يعتقد السلفية بوجوب إفراد الله بالحكم والتشريع أو ما يعرف حديثا بالإسلام السياسي . وأن أحكام الشريعة الإسلامية الواردة في الكتاب والسنة واجبة التطبيق في كل زمان ومكان حسب فهمهم لها. ويعتقدون أن من أشرك في حكمه أحداً من خلقه سواءً كان حاكماً أو زعيماً أو ذا سلطان أو مجلساً تشريعياً أو أي شكل من أشكال السلطة، فقد أشرك بالله. ولكنهم يفرقون بين من كان الأصل عنده تحكيم الشريعة ثم حاد عنها لهوى أو لغرض دنيوي، وبين من أنكر أصلاً وجوب الإحتكام إلى أحكام الشريعة الإسلامية ومال إلى غيرها من الأحكام الوضعية . ولذلك؛ يعتقد السلفيون أن الأيديولوجيات العلمانية التي تحكم اللعبة السياسية في البلدان الإسلامية هي أيديولوجيات غربية مستوردة وغريبة عن روح الإسلام وتعاليمه. ويرفضون الديمقراطية كنظرية سياسية، ويروجون لمصطلح "الشورى" كبديل شرعي إسلامي لها. كما يرفضون كافة المذاهب السياسية العلمانية السائدة، يمينية كانت أو يسارية . ولا يعارض السلفية الانتخابات كآلية للوصول إلى بعض المناصب، ولكنهم يعترضون على بعض تفاصيلها، مثل تزكية المرشحين لأنفسهم، وتساوي كافة أفراد المجتمع في أصواتهم أياً كانت درجة علمهم وانضباطهم السلوكي والأخلاقي . كما يعترضون على الأطر الأيديولوجية التي تتم فيها عمليات الانتخابات في سائر الدول الإسلامية . فلذلك يعزف السلفيون عن المشاركة في أغلب عمليات الانتخابات في الدول العربية والإسلامية.
7- الفقه بين الإجتهاد والتقليد
يعتقد السلفية أن باب الإجتهاد كان ولا يزال مفتوحاً لأهل الإجتهاد والاستنباط ، على عكس بعض الفقهاء الذين زعموا أن باب الإجتهاد قد أغلق ولم يبق للمسلمين إلا التقليد . ويشترطون للمجتهد أن يستكمل شروط الإجتهاد العلمية من معرفة القرآن وتفسيره و ناسخه و منسوخه ومُحكمه و مُتشابهه وأسباب النزول ، ومعرفة الحديث النبوي ومعرفة الجرح والتعديل وعلم الرجال والناسخ والمنسوخ فيه وأسباب ورود الحديث والمحكم والمتشابه والصحيح والسقيم ، ومعرفة علم أصول الفقه ، ومعرفة اللغة العربية نحوها وصرفها وبلاغتها ومعرفة الواقع الذي تطبق عليه أحكام الشريعة ، وأن يكون ممن آتاه الله فطنة وذكاء. والسلفية يحاربون التعصب للمذاهب الفقهية ، ويدعون لتلقي الأحكام مباشرة من الكتاب والسنة قدر المستطاع ، حتى لو خالف ذلك جميع الآراء المذهبية . كما يجيز السلفية التقليد في مواطن عدة. منها الجاهل المحض الذي لا يفهم المقصود من الآية والحديث. كذلك المسائل الإجتهادية التي ليست فيها نص من الكتاب أو السنة صحيح صريح يدل على المعنى بوضوح، فتختلف أنظار العلماء وأفهامهم للنص، وبعضهم يستدل به على قضية، والآخر يستدل به على عكس القضية. فهذه المسائل الإجتهادية الخلافية أيضاً يجوز فيها التقليد. والسلفية يتبعون المذاهب الفقهية المعروفة عند أهل السنة والجماعة. ويكاد المذهب الحنبلي أن يكون مقصوراً عليهم. كما يكثر بينهم إتباع المذاهب الأخرى: الشافعي والمالكي والحنفي. كما يتبع بعضهم المذهب الظاهري .
8- الجهاد
يعتقد السلفية أن الجهاد بموجب أحكام الشريعة الإسلامية هو فريضة كفاية ، قد تتعين على أهل مكان معين أو زمن معين . وأنها فريضة طلب ودفع ، يقصد بها الدعوة إلى الله ونشر كلمته ، كما يقصد بها الدفاع عن المقدسات الدينية وعن النفس والعرض والمال والعقل . ولهذا فقد حرص أئمة السلفية على الدعوة إلى الجهاد و الحث عليه ، كما قاموا بأداء واجبهم الجهادي بأنفسهم في مقاومة أعداء الأمة الإسلامية . ومن الأمثلة المعاصرة على ذلك : الشيخ أحمد عرفان باعث فكرة الجهاد ضد الإنجليز في الهند، والشيخ عز الدين القسام في فلسطين ، والشيخ جميل الرحمن الأفغاني أول من دعى للجهاد ضد السوفيت في أفغانستان .
9- علم الكلام
يؤمن السلفية بأن علم الكلام هو علم دخيل على الإسلام إستمده أوائل المتكلمين من فلسلفة اليونان وحكمة الفرس . وأن طريقة علماء الكلام كالحديث عن الجواهر والأعراض ، والحادث والقديم هي طريقة مبتدعة لم يكن عليها سلف الأمة الصالح ، ولذا فهم يؤمنون بأن علم الكلام لا يصلح لاستنباط أصول الدين ومعرفة الله ، وأن النصوص الإسلامية من قرآن وسنة نبوية فيها ما يكفي من الحجج العقلية والبراهين المنطقية لمجادلة المخالفين ودعوتهم إلى الإسلام . ذهب بعض السلفية إلى جواز استعمال علم الكلام في باب الرد على أهل الكلام ، ولدفع مزاعمهم بنفس طريقتهم ، وإن إلتزموا بطريقة السلف في عدم الاستدلال ابتداءً بالحجج الكلامية لإثبات الحقائق الشرعية ، (ومن هؤلاء الحافظ ابن تيمية، والحافظ جمال الدين المزي). ولكن هذه الطريقة لم تلق قبولاً عند بعض السلفية ؛ الذين منعوا الخوض في علم الكلام مطلقاً (مثل الحافظ الذهبي، والمحدث الألباني .