الهجري وإبان الدولة العباسية التي كان تحترم العلم والعلماء وتعطيهم مكانة عظيمة ومنزلة رفيعة وقد صنع سيبويه في مؤلفه "الكتاب" أعظم ما يصنع عالم لموضوعه، إذ آتاه حقه من التقصي والاستيعاب، ومن الدرس والنقد، وجهد ما أسعفه الجهد الكبير، والعقل المستنير لتحرير المسائل وترتيب الموضوعات حتى استحق كتابه في النحو والصرف أن يكون هو الكتاب ، وكأنه النبع الذي يرتوي من كل باحث عن قواعد وأصول علم النحو واستحق سيبويه بكتابه أن يكون في النحويين الإمام.وشيخ المعلمين النحويين حتى عصرنا هذا فأقبل الباحثون وطلبة العلم من بعده على دراسة الكتاب وشرح شواهده والتنقيب عنها .
وقد تسارع العارفون بالنحو والفقه والشعر واللغة إلى تناول هذا الكتاب بالشرح، وجاء الكثير منهم في شروحهم إلى الحديث عن شخصيته العلمية، وثقافته اللغوية، وقدرته على معرفة معاني المفردات، وتفسير الأبنية الغريبة وضبطها، وبيان مفردات جموعها، واستشهاده للمعاني التي يريد توضيحها، وكثرة نقوله عن أئمة اللغة والنحو، واجتهاده الذاتي الذي تجلى في إسرافه في التعليلات النحوية التي تدور حول حكمة اللغة في تركيباتها، وعلاقة مفرداتها، وعلامات الإعراب والبناء، وكان لهذه الشروح أيضاً صدى لثقافته القرآنية، والفقهية والشرعية، وفي علم الأنساب، والمنطق والكلام.
فهذا الكتاب أصبح بمثابة خزانة للكتب، احتواها بالقوة في ضميره وتمخض عنها الزمن بالفعل من بعد وفاة سيبويه، ولذلك نرى أن الأئمة كلهم تلاميذ في مدرسته، فلا نرى المؤلفون جميعًا يتقدمون في علم النحو إلا بأن يناقشوه ويفسروه ويعلقوا عليه ويصوبوه ويخطئوه، وهم بذك يدورون في فلكه، حتى أصبح ( الكتاب ) هو المصدر الفريد لعلمي النحو والصرف بالإضافة إلى علم الأصوات.
منهج الكتاب:
درجت العادة على أن يوضح كل كاتب منهجه في بداية كتابه، ولكن مع سيبويه فالوضع يختلف؛ ولقدر الله الذي شاء أن يأخذ سيبويه إلى الرفيق الأعلى لم يتمكن من وضع مقدمة لكتابه، يوضح فيها المنهج الذي سلكه في ترتيب كتابه ؛ فبقي منهج الكتاب لغزًا يستعصي على الإدراك، حتى قال بعض الباحثين إلى أن سيبويه لم يكن يعرف المنهج، وإنما هو قد أورد مسائل الكتاب متتابعة دون أي نظام أو رباط يربط بينها. ولو كان مؤلف الكتاب شخصًا آخر غير سيبويه، لجاز أن يسلم بهذا الرأي على ضعفه، أمَا والمؤلف سيبويه فمن الواجب أن ننزهه عن هذا حيث أن سيبويه بعلمه الكبير لم يكن لينسى أو يجهل هذا الأمر ..
ويقول الشيخ علي النجدي عن منهج سيبويه، فيقول: نهج سيبويه في دراسة النحو منهج الفطرة والطبع، يدرس أساليب الكلام في الأمثلة والنصوص؛ ليكشف عن الرأي فيها صحة وخطأ، أو حسنًا وقبحًا، أو كثرة وقلة، لا يكاد يلتزم بتعريف المصطلحات، ولا ترديدها بلفظ واحد، أو يفرع فروعًا، أو يشترط شروطًا، على نحو ما نرى في الكتب التي صنفت في عهد ازدهار الفلسفة واستبحار العلوم.
فهو في جملة الأمر يقدم مادة النحو الأولى موفورة العناصر، كاملة المشخصات، لا يكاد يعوزها إلا استخلاص الضوابط، وتصنيع الأصول على ما تقتضي الفلسفة المدروسة والمنطق الموضوع، وفرق ما بينه وبين الكتب التي جاءت بعد عصره كفرق ما بين كتاب في الفتوى وكتاب في القانون، ذاك يجمع جزئيات يدرسها ويصنفها ويصدر أحكامًا فيها، والآخر يجمع كليات ينصفها ويشققها لتطبق على الجزئيات.
ويمكن أن يقال على الإجمال: إنه كان في تصنيف الكتاب يتجه إلى فكرة الباب كما تتمثل له، فيستحضرها ويضع المعالم لها، ثم يعرضها جملة أو آحادًا، وينظر فيها تصعيدًا وتصويبًا، يحلل التراكيب، ويؤول الألفاظ، ويقدر المحذوف، ويستخلص المعنى المراد، وفي خلال ذلك يوازن ويقيس، ويذكر ويعد، ويستفتي الذوق، ويستشهد ويلتمس العلل، ويروي القراءات، وأقوال العلماء، إما لمجرد النص والاستيعاب وإما للمناقشة وإعلان الرأي، وربما طاب له الحديث وأغراه البحث، فمضى ممعنًا متدفقًا يستكثر من الأمثلة والنصوص. واللغة عنده وحدة متماسكة، يفسر بعضها بعضًا، ويقاس بعضها على بعض، وهو في كل هذا يتكئ في ترتيب أبواب الكتاب على فكرة العامل أولاً وأخيرًا.
وفاة سيبويه :
كما أسلفنا في ذكر قصة المكيدة التي كانت من الكسائي لسيبويه ورحيله عن البصرة ووفاته في الطريق نذكر أن سيبويه إمام المتقدمين والمتأخرين النحويين قد توفي سنة 180 هجري وقيل سنة 177 هجري في قرية البيضـاء مـن قـرى شيـراز وهي التي ولد وترعرع فيها وقد كـان عمـره لمـا مـات نيفـاً وأربعيـن سنـة وقال بعضهم أنه توفي بالبصرة سنة 161 وقيل سنة 188 .. وقال أبو الفرج ابن الجوزي توفي سيبويه في سنة 194 هجري وعمره اثنتان وثلاثون سنة وإنه توفي بمدينة ساوة فيما وذكر خطيب بغـداد عـن ابـن دريـد أن سيبويه مات بشيراز وقبره بها ..
مما سبق نرى أن الأقوال تضاربت في تاريخ وفاته وعمره ووقت وفاته ولكن هذا كله لا يمثل شيئاً أمام العلم الذي خلفه من بعده في كتابه ( الكتاب ) فمات شاباً قبل أن يخرج كتابه إلى النور فجزى الله تلميذه أبو الحسن الأخفش الذي أخرجه إلى النور ليكون نبراساً لكل الباحثين والمتعمقين في بحور النحو العربي واللغة العربية وهكذا بالفعل يكون رد جميل المتعلم إلى معلمه !!
مات سيبويه شاباً وكان كثيراً ما ينشد في حياته ‏:‏
إِذا بل من داء به ظـن أنْه نجا ** وبه الـداء الـذي هـو قاتلـه

الخاتمة :
أود القول أن سيبويه جاء في وقت مبكر جداً من عمر فترة الازدهار العلمي العربي حيث لم تتجاوز فترة حياته النصف الثاني من القرن الهجري الثاني فكان علامة عصره وإمام النحويين في ذلك الوقت مما جعل النحاة يدورون في فلكه ويأخذون عنه ولا يخرج أحد بجديد يغطي به عليه فأصيب التفكير والتأليف النحوي بالشلل وأصبح العلماء والنحويين يطبقون المثل القائل ( لا يُفتى ومالك في المدينة ) فصار أكثر العلماء خيراً ومعرفة يسارع إلى شرح كتاب سيبويه وينقل عنه ويوضح بعض الأمور التي تستعصي على بقية طلاب العلم ، ووصل كتاب سيبويه إلى القمة وصار أشبه بالمرجع الوحيد في علم النحو والكلام ويكفي دليلاً على ما كان لكتاب سيبويه من سحر وإغراء وعلم عظيم سوى أن العلماء وطلاب العلم أطلقوا على كتابه من بعده اسم " قرآن النحو" ونحتسب عند الله سبحانه وتعالى أن يجعل كتابه ( الكتاب ) من الباقيات الصالحات التي خلفها أبو بشر عمر بن عثمان بن قمبر الذي اشتهر اسمه على مدى القرون اللاحقة باسم سيبويه .
تم بحمد الله يارب ينال أعجابكم



الساعة الآن 01:21 PM