صرع الفص الصدغي TLE
عُرف صرع الفص الصدغي TLE في عام 1985 من قبل الإتحاد الدولي ضد الصرع ILAE على أنه حالة تتميز بنوبات متكررة تنشأ بشكل غير مفهوم عن جزئين في الدماغ هما الفص الصدغي وقاع البطين Hippocampus الذي يشبه فرس البحر، كما هو موضح في الصورة.
يكون قاع البطين مسؤولاً عن عمليات التعلم والذاكرة بينما مناطق الفص الصدغي الموجودة أعلى الأذنين والممتدة حتى خلف الرأس تكون مسؤولة عن الذكريات والتذكر والعواطف ولها دور أيضاً في عملية النطق والسماع والإدراك (أي كيف نرى العالم من حولنا).
صعوبة التشخيص
يعتبر الفص الصدغي من أكثر المناطق المسببة للصرع في الدماغ وربما يساء تشخيص حالة المصابين أو حتى لا يتم تشخيصهم به لسنوات ، إذ لا وجود لأعراض فيزيولوجية مثل نوبات التوتر-الإرتجاف الشاملة ، والأعراض قد تشبه إلى حد كبير أعراض مرض الفصام الذهني Schizophrenia.
ما هو مثير للإهتمام بالنسبة للدراسين لأمور ما وراء الطبيعة هو أن يساهم الفهم البسيط لصرع الفص الصدغي في مساعدتهم على إستبعاد العلاقة بين العقل والدماغ التي تكون حاضرة حينما يعايش المصاب ما قد يفترضون أنه " ظاهرة مجهولة خارجية " تحدث على نحو منتظم.
لا زال الصرع حالة غير مفهومة على وجه العموم ، ويفترض دائماً أن الإشارة الوحيدة على هذا الإضطراب هو السقوط على الأرض وتضارب الاطراف وهي أعراض نموذجية نراها في نوبة التوتر-الإرتجاف الشاملة في حين لا يتضمن صرع الفص الصدغي باالضرورة أعراض ظاهرة للمشاهد باستثناء الحالة التي يتحول فيها إلى نوبة شاملة لذلك يصعب تشخيصه.
وحتى يومنا هذا ما زالت ترتكب أخطاء في تشخيص صرع الفص الصدغي فيعتبر ذهان (إختلال عقلي) أو فصام ذهني Schizophrenia أو صداع نصفي (شقيقة) Bi-Polar ولكل من الأمراض المذكورة درجات متنوعة من أعراض مشابهة للصرع .
ولسوء حظ الذين أسيء تشخيصهم سيؤدي إعطائهم لأدوية تعالج الحالات النفسية بدلاً من معالجة تشنجات الصرع إلى التقليل من عتبة حدوث الصرع لديهم مما يزيد في معاناتهم ، حيث تصبح التشنجات أكثر حدوثاً .
البداية والوسط والنهاية
كما ذكر آنفاً يوجد 3 أطوار مميزة للنوبة لا تكون حاضرة في كل الحالات وهو طور التنبيه المعروف باسم Aura النسمة وما يطلق عليه " نوبة جزئية بسيطة" ، ويؤثر فقط على جزء بسيطة من الدماغ ومع أنه كاف للتسبب بأعراض إلا أنه ليس كافياً لتعطيل الوعي وهو يحدث في 80% من نوبات صرع الفص الصدغي TLE
التحفيزات الغير طبيعية قد تتوقف هنا في أشد النوبة إلا إذا تحولت إلى نوبة جزئية مركبة التي تقود بدورها إلى تشنجات تشمل الدماغ بكامله. وهذا يشمل فقدان التركيز والذاكرة لأن عاصفة كهربائية سوف تنتشر في كلا الفصين الصدغيين والمناطق التي تتحكم بالذاكرة والوعي حتى لو دامت فقط لعدة ثواني، عندما يتبع التشنج نوبة جزئية (بسيطة أو مركبة ) فإنه قد يؤدي إلى فقدان القدرة على النطق aphasia وفقدان الذاكرة والشعور بالإزعاج والصداع والتعب .
يوجد دليل أيضاً على تحول في صفات الشخصية يحدث في الفترات التي تتخلل بين النوبات ، مثل ما حدث للفنان فنسنت فان غوخ و دوستفسكي وتينسون حتى أن هذه الحالة تعرف بمتلازمة دوستفسكي أو غيشويند حيث كان ( نورمان غيشويند ) أول من حدد هذا التحول في الشخصية في صرع الفص الصدغي TLE ولاحظ إنشغالاً مضخماً فأفكار دينية وفلسفية من شأنها أن تقدح التفكير المبدع كالكتابة والرسم فتكون حافزاً لا يقاوم للإبداع يعرف باسم هايبرغرافيا hypergraphia . (إقرأ أيضاً عن السيكوغرافيا).
قد تكون آثار النوبات الجزئية معتمدة على منطقة فعالة من الدماغ دون سواها ـ على سيبل المثال: قد ينتج عن حدوث نوبة جزئية في مناطق الإدراك الحسي تجربة حسية معينة كـ هلوسة شمية أو موسيقية أو ومضات ضوئية ، ولكن إن حدثت في المناطق المسؤولة عن التحكم بالحركة Motor Cortex فإن النوبة الجزئية قد تسبب حركة في مجموعة محددة من العضلات مما ينتج عنه حركات لا إرادية مثل الكز على الأسنان أو نتف الثياب .
قد تداهم نوبة الصرع بضعة ذكريات مفاجئة ورؤى وسماع أصوات ، شعور متزايد بالقلق أو المرح ، وفي بعض الأحيان يكون له طابعاً دينياً . وقد يتخللق ذلك لحظات مزعجة من الحركات اللاإرادية ونذكر على سبيل المثال حالة فنسنت فان غوخ الذي قطع جزء من أذنه بينما كان يعاني من نوبة جزئية مركبة ، وهو أمر لم يكن واعياً له خلال حدوثه.
خطأ النظرة الإجتماعية
كان الاعتقاد السائد لدى الناس في القدم بأن النوبة تنشأ عن الجن و مس الأرواح الشريرة، في الواقع مرض الصرع كغيره من الأمراض لأن له أسباب عضوية ، ولا علاقة له بالقوى الخفية بقدر علاقته بالجسم و ما يحدث فيه من تغيرات، و تحديدًا التغير في كهربية المخ و إنتظام الإشارات العصبية ، ومن الجدير بالذكر أن الصرع لا يحدث نتيجة لتصرّف أَو فعْل سيئ من الإنسان أو نتيجة لتصّرف حدث في الماضي.
ويمكننا القول أن حياة المريض تنقلب رأسًا علي عقب، ليس بسبب المرض لكن بسبب نظرة المجتمع و الناس، التي يكتنفها كثير من الجهل، و تحوطها الخرافة.
و بسبب الفهم الخاطئ لحالة الصرع و الأسباب المؤدية له يعاني الأشخاص المصابون بالصرع من العزلة الاجتماعية فالمجتمع ينظر إلى مرضى القلب و الربو و الأمراض المزمنة الآخرى بالرأفة و العطف و الاستعداد للمساعدة، و لكنه ينظر للمصابين بالصرع بالريبة و الشك والخوف فيتجنبهم و يجعلهم في عزلة عنه.
ونتيجة لتلك النظرة يضطر المصاب بالصرع أو أقاربه الابقاء على حالته سرًا و في طي الكتمان قدر الامكان تجنبا لتلك النظرة الاجتماعية الخاطئة. هذا بالاضافة إلى انتشار الفكرة الخاطئة عن الصرع بأنه شديد الأثر على المصاب و أنه قد يؤدي للوفاة إلا أن واقع الأمر أن الصرع مثله مثل باقي الأمراض الجسدية الأخرى فمنه الخفيف و المتوسط و القليل منه الشديد و مع تطور الطب بدأ العلماء التعرف على جوانب كانت مجهولة في وظائف المخ و كيفية حدوث الصرع و ما زالت هناك جوانب أخرى يجهلها الانسان.
تسمية " الصرع " وتأثيرها على المريض وعائلته
اشتقت كلمة الصرع من مادة "ص ر ع"، و حسب القاموس المحيط فإن الصَّرْعُ، ويكسرُ، هو الطَّرْحُ على الأرْضِ، و لأن أعراض الصرع العام الذي كانت تعرفه العرب تشتمل علي الطرح أرضًا من شدة التشنجات، فقد اشتق اسم الداء منها.
وربما كانت تسمية الصرع بهذا الاسم أحد الأسباب التي جعلت منه كابوسًا على المرضى، فوقع الاسم واشتقاقاته اللغوية كلها تعني الإذلال أو الوقوع أو فقدان السيطرة، و من هنا ينادي بعض الأطباء بتغيير هذا الاسم لاسم آخر، يعبر عن الحالة و في الوقت ذاته لا يجرح مشاعر المرضى أو يستثير مخاوف من حولهم، و لعل أحد هذه المحاولات ما نعرفه جميعًا من إجابة الطبيب بأن المريض " مصاب بزيادة في كهرباء المخ " بدلاً من إن يقول إنه " مصاب بالصرع ".
أسئلة شائعة عن الصرع
1- هل الصرع إختلال عقلي؟
لا ، الصرع والتخلف العقلي حالتين مختلفتين ولكن قد تؤدي أحياناً إصابة قوية في في دماغ إلى حدوث كلا الحالتين.
2- ما هي أسباب الصرع ؟
لا يوجد سبب واضح لحدوث الصرع ، ولكن قد يكون أحياناً ناجماً عن إصابة شديدة في الرأس في الكبر أو حمى شديدة في الصغر ، كذلك فإن تعاطي المخدّرات أو إدمان الخمر يمكن أن يكون له صلة بحدوث نوبات الصرع ، وقد يؤدي الإجهاد إلى حدوث حالات تشنّج عند بعض الناس وليس في كل الحالات ، وغالباً ما يؤدي عدم تناول الأدوية التي تعالج الصرع بانتظام إلى حدوث تشنجات. وقد يسبب أحياناً التعرض المفرط للأضواء البراقة والحرارة تشنجات.
قد يكون للصرع سبباً وراثياً إذ يظهر باحتمال 20% في الأولاد إن كان أحد الوالدين مصاباً به في وقت من حياته ، ويظهر بنسبة 5% عند الأولاد إذا حدث لأحد الوالدين حالة صرع ناجمة عن أذية في الرأس، لكنه في أغلب الأحيان يحدث بدون حدوث حالة مماثلة في العائلة.
3- هل الأشخاص الذين يعانون من الصرع أكثر انفعالية من الآخرين ؟
لا ، لكن الحياة قد تكون صعبة عليهم والأشياء التي حدثت لهم قد تجعلهم أكثر إنفعالاً.
4- هل من الأفضل أن يبقى الأشخاص المصابون بالصرع في المنزل وأن يلتزموا الهدوء ؟
لا ، يجب أن يخرجوا إلى معترك الحياة، الشخص النشط والذي يعمل قد لا تحدث عنده حالة تشنّج.
5- هل للصرع فئة عمرية محددة ؟
لا ، لكن غالباً ما يصيب الأطفال، أو كبار السن فوق الخامسة و الستين، لكن هذا لا يعني أنه مقصور علي هذه الفئات، فأي شخص في أي مرحلة عمرية معرض للإصابة بالصرع.
6- هل تؤثر التشنّجات على الدماغ ؟ وهل يمكن أن تسبب الوفاة ؟
أغلب التشنّجات لا تؤثر على الدماغ إلا إذا استمرت لمدة طويلة، وحالة الوفاة نادرة الحدوث وتكون ناجمة عن الأخطار أو الحوادث التي تقع لحظة حدوث النوبة في وقت غير متوقع فيه حدوثها وفي وضع شديد الخطورة.
7- هل يوجد دواء ناجع للشفاء من الصرع ؟
لا ، ولكن الأدوية توقف التشنجات أو تخمدها إذا تناولها المريض بانتظام وحسب إرشادات الطبيب ، وبعض الناس قد يعالج بغذاء خاص أو جراحة مخ إذا لم ينجح الدواء في السيطرة على الصرع. وهذه الأدوية المهدئة و التي تصنف كأدوية "سيطرة" على الأعراض، تحقق نجاحًا كبيرًا، و ربما تصل بالمريض إلى مستوى يقترب من الشفاء الكامل.
8- كم هي النسبة التي تعاني من الصرع ؟
حوالي 1% من سكان العالم أو حوالي 50 مليون نسمة .
الامور الواجب اتباعها عند حدوث حالة تشنج للمصاب
1- كن هادئاً و حاول تهدئة الآخرين.
2- ضع شيئاً ليّناً و مستويٍ تحت رأسه.
3- يجب إبعاد الأشياء التي قد تصطدم برأسه.
4- إذا كان يلبس ربطة عنق أو طوق حاول أن ترخيها وتفسخها.
5- ضع المريض على جنبه حتى يخرج العاب و لا يسبب له اختناق في التنفس .
6- لا تضع أي شيء في فمه .
7- لا تحاول أن تدفع لسانه بملعقة أو أي أداة أخرى إذا هو ليس معرضاً لخطر ابتلاع لسانه.
8- لا تحاول أن ترمي على وجهه ماءً أو تعطيه ماءً ليشرب.
9- أبق معه حتى يستعيد و عيه و ينتظم تنفسه.
10- أعرض عليه المساعدة لإيصاله لمنزله إذا كان لا يستطيع التوصّل إليه. بعض الأشخاص يصبحون غير مدركين بمن حولهم بعد حالة التشنّج.
11- اتصل بالإسعاف بسرعة إن لم تتحسن حالته أو غاب عن الوعي ، فالتشنجات عادة تدوم لعدة ثوان.