نزلت ورائها لالحقها بسرعة ولكن آتاني صوت شككت بأنه لوائل الذي كان يكلمني قبل قليل: اصعدي في المقعد الامامي..
نسرين بصوت متقطع: لا لا لا أريـ ـ ـد..
وائل: الم اقل لكِ اصعدي؟ واعتلى صوته لهذا لم اجروء على اصراري بالرفض.. فـ صعدت في المقعد الامامي..
انطلق هو لا اعلم الى اين......
كنت أرى طريق على الطرفين محلات مضاءة بالانوار.. كانت دموعي تهبط ببطئ وهدوء..
كل واحد منا صامت.. والصمت هو سيد الموقف.. كلن منا تائه بأفكاره..
فجاءة استدار بسيارته وأوقفها.. ثم التفت الي وقال بنرة هادئة: أنزلي؟
نظرت من حولي, لا ارى سوى ظلام و اشجار يابسة بسبب البرد, وقليل من الثلج المتبقي يغطي المكان..
بدأت ارتجف وقلت بصوت مرعوب: لا اريـ ـد أأ أن أنـ ـزل..
قال بصوت غاضب: اعتقد بأني قلت أنزلي؟ لماذا تحبين ان اعيد كلامي مرتين؟ هيا أنــزلــي..
شعرت وكأنه غاضب ويجب علي ان اسايره لاني في الحقيقة بدأت أخافه.. بدأت اخاف وائل هذا..
نزلت وحوطت يدي بكتفي من شدة البرد.. نزل هوَ بعد ان اطفئ سيارته..
بدأ يمشي أمامي, تاركن اياي وحدي.. خفت ان اتحرك.. لكنه دخل ما بين الاشجار وشعرت به يبتعد.. ويختفي امام ناظري
أحسست وكأن المكان بدء يضيق من حولي وسمعت اصوات, لهذا مشيت الى حيث توجه هو بخطوات سريعة لعلي الحقه..
ثم رأيت ضوء بعد ان دخلت ما بين الاشجار وأتضحت لي الرؤيا حين رفعت رأسي, كان ضوء القمر..
أنزلت رأسي ببطئ لارى اجمل مكان لدي.. البحر.. نعم لقد اتى بي وائل الى البحر..
رأيته يقف بعيداً قريب من ماء البحر وهو متكتف ومن ثم وضع يده على شعره واعاده الى الوراء بسبب الهواء..
التفت يميناً و شمالاً, رأيت بعض الناس جالسة.. تعجبت, الهذا الوقت يجلسون هنا وبهذا البرد؟
جلس وائل على الرمال دون ان يعبئ شيئاً التفت الى الوراء وقال: سنتأخر.. لهذا أفضل لو تجلسي..
نتأخر ولما؟ ولكني لم اسأله وجلست بعيدة عنه على صخرة صغيرة.. بعد ان نضفتها من الثلج بيدي..
ضحك بأستهزاء وقال: لا تخافي.. لن اعضكِ..
نظرت اليه بغضب وأدرت بوجهي الى البحر أتأمله.. ولكني شعرت بنظراته تخترقني وتزعجني..
بعد عدة دقائق مللت صمته.. كنت اكلم نفسي, أن بقيتي صامتى يا نسرين فسيبقى صامت هو ايضاً الى الغد..
والدتي ما الذي ستفعله الان؟ حين ترى بأن بنات خالي عادوا بدوني..
بعد صمت دام طويلاً قلت بصوت راكز ولكنه متقطع بسبب البرد: الى متى سنبقى هنا؟
ولماذا آتيت بي الى البحر؟ لا اعتقد بأني طلبت منكَ ذلك..
وائل: الم يعجبكِ المكان؟ الم تتوقفي عن البكاء حين شاهدته؟ الم تهدأي..
قلت بدون تفكير وببراءة: بلى ولكـ
قطع جملتي وقال: أذن اصمتي..
نسرين بغضب: ولماذا تعاملني هكذا؟ وكأني ارتكبت جريمة بحقك..؟
وائل: لقد اخطأتي وفي قانوني من يخطئ لا يسامح بسهولة..!
نسرين والعبرة بدأت تتسلل الى صوتها: وما خطأي أنا؟ لقد اكملت كل شئ في السوق ولم اطلب ان اذهب اي مكان.. ولم افعل اي شئ.. أنت من يزعجني منذ دخولي بيتكم..
وبدأت بالبكاء..
*************************
ما الذي اقوله لها.. هل اقول لها لماذا ازعجها لتبتعد عني للابد.. هل اخبرها بكل شئ؟
دموعها ستحرقني.. لا تحمل رؤيتها هكذا.. ولكن من خوفي عليها.. ماذا افعل.. ماذا افعل.......؟؟
*************************
وائل بأسى على بكاء نسرين ولكن كلمها بحزم: نعم ولكنكِ كنتِ معهن يا نسرين..
ومن الواجب ان تقولي هيا لنعود, ولكن الوضع اعجبكِ ان تذهبي من محل الى محل بدون ان تهتمي او تنصحين اخواتي, ان كانن هن السبب..
سمع جهشي بالبكاء فسألني: والان لماذا تبكين؟
نسرين بغضب: لم ارى احداً يكلمني بهذه الطريقة ابداً في حياتي حتى والــد وسكتت وبدموعها اكملت الاسم..
وائل بصوت هادئ جداً غير صوته الذي كان يكلمني به قبل ثوان: رحمه الله..
وقف وائل وبدأ يمشي متقرباً الى البحر: أعذريني, لم اقصد ان اكلمكِ بعصبية ولكن يا نسرين انا قلت لكم عودوا قبل ان يحل الظلام ولكنكم تأخرتم كثيراً..
حتى ان والدتي ووالدتكِ عادا من السوق وكانوا قلقين عليكم..
بحثوا في المكان المتفق عليه ولم يجدوكم.. هذا ما زاد غضبي ورحت أبحث عنكم ورأيتكم في اللحضة التي خرجتم بها من محل الاكسسوارات..
وذهبتم الى ذلك المجمع الذي يوجد فيه شباب العياذ بالله منهم..
ولم تكترثوا لاحد.. لهذا لمتكِ اكثر من اخواتي لانكِ ابنة عمتي واخاف عليكِ اكثر منهن.. خصوصاً وانتِ جديدة في بلد الغرب..
نسرين وهي تهدأ من نوبة البكاء لديها: لم اكن اعلم.. وهن قالوا لي فقط نشتري البطاقات ونعود..
وائل: الم تستطيعي نصحهن؟ لماذا لم تقولي لهن في يوماً لاحق يا نسرين؟
نسرين بندم: لا اعلم.. وكما سمعت فأن هذا البلد آمن..
وائل وهو يضحك بأستهزاء: وهل تسمين بلاد الغرب آمنة بالله عليكِ؟ أنتِ جديدة هنا يا عزيزتي..
غير نبرته الى الاهتمام: ولا تعلمين بأي شئ.. لهذا اريد منكِ ان تتوخي الحذر في كل خطوة تخطينها وتفكري الف مرة..
والا ستندمين يوماً وستقولين بأن وائل كان معه حق..
أنا لا اخيفك.. قال ذلكَ لان وجهي أختطف لونه وبدأت ارتجف, في الواقع كان بسبب البرد اكثر من كلماته..
مع اني شعرت بكلامه كبير ويحمل الصدق في كل حرف منه.. تمعنت به..
تقدم نحوي وأعطاني الجاكيت الذي كان يرتديه.. نظر الي ثوان..
ابتسم في وجهي وادار وجهه الى البحر و بعد عدة دقائق اكمل بصوت هادئ: أتعلمين يا ابنة العم هذه اول مرة اقول فيها هذا الكلام لاحد..
غاليتي اتصدقين بأني احمل هموم الدنيا على كتفي ولم اذرف دمعة واحدة في هذه البلاد اي بلاد الغرب..
بدأ يركل بالرمال الذي امامة وهو يتحدث: كل مرة اغضب فيها او اكون متضايق أأتي الى البحر, لاشتكي له واحمله ما لدي من هموم واعود الى بيتي باسم الوجه عليل القلب..
لهذا اريدكِ من اليوم ان لا تذرفي دمعة واحدة على اي شئ هنا..
هذه البلاد لا ترحم دموعكِ.. قد تقولين بأنكِ خرجتِ فقط لعدة ساعات ولامكِ وائل واعطاكِ محاضرة..
كأختي رانية او نادية ولكني اقول لكِ هذا الكلام في بداية خطواتكِ هنا في هذه البلاد لكي لا تقعين في الخطأ..
وأي خطأً كان حتى لو بسيط.. لا اريدكِ ان تقفي يوماً وتقولي لم ينصحني احد..
لهذا الان انا انصحكِ في اول يوم لكِ هنا لكي لا تكون لديكِ حجة في يوماً ما..
التفت الي وقال مبتسماً: افهمتي الان سبب غضبي؟
كل الذي كنت احمله على وائل.. الغضب والحقد تغير الى محبة أنبت في قلبي..
من خلال هذه الكلمات التي نطق بها هو.. وايضاً الخوف من المستقبل..
أبتسمت اليه وقلت: أنا اعتذر عن خطأي الغير مقصود واوعدكَ بأنه لن يتكرر..
واشكركَ على نصائحكَ القيمة لي سأحاول دائماً ان اتذكرهم..
اعاد ببصره الى البحر وقال: قبلت اعتذاركِ والشكر لله عزيزتي هذا من واجبي.. التفت الي وقال بصدق: وانا ايضا اعتذر منكِ بسبب حدتي معكِ وان شاء الله لن يتكرر هذا كله..
نسرين: ان شاء الله.. وتسللت بنظري الى القمر ثم البحر بعد ان هدأت نفسي وروحي..
بعد عدة دقائق ضرب وائل على جبهته: لقد نسينا انفسنا الساعة توحي الى الحادية عشر..
نسرين بقلق: يا اللهي والدتي.. خالي.. سيكونون قلقين علي..
وائل بنظرة مضحكة: وانا في اعتقادكِ لن يقلقوا علي؟ (أبن البطة السوداء ههههههههههه)
نسرين بـ ضحكة هادئة: أنه خطأك هذه المرة..
وائل وهو يتوجه من حيث اتينا: هيا لنذهب والعقوبة حول الاسبوع بدون خروج قد رفعت عنكِ.. لاني اعلم بأن اخواتي لن يتحملوا وانتِ ايضاً..
ضحكت بصوت هادئ على طيبته ومشيت ورائه.. ركبنا في السيارة وانطلق هو بسرعة متوجهين الى البيت.. حين وصلنا نزلت من السيارة..
نادى علي وائل.. تقربت من نافذتهِ لاسمع ما يمليه علي.. بدأت احترمه كثيراً..
وائل: لا تذكري الحديث الذي دار بيننا.. وقولي بأننا ذهبنا في جولة بالسيارة.. لا اريد احد ان يعرف عن البحر ارجوكِ..
حين اردت ان اسأل.. قال باللغة الانجليزية:Its our small secret for now!! وابتسم بنعومة..
الترجمة: هذا سرنا الصغير للان..
نسرين: ..And it will be forever. أعدت له ابتسامته بأبتسامتي الباهتة بسبب بكائي قبل ساعة تقريباً..
الترجمة: وسيبقى الى الابد..
توجهت الى البيت وكنت خائفة من مواجهتهم جميعاً.. فتحت باب البيت ودخلت, وائل قال بأنه سيلحقني بعد ان يطفئ سيارته..
حين دخلت رأيت الجميع جالسين ومطأطأين رؤوسهم.. خجلت من نظرة العتاب التي في عين امي..
ام نسرين: اين كنتي؟ ولماذا تأخرتي لتجعلي الكلام ينهال عليكِ؟
نسرين وهي تنزل رأسها: كنت مع وائل, ذهبنا في جولة واعتذرت له بسبـ..
وقطع علي جملتي صوت وائل من ورائي يتحدث: ستكون هذه اول واخر مرة تتأخرون فيها جميعكم.. انتِ يا نادية وانتِ يا رانية وانتِ ايضاً يا نسرين..
كان يتكلم من ورائي..
نسرين ونظراتها الى الارض: ان شاء الله.. وبأشارة من رؤوسنا نادى خالي ابو وائل على وائل واخذه الى غرفته..
وائل: ماذا هناكَ يا ابي؟
ابو وائل بغضب: الم تخجل من نفسك؟ الم تفكر بالله؟
وائل مصدوم: ماذا فعلت؟
ابو وائل: الا تعلم بأن الخلوة مع فتاة اجنبية عنكَ يعتبر حرام وانتَ اخذتها لوحدها؟
وائل بتنهيدة: اولاً يا ابي انا اعلم وحين اخذت نسرين نزلنا في مكان كان يحيط به الناس.. وثانياً يا الغالي انها نسرين ابنة عمتي..
ابو وائل بلوم: حتى لو كانت, كنتم في السيارة اثنين وثالثكما الشيطان..
الم تخف ربكَ.. الم تسمع الحديث (ما اجتمع ذكر وانثى الا وكان الشيطان ثالثهما)؟
وائل بغضب بسيط: يا والدي المعذرة.. ولكن كيف تعتقد باني سأذيها, والله العظيم انني لمتها وتصالحنا لاني جرحتها بالكلام وعدت بها للبيت..
ادار بوجهه كي لا تفضحه مشاعره واكمل: ابي هذه نسرين ليست اي فتاة عادية..
كيف تعتقد بحق السماء اني سأذيها..؟ انها نسرين.. وبدأ يفرك رقبته بعصبية ونرفزة..
ابو وائل: هذه اول واخر مرة تكون معها لوحدك.. الا تعلم بأنها ستصبح زوجة اخاكَ قريباً.. ولو علم نائل بالذي حدث اليوم ستكون كارثة؟
وائل وقد اصبحت عصبيته جنون التفت لوالده بقوة: اعلم بكل هذا.. اعلم..
انا دائماً من يكون الغلطان في هذا البيت والكوارث تأتي من تحت رأسي؟
التفت عن وجه والده, دمعة خانت عينه واكمل: زوجوها ذلكَ الفتى ذو القلب الطيب وأرموا لومكم علي..
وايضاً اعلم يا ابي بأنه لا يهمني ان علم نائل.. ولا اعتقد بأن لديه ذرة احساس او قلب ليشعر بأي شئ من حوله, او يفهم مشاعر الاخرين..
خرج من غرفة والديه بسرعة ولم يأبه لاحد موجود في الصالة وصعد الى فوق وهو يتعدى 4 درجات, متوجهاً الى غرفته المتشاركة مع نائل فيها من قبل..
كنت جالسة بالقرب من والدتي وهي تلومني, كيف اصعد مع وائل وحدي..
كنت اشعر بالذنب كثيراً وتمنيت لو لم اخرج اساساً.. اتمنى فقط لو تعدي هذه الليلة على خير..