أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتديات 56 نيوز، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





17-06-2011 08:25 صباحاً
مشاهدة مشاركة منفردة [11]
Galal Hasanin
rating
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 2008-08-27
رقم العضوية : 1
المشاركات : 12108
الدولة : Egypt
الجنس : ذكر
الدعوات : 28
مشاركات مكتبة الميديا: 1033
قوة السمعة : 2896
موقعي : زيارة موقعي
التعليم : جامعي
الهواية : شعر
  
look/images/icons/i1.gif موسوعة أشهر الجواسيس
رجب عبد المعطي ...[/font]
هل انتحر قبل إعدامه...؟
جواسيس الإسكندرية ... حفلت بالكثيرين منهم ملفات المخابرات والجاسوسية ... وكانت ظاهرة لافتة ومحيرة ألقت ظلالاً من الدهشة حول تباين ظروف سقوطهم في مصيدة الموساد .. ويمثل كل جاسوس منهم حالة مختلفة عن الآخر. فبعضهم كان بمقدوره ألا يسقط .. ولكن النفوس الوضيعة والضعيفة .. والطمع، والنمو المبكر لبذور الخيانة، أمور معقدة لا ترتبط مباشرة بقيم أو مفاهيم أو شرف، فهناك مردودات أخرى وترسبات تتفاعل وتنسجم وتصنع في النهاية جاسوساً... ويظل سؤالنا يتردد:
لماذا كثر جواسيس الإسكندرية؟
في الأول من أكتوبر 1937 .. امتلأ منزل الحاج عبد المعطي بلفيف من الأهل والأصدقاء جاءوا يباركون مقدم مولوده الأول "رجب". ولأن الحاج عبد المعطي تاجر مشهور في حي القباري بالإسكندرية فقد انهالت عليه الهدايا من حيث لا يدري. فالمولود جاء بعد انتظار طويل مليء بالقلق والصبر والترقب. وتجارب لا حصر لها مع الأطباء والأدوية. وفي شهر رجب – جاء رجب.
وبعد عدة أشهر حمل الرجل وزوجته أمتعتهما وحطا الرحال بأطهر أرض ورفعا أيديهما عند الكعبة يطلبان من الخالق جل شأنه أن يبارك لهما في رجب ويشكرانه على "عطيته". وشب الوحيد نبتاً طرياً يأكل بملعقة من ذهب كما يقولون... فقد وفر له أبوه كل أسباب الرغد، وجعل منه شاباً خنوعاً مدللاً كان مدعاة لأن يخفق إخفاقاً ذريعاً في الحصول على الثانوية العامة .. ومع عدة محاولات أثمرت جميعها عن خيبة أمل للأب اغتر الابن وأوهم نفسه بأن له من العقل ما لم يملكه غيره... ويستطيع – بدون شهادات – أن يصبح رجل أعمال مشهوراً ينافس عمالقة السوق والميناء ... ووسوس له الشيطان أنه فقط بحاجة إلى فرصة يثبت من خلالها أنه عبقري زمانه الملهم.
حاول الحاج عبد المعطي إفاقة ابنه من سكرة الغرور وإعادته إلى طريق الصوات ففشل. إذ سيطرت على رجب عبقرية كاذبة نشأت من فراغ العقل والثقافة. وصار يحلم ليل نهار بشركة رجب للخدمات البحرية.
ولما امتنع والده عن إمداده بالمال اللازم حتى يتحصن بالخبرة .. مضطراً وافق رجب على العمل في وظيفة كاتب حسابات بميناء الإسكندرية ... إرضاء لوالده. واستغرق في عمله الجديد حتى توسعت مداركه واستوعب الكثير من الخبرة بعد الاحتكاك الفعلي في الحياة.
وبعد ثلاث سنوات من العمل في الميناء .. لم ينس حلمه الكبير ففاتح أباه ... وهذه المرة كان عنده إصرار عنيد على ألا يرجع. فلما عارضه والده بشدة غادر المنزل غاضباً.. وتحت ضغوط الأهل والأصدقاء.. رضخ الأب أخيراً أمام رغبة ابنه وأمده بعدة آلاف من الجنيهات وهو على ثقة من فشله وخسارته. وغمره للمرة المليون إحساس بندم شديد لأنه دلل ابنه وفتح له منذ الصغر خزينة أمواله بسحب منها كيفما يشاء...وتمنى بينه وبين نفسه لو أن الزمن عاد به إلى الوراء فيقوم على تربيته بالشكل الصحيح .. وينشئه فتى معتمداً على ذاته فيشب رجلاً يعرف قيمة العلم والقرش .. ويدرك جيداً أن للحياة ألف وجه ووجهاً.. ولكن ...فات الأوان وحسم الأمر ... !!
من ناحية أخرى كان رجب يدرك ما يدور بعقل والده، وأراد أن يؤكد له كذب ظنه واعتقاده.. فتوسع في أعماله دون خبرة كافية بمنحنيات السوق وتقلباته. وكانت النتيجة المؤكدة خسارة جسيمة مُني بها وفشلاً ما بعده فشل .. وديوناً تزاحمت بأرقامها دفاتره.
وجاءت نكسة يونيو 1967 وتعم حالة كساد ازدادت معها الأمور سوءاً، وحاول رجب باستماتة أن يقوم التيار القوي فخارت قواه وغرق في ديونه... وقام بتصفية الشركة وحزم حقائبه ووجد نفسه على ظهر مركب يشق مياه البحر إلى ميناء "بيريه" في اليونان.
1.[font=Times New Roman] نزل ببنسيون "بروتاجوراس" وحاول جاهداً أن يعثر على عمل لكنه باء بالإخفاق .. فلجأ إلى بحار يوناني يدعى "زاكوس" ربطتهما معاً إحدى سهرات الاسكندرية.. وكذب عليه مدعياً أنه ينجز إحدى صفقاته التجارية واستولى منه على خمسمائة دراخمة وخرب إلى "أثينا" العاصمة حيث ضاقت به المدينة الساحلية الساحرة. ووجد في أثينا أن الحياة بها أكثر ضجيجاً وحركة.
2. وفي بنسيون "زفيروس" جلس يفكر فيما وصل إليه من حال سيئة: لقد مر به شهر تقريباً ولم يعثر على عمل بعد. إنه الآن عاطل ينفق ليعيش... وعما قريب ستنفذ دراخماته فماذا سيعمل؟ هل ضاقت به الحياة أيضاً في أثينا؟
3. مئات من المصريين جاءوا إلى اليونان يعملون في أي شيء وكل شيء.. لكنه يبحث عن عمل من نوع آخر يتناسب وعبقريته. وكثيراً ما حدث نفسه قائلاً "لا أحد يفهمني في هذا العالم"... لقد صور له خياله أنه مضطهد .. ومعظم عباقرة العالم اضطهدوا أيضاً قبله وها هو يواجه قوى الاضطهاد التي تطارده أينما حل وعليه بالصبر حتى يكتب له النجاح.
4. وبينما هو يتجول في شارع "سوفوكليس" التقى بشاب مصري من برديس جنوبي سوهاج يعمل في مصنع للعصائر .. عرض عليه أن يعمل معه في قسم التغليف لكنه أبى بشدة أن يعمل بوظيفة تافهة كهذه.. واستعرض له سيرة حياته السابقة في مصر... فما كان من الشاب الصعيدي إلى أن نصحه بالعودة إلى الإسكندرية لكي لا يقع فريسة سهلة في قبضة المخابرات الإسرائيلية... التي تتصيد الشباب المصري العاطل في اليونان وتغريه بالعمل معها مقابل مبالغ كبيرة. وسخر رجب في داخله من نصيحة الشاب له بالعودة... فقد كان والده يعاني الأمرين من حجم الديون التي خلفها له ومن مطاردة الدائنين في المتجر كل يوم.
تزاحمت الأفكار في رأسه وغمرته إحساسات اليأس من صلاح أمره في أثينا .. والخوف من العودة يجر أذيال الخيبة والفشل .. وداهمه شعور بالضآلة وقال لنفسه "لن أيأس .. لن أستسلم أبداً مهما حدث".
أيقظته دقات الباب من أفكاره. وكان الطارق موظف حسابات البنسيون. فطلب منه إمهاله عدة أيام .. وما كانت جيوبه تحوي سوى دراخمات قليلة لا تكفي لأسبوع واحد إلا بالكاد.
هرب منه النوم واختنق صدره واهتزت أمامه الرؤى وعندما تذكر مقولة الشاب الصعيدي "المخابرات الإسرائيلية تدفع الكثير" قال لنفسه "لن أخسر أكثر مما خسرت" وأمسك بالقلم ليكتب:
Ø السيد المبجل / سفير دولة إسرائيل في أثينا
Ø أنا موظف مصري أقيم في بنسيون زفيروس. ضاقت بي الدنيا وظلمتني في الإسكندرية وفي أثينا. قال لي البعض إنكم تمدون يد المساعدة لكل من يلجأ إليكم وأنتم الملجأ الأخير لي. فأرجو أن أنال عطفكم واهتمامكم.
Ø رجب عبد المعطي أثينا 27/12/1967
ولم تكد تمر ثلاثة أيام – حتى فوجئ بمندوب من السفارة الإسرائيلية ينتظره في صالة الاستقبال ..
فاصطحبه إلى السفارة وهناك قابلوه بود وقالوا له:
Ø وصلتنا رسالتك ولم نفهم منها ماذا تريد بالضبط؟
أجاب بصوت يغلفه الرجاء:
Ø أريد أن أعمل في أثينا.
سلمهم جواز سفره وتركوه ثلاث ساعات بمفرده .. ثم جاءوا له باستمارة من عدة صفحات ... تحمل اسم السفارة وشعار دولة إسرائيل .. وطلبوا منه أن يملأها ويكتب سيرة حياته وأسماء أصدقائه وأقاربه ووظائفهم.
وبعدما تبين لهم أنه أمضى ثلاث سنوات في العمل داخل ميناء الإسكندرية... طلبوا منه أن يكتب تقريراً مفصلاً عن الميناء وأهميته الاقتصادية والعسكرية ففعل. واستعرض ما لديه من مظاهر "العبقرية" الفذة في شرح كل شيء عن الميناء بتفصيل مطول... فأذهلتهم المعلومات التي كتبها عن الميناء ... وأدرك ضابط الموساد الذي شرع في استجوابه بأنه وقع على كنز ثمين عليه أن يعمل على استثماره و"حلْب" ما لديه من معلومات.
وفي الحال سددوا حسابات البنسيون كافة ونقلوه إلى فندق "أورفيوس"... وهو ابن ربة الفن الإغريقية .. وأعطوه مائتي دولار أمريكي وتركوه عدة أيام يمر نهاره وهو يغط في سبات عميق ... وفي الليل يتذوق طعم السهر في حانات وكباريهات أثينا المتحررة ... ويصاحب أجمل فتياتها وداعراتها في شارع "ارستيديس" الشهير. وعندما نفدت نقوده تماماً ود لو عاد إليه مندوب السفارة الإسرائيلية ببعض المال ليكمل مسيرة اللهو والسكر.
وحدث ما توقعه وجاءه المندوب بمائتي دولار أخرى... فاستغرق في مجونه وتمنى لو استطاع أن يفعل أي شيء في سبيل أن يحيا حياة مرفهة في أثينا. أغرقته المخابرات الإسرائيلية بالمال حتى اطمأن إلى رجالها.. وكلما نفدت نقوده ذهب بنفسه لمقابلة أبو ابراهيم في السفارة الاسرائيلية يعرض عليه خدمات مقابل الدولارات التي يأخذها. فيؤجل ضابط الموساد الحديث في هذا الأمر لوقت آخر ... وينصرف رجب بالنقود فيرتع بين الحسان عاريات الظهر والنهود هو بينهن يختال اختيالاً.
إن المال والنساء أهم أسلحة أجهزة المخابرات. بل هما الأساس الذي تبني عليه عملية صنع جاسوس أو اصطياد عميل. وأجهزة المخابرات ليست بالسذاجة التي تجعلها تنفق الملايين لاصطياد ضعاف النفوس والخونة الذين يسهل شراؤهم بالمال والفساد... ولذلك أقامت فروعاً لها ومكاتب في الخارج تحمل أسماء شركات وهمية لا نشاط حقيقي لها سوى البحث عن الخونة. ويعمل بهذه الفروع ضباط مخابرات على أعلى مستوى من الخبرة والكفاءة... وتخول لهم سلطات واسعة .. وتحت أيديهم مئات الآلاف من الدولارات... وطابور طويل من السكرتارية والمساعدين الأكفاء ... بخلاف أجمل الفتيات اللاتي اخترن الطريق الصعب وخطون خطوات طويلة من الخبرة والحنكة. فهن يعرفن عملهن جيداً ويبدعن فيه وطريقهن إلى الإبداع يبدأ وينتهي بالجسد. إنه السلاح السحري الذي يقتل مقاومة الهدف... ويحرك فيه غريزته المجنونة التي تحيله إلى إنسان بلا عقل أو إرادة.
والمخابرات الإسرائيلية – الموساد – تفوقت كثيراً في هذه الأمور... وأصبحت أكثر أجهزة المخابرات خبرة في استخدام لغة الجسد... تلك اللغة التي يفهمها الجميع ولا تحتاج إلى مترجم أو قواميس تفسر مفرداتها.. ولكن الذي لا يعرفه أحد... أن الخونة الذين يسقطون في براثن الموساد .. يتحولون في لحظة ما إلى مجرد بهائم تدور في الساقية ... تطاردهم سياط الأوامر والطلبات التي لا تنتهي أبداً.. وأنها تقدر ما تدفع تريد المقابل أضعاف ما دفعته. وعندما يجف معين عميلها تنبذه كالكلب الأجرب وتلقي به في زوايا الذل والنسيان... وتعامله كخائن باع وطنه وأهله ولا قيمة لإنسان فقد انتماءه، وسلك كل المسالك نحو المال واللذة.
لم يدرك رجب عبد المعطي هذه الحقائق بل اندفع بكل ثقله باتجاه المخابرات الإسرائيلية ... وصادق الكثير من ضباطها في أثينا ظناً منه أنهم سينقذونه من شبح الإفلاس الذي تعلق بتلابيبه ولا يود مفارقته. ورحب كثيراً بضابط الموساد – أبو إبراهيم – الذي فوجئ به يزوره في حجرته بالفندق الفخم ... ويحدثه طويلاً عن أزمة الشرق الأوسط والوضع المتفجر في المنطقة بسبب الحروب مع العرب ... وحقهم في أن يعيشوا فوق أرض الميعاد في سلام وأمان ... وأنهم ليسوا شعباً يحب سفك الدماء بل أمة مشردة ضعيفة تسعى إلى العيش في هدوء بلا حروب أو صراعات.
[JUSTIFY]
[size=4]واستعرض أبو إبراهيم في سرد أساطير وأحاجي اللص الذي يبرر مشروعية سرقاته ثم سأل رجب فجأة:
Ø هل ترحب بالعمل معنا لصالح السلام؟
والابتسامة تملأ وجهه ..
Ø بالطبع ... ولكن .. أي عمل بالتحديد؟
أخرج ضابط الموساد الخبير أربع ورقات ذات المائة دولار ودسها في يد رجب وهو يقول:
Ø أنت كثير الأسئلة ... هل تعتقد أننا نريدك سفيراً لنا في مصر؟
Ø إذن .. ما هو المطلوب مني؟
Ø ألا تسأل كثيراً لكي لا أغضب منك .. عليك فقط أن تعرف أننا أصدقاء .. وأن لكل حديث أوان.
هز رجب رأسه علامة على الرضوخ والطاعة ولحقه أبو إبراهيم بسؤال ذا مغزى:
[blockquote]Ø هل لك صديقة في أثينا؟
أجابه على استحياء:
Ø هجرتني فتاة تدعى انكسيميندرا لأنني لا أعرف اللغة اليونانية وقد ضاقت بإنكليزيتي الركيكة.
Ø أوه ... أتقصد تلك الفتاة التي يملأ النمش وجهها؟ دعك منها وسوف أعرفك بفتاة رائعة تتحدث بالعربية وستكون معك ليل نهار في أثينا.
تهلل وجهه وارتفع حاجباه دهشة وقال:
Ø أين هي؟ أريدها حالاً...
Ø ستكون إلى جوارك في الطائرة أثناء رجوعك من تل أبيب.
بهت رجب ووقف فجأة كالملسوع وقال بصوت متلعثم:
Ø تل أبيب؟
Ø نعم ... !!
بسرعة قالها ضابط الموساد بلغة الواثق، وأضاف كأنه يأمره بتنفيذ قراره الذي لا رجعة فيه:
Ø ستسافر إسرائيل بعد عدة أيام .. وفي الغد عليك أن تحضر اجتماعاً مهماً في السفارة لمناقشة خطوات تنفيذ هذا الأمر فهل عندك اعتراض؟
هربت الكلمات وغاصت في قرار عميق ... وأجاب رجب الذي بدا كالأبله لا يضبط خلجاته:
Ø لا ... لا ... أنا لا أعترض ... إنها مفاجأة لي.
Ø عندما كتبنا تقريراً عنك وأرسلناه إلى إسرائيل... طلبوا منا أن نأخذك في رحلة سريعة إلى هناك ليتعرفوا عليك أولاً. وثانياً هناك مفاجأة سارة تنتظرك. وثالثاً: لتختار صديقتك بنفسك من بين أجمل فتياتنا وتصحبها معك إلى أثينا.
سكت رجب ولاحقه أبو إبراهيم:
Ø المخابرات الإسرائيلية إذا أعطت فهي سخية بلا حدود. وإذا غضبت ومنعت فطوفان من الهلاك قادم. وثق يا رجب أننا ودودون معك إلى أقصى درجة .. أعطيناك أكثر من ألف وخمسمائة دولار حتى الآن ولم نطلب منك أدنى شيء. ألا يدل هذا على كرم منا أيها المكار؟، وربت كتف رجب الغارق في ذهوله وهو يقول في لغة ظاهرها الثقة وباطنها التهديد والبطش:
Ø عليك ألا تضيع هذه الفرصة .. انتهزها... واركب قارب النجاة تنج نفسك من الطوفان والهلاك.
وعندما قام ضابط الموساد منصرفاً لم يستغرق رجب في التفكير كثيراً. لقد ثبتت لديه النية واتخذ قراره...ولم يذهب إلى سريره لينام بل خرج ينزف دولارات الموساد على الخمر وجسد داعرة صحبها إلى شقتها وهو يمني نفسه بالجارية الاسرائيلية التي ستكون تحت إمرته. وفي الصباح الباكر كان يقف أمام باب سفارة إسرائيل تعلوه سحابة انكسار وبعينيه بريق خنوع ديّوث باع لحمه لمزايد !!
استغرق الاجتماع به نحو الساعة .. كانوا أربعة من ضباط الموساد في أثينا وخامساً جاء من فيينا كان يبدو أنه أكبرهم دراية بالتعامل مع الخونة وتطويع الجواسيس. طلب من رجب أن يرسم له خريطة الميناء في الاسكندرية وأين يقع مكتبه بالضبط؟!! وفوجئ رجب بماكيت مصغر للميناء دخل به موظفان ووضعاه على منضدة تتوسط الحجرة ..
أخذ رجب يشرح بتفصيل أكثر معلوماته عن الميناء. بل ويحدد أماكن مخازن التشوين التجارية ... ورصيف الميناء الذي يستقبل السفن الحربية السوفيتية... وسفن الشحن التي تجيء بالأسلحة المختلفة من ميناء أوديس السوفييتي على البحر الأسود ... ومخازن تشوين السلاح المؤقتة .. وبوابات التفتيش والمداخل والمخارج.
وهكذا استمر يشرح لهم أسرار الميناء الحيوي، ولم يتركوا أدق التفاصيل إلا وسألوه عنها ثم طلبوا منه الانصراف والعودة صباح اليوم التالي ومعه أربع صور فوتوغرافية وجواز سفره. وبعد أن سلمهم الصور تسلم منهم وثيقة سفر إسرائيلية ذكر بها أنه إسرائيلي من تل أبيب واسمه "دافيد ماشول"... تسلم كذلك تذكرة سفر بالدرجة السياحية – أثينا تل أبيب على شركة العال الإسرائيلية – وأوصله مندوب من السفارة إلى المطار وتأكد من صعوده إلى الطائرة المتجهة إلى إسرائيل.
وعندما جلس رجب في مقعده بالطائرة كان جسده يرتجف بشدة .. وتشوشت أفكاره للدرجة التي أصبح فيها كالمخمور الذي فقد تركيزه واتزانه ... وسرعان ما استعاد ثقته بنفسه وهو يرسم في خياله أحلام الثراء الذي ينتظره ... ووجه الفتاة المليحة التي سيختارها في إسرائيل ... وخطرت بباله فجأة فتاة من بورسعيد اسمها مايسة كانت قد هاجرت مع أهلها إلى المنصورة وتعرف عليها في إحدى الحفلات العائلية وأحبها بسرعة إيقاع عجيبة وافترقا أيضاً بلا وداع. لماذا خطرت بباله في تلك اللحظة بالذات؟ ضحك بصوت مسموع فرمقته سيدة تجلس بالقرب منه بنظرة تعجب وابتسمت .. وأغمض عينيه ثم نام.. واستيقظ والطائرة تحوم فوق مطار بن جوريون تنتظر الإذن بالهبوط.
وعلى سلم الطائرة صافحه ثلاثة رجال .. ثم أدخلوه سيارة مسدلة التسائر كانت تنتظر أسفل جناح الطائرة .. سلكت به اتجاهاً آخر بعيداً عن بوابة خروج الركاب والجوازات ... ووجد نفسه في شوارع تل أبيب لا يصدق عينيه...
وفي بيت يشبه الثكنة العسكرية على أطراف تل أبيب أدخلوه إحدى الشقق المخصصة لأمثاله من الخونة .. حيث كانت تنتظرهم بها فتاة رشيقة صافحته بحرارة .. ورحبت به بالعربية فسره ذلك كثيراً وقالوا له إن "زهرة" ستظل على خدمته طوال إقامته في الشقة.
وتركوه ليستريح بضع ساعات وعادوا إليه ثانية فصحبهم لمبنى المخابرات الإسرائيلية في شارع الملك شاؤل بوسط المدينة .. وكان في استقباله عدد كبير من كبار رجال الموساد. ولعدة ساعات أخضع لتحقيق واستجواب تفصيلي لكل ما كتبه عن ميناء الاسكندرية.
كان الاجتماع مغلقاً على الضباط المختصين والمحللين الذين أدركوا ميوله للنزعة العسكرية .. وكان ذلك واضحاً جداً من خلال إجاباته الحاسمة .. التي تشبه إجابة عسكرية مدعومة بلغة عسكرية بحتة .. وتغلفها تفاصيل استراتيجية دقيقة لا ينتبه اليها الرجل المدني الذي لم يجند بالقوات المسلحة.
وفي ختام الاجتماع أعد له حفل استقبال كبير في إحدى القاعات بالمبنى .. حضره عدد أكبر من ضباط الموساد ورؤساء الأقسام ... وتم منح رجب عبد المعطي رتبة "رائد" في المخابرات الاسرائيلية، ولم يضيعوا وقتهم كثيراً في مظاهر الترحيب.. إذ أعدوه لدورة مكثفة بدأها أحد الضباط بمحاضرة طويلة عن "ذراع إسرائيل الطويلة" .. وأنها تجعل العدو يرتجف رعباً، وتمنح الإسرائيليين القدرة على النوم في هدوء. وأن الموساد نجحت في حل الكثير من مشاكل الدولة اليهودية وهي على استعداد للقيام بمهام أخرى.
[JUSTIFY][blockquote][size=4].. وإن عمليات الموساد ليست على درجة أقل أهمية .. بل هي أساس شهرتها.
وجاء ضابط آخر كانت مهمته تدريبية فنية تتعلق باستخدام الشفرة والاستقبال بواسطة موجات خاصة بالراديو... وبعد أيام أجاد رجب استقبال الرسائل المشفرة وترجمتها بسرعة وكان عليه اجتياز دورة أخرى مهمة .. وجاءته هذه المرة ضابطة شابة تتحده العربية بطلاقة شرعت في تدريبه على كيفية استخدام الحبر السري في الكتابة وقراءة الرسائل المرسلة إليه بالحبر السري أيضاً... وكذلك استعمال شفرة خاصة للمراسلة لا يكتشفها أحد.
استمرت برامج الدورة التدريبية المكثفة خمسة عشر يوماً كانت عصيبة ومرهقة. وبعد أن اجتاز الاختبارات بنجاح مذهل ... رافقته زهرة إلى منتجع خاص آمن يقع على بحيرة طبرية... وهناك أذاقته من لدائن أنوثتها ما حار فيه العقل وأذهل الشعور. قالتها له صراحة إنها هدية له لاجتيازه الاختبارات وتعاونه مع المخابرات الإسرائيلية بإخلاص... بل وأكدت له أنها عبدة له يفعل بها ما يشاء ... وعندما صارحها بأنه يستريح إليها ويود لو صاحبته إلى أثينا وعدته بأن تعرض طلبه على رؤسائها..
[JUSTIFY][blockquote][color=#000066][size=4][font=Times New Roman lang=AR]وفي تل أبيب أخبره الضابط المسؤول بأنه سيعود إلى الإسكندرية مرة أخرى ليعادوا نشاطه السابق في شركة رجب للخدمات البحرية. وأنهم سوف يمدو



الساعة الآن 09:54 PM