* المعنى اللغوي
لغويا : الفلسفة كلمة يونانية قديمة تتركب من مقطعين "فيلو " بمعنى حب " وصوفيا " بمعنى الحكمة وبالتالي فهي تعني حب الحكمة والفيلسوف هو " محب الحكمة "
ولكن ما معنى الحكمة ؟
* معنى الحكمة
" هي المعرفة العقلية الراقية .. وهى الإدراك الكلي لحقائق الوجود .. وهى التفكير التأملي الذي يتصدى للمشكلات " وقد تعددت تعريفات الفلسفة من فيلسوف إلى آخر ومن مجتمع إلى آخر ومن عصر إلى آخر للأسباب الآتية :
* أسباب تعدد تعاريف الفلسفة
أ - لأن الفلسفة تتسم بالطابع الفردي فلكل فيلسوف وجهة نظره الخاصة في تفسير الوجود .
ب - تعتمد الفلسفة على التجارب الشخصية وظروف حياة كل فيلسوف ومجتمعه وعصره
على الرغم من تعدد هذه التعريفات الا أنها لا تخرج عن الإطار العام لمعنى كلمة "فلسفة" وهو حب الحكمة والبحث عن المعرفة الكلية والحقيقة المطلقة بالتأمل العقلى المجرد.
* المعاني والتعريفات العامة للفلسفة
* التعريف الأول
الفلسفة هي علم المعرفة الكلية المطلوبة لذاتها فهي ليست علماً جزئياً خاصاً يدرس الحقائق الجزئية للوجود كالصوت والضوء في الطبيعة أو سلوك الإنسان في علم النفس..وإنما هي تهتم بكل ما يثيره العقل من مشكلات كلية تنصب على الوجود؛
مثل ماهية الإنسان ، مشكلة الحرية ، الشك واليقين ، الإلزام الخلقي وغيرها من المشكلات ذات الطابع العقلي وقد تطرف بعض الفلاسفة القدماء واعتبر أن هذه المعرفة الكلية تكون في العادة مطلوبة لذاتها باعتبارها متعة عقلية للإنسان دون الممارسة العملية والمنفعة الشخصية .
* التعريف الثاني
الفلسفة هي علم المبادئ الأولى فالطبيعة العقلية للفيلسوف تجعله لا يقنع بالمبادئ القريبة والعلل المباشرة في تفسير مختلف ظواهر الوجود؛لأن هذه العلل المباشرة مادية تحتاج في دراستها إلى الحواس والمنهج التجريبي *وهذه كلها لا تصلح مع الفيلسوف الذي يستخدم التأمل العقلي مستهدفا إدراك المبادئ الأولى والعلل البعيدة التي هي بطبيعتها عقلية مجردة
مثال: لا يكتفى الفيلسوف بمعرفة السبب المباشر لنمو النبات (الماء- الهواء -الشمس ) بل يريد ادراك العلل البعيدة نحو النبات والحيوان والإنسان وكل الكائنات الحية الأخرى.
* التعريف الثالث
الفلسفة وجهة نظر عقلية خاصة تجاه ظاهرة معينة *وعادة ما تكون وجهة النظر هذه نابعة من خبرات الفرد وحياته الخاصة وظروف المجتمع الذي يعيش فيه ،وهو يؤيد وجهة نظره بكل الأدلة العقلية الممكنة ،والتي قد يختلف فيها فيلسوف عن آخر .. وكل منهما على صواب طالما يدعم رأيه و وجهة نظره بالأدلة والحجج والبراهين العقلية. وقد تؤثر وجهة نظر الفيلسوف فى سلوكه اليومى طوال حياته.
مثال: ظاهره الخير و الشر عند الإنسان فقد يدلى فيلسوف بوجهة نظره فيها مقدما الأدلة العقلية الممكنة ثم ياتى فيلسوف اخر بوجهة نظر مخالفة لرأى الفيلسوف السابق ومدعما أيضا بأدلته العقلية الكافية .
* تحول موضوع الفلسفة من كل المعارف إلى بعض المباحث
كانت الفلسفة في العصر اليوناني القديم والمسيحي والإسلامي الوسيط وحتى اوائل عصر النهضة الأروبية " علم العلوم " حيث كان الفلاسفة يبحثون في كل فروع المعرفة الإنسانية بالأسلوب الفلسفي التأملي .. ولكن مع بداية عصر النهضة انفصلت مجموعات من العلوم عن الفلسفة مثل العلوم الطبيعية التي استخدمت المنهج التجريبي - والعلوم الرياضية التي استخدمت المنهج النحليلي ..
ويرجع ذلك لعدة أسباب وهى :
اسباب انفصال المجموعات
1- عدم ملاءمة منهج الفلسفة التأملي مع طبيعة تلك العلوم .
2- اكتشاف المنهج التجريبي
3- انتشار مبدأ التخصص
وبقيت للفلسفة ثلاثة مباحث رئيسة وبعض المباحث الفرعية وهي :-
* المباحث الفرعية للفلسفة
تهتم بدراسة وتحليل أصول كل علم للوصول إلى مبادئه العامة مثل :
فلسفة الدين
تهدف إلى كشف حقيقة الإيمان بالله وتدعيمه بالأدلة العقلية والحجج المنطقية بصرف النظر عن نوع الدين .
فلسفة القانون
تبحث في الأسس العامة للقانون وارتباطه بالأخلاق والحرية دون النظر لقانون دولة معينة .
فلسفة التاريخ
تهدف إلى كشف القوانين العامةوالمبادئ الأساسية التي تحكم سير الأحداث ولا تهتم بسرد وتقرير وقائع التاريخ الجزئي .
خصائص الأسلوب الفلسفي مقارنا بالأسلوب العلمي .
*التكامل بين الفلسفة والعلم
رغم الاختلاف بين الفلسفة والعلم في الموضوع والمنهج والهدف إلا أن التكامل بينهما أمر هام وضروري (علل)
لأن الحياة لها الجانب المادي الذي يختص العلم بدراسته .. كما أن لها الجانب المعنوي الذي تهتم الفلسفة بدراسته .. وبما أن الوجود مزيج من المادة والروح فلابد أن يتكامل العلم مع الفلسفة في كشف حقائق هذا الوجود .. كما أن للفلسفة دوراً هاماً في الارتقاء بحياة الفرد والمجتمع وسيتضح ذلك في الفصل القادم -إن شاء الله- وهى بذلك لا تتعارض مع العلم بل تتكامل معه في منظومة متناسقة .
* الفلسفة وسيلة لتحقيق غايات إنسانية واجتماعية
إن الفيلسوف عضو فى جماعة يتأثر بأحداث مجتمعه ويؤثر فيها وهو بنظرته العميقة للأمور وتحليله المستمر للمبادئ الأولى والعلل البعيدة لمختلف ظواهر المجتمع- يصبح أكثر استيعابا لأحداث المجتمع عن غيره من الأفراد العاديين. من هنا أصبح الجهد الفلسفى أكثر ارتباطا بالبحث فى مشكلات الإنسان والمجتمع عن البحث فى مشكلات الكون
* أهمية الفلسفة بالنسبة للفرد
1 - إثارة الوعى الفردى وتعميقه
إن الوعى الفلسفى يدفع الفرد للتأمل في حياته بطريقة أكثر عمقا وإدراك ماهية نفسه ، وحدود حريته ومكانته في الوجود بصفة عامة والمجتمع بصفة خاصة .
2- الارتفاع بالمستوى العقلي للفرد في حل المشكلات لأن دراسة وجهات نظر الفلاسفة في مختلف مشكلات الحياة ومعرفة آرائهم في حل المشكلات يزيد النضج العقلي للفرد ويجعله قادراً على حل مشكلاته بطريقة أفضل .
3- تأكيد الإيمان والثقة بقدرة الله
فالفلسفة تهدف إلى تأكيد إيمان الإنسان بالله على أساس اقتناع عقلي بدلا من المسلمات الموروثة*والبرهنة على وجود الله بالعقل .. فهي ليست كفرًا وإلحادًا كما يدعي بعض المتعصبين .
* ارتباط الفلسفة بتقدم الجماعة
كما تتضح أهمية الفلسفة في الارتقاء بالمجتمع وتقدم الجماعة عن طريق :
ما هى اسباب اهمية الفلسفة فى الارتقاء بالمجتمع و تقدم الجماعة؟
1- الارتقاء بالمجتمع ككل
لأن نضج عقلية كل فرد في المجتمع يؤدي إلى الارتقاء بالمجتمع ككل *فالمجتمع ما هو إلا مجموع هؤلاء الأفراد..طالما أن هؤلاء الافراد على قدر راق من التفكير النقدى الذى تغرسه فيهم دراسة الفلسفة ، وحيث يمكن الاستفادة من تلك العقول الناضجة من تنظيم مختلف شئون الحياة فى المجتمع .
2- كشف مشكلات المجتمع
يُعَدَّالفلاسفة *مصلحين اجتماعين مهمتهم الكشف عن مشكلات المجتمع وتحليلها والبحث عن أسبابها البعيدة ومحاولة إيجاد حل لها ومن الأدوار البارزة التي توضح جهود الفلاسفة في هذا المجال .
سقراط : تقصدى للسوفسطائيين فى مجتمع اليونانى .
الإمام الغزالي : الذي تصدى لانحرافات الشباب وحاول نشرالدعوة إلى الدين
جون استيوارت مل : الذي ساهم في تطوير المجتمع
الإنجليزي وحل مشكلاته الاقتصادية من خلال نظرياته عن المنفعة والحرية .
3- تحديد الإطار الفكري ( الأيديولوجي ) للمجتمع
إن السلوك العام للأفراد في أي مجتمع ليس عشوائيا وإنما يقوم على أسس فكرية تنظمه وهى تختلف من مجتمع لآخر حسب ظروفه الخاصة وهى تمثل البناء النظري لهذا المجتمع والذي يمكن من خلاله فهم السلوك والممارسات اليومية للأفراد واستخلاص هذا الجانب النظرى وتلك الأسس الفكرية للحياة العملية فى المجتمع يعتبر من صميم عمل الفلاسفة ورجال الفكر.
* الفلسفة والدعوة للسلام العالمي
1- الحروب العالمية والحاجة إلى السلام أدى قيام حربان عالميتان فى القرن العشرين بين شعوب العالم إلى الحاجة إلى الدعوة للسلام
وهذا هو دور الفلاسفة باعتبارهم ممثلين ضمير العصر .
2- جهود الفلاسفة في الدعوة للسلام
كانط دعا إلى قيام ما يشبه هيئة متحدة لأمم العالم تتعاون على حل المشكلات سلميا بين الشعوب المتحاربة في كتابة " مشروع للسلام الدائم "
كارل ياسبرز : طالب الفلاسفة والعلماء ورجال السياسة بالتصدى لخطر القنبلة الذرية الذى يولد الخوف والقلق ويؤدى الى تقييد الحريات واضطراب فى السلوك والعمل .
برتراند راسل : ندد بالخطر النفس والاجتماعى للتهديد بالقنبلة الذرية ورأى أن السلام العالمى لن يتحقق إلا بحرية الشعوب وهاجم سياسة بلاده الاستعمارية أثناء العدوان الثلاثي على مصر* وأقام محكمة رمزية للسلام تحاكم مجرمي الحرب .
جان بول سارتر : عارض سياسة فرنسا الاستعمارية ، و طالب باستقلال الجزائر وربط الدعوة للسلام بفلسفته في الدعوة للحرية الفردية .. لأن السلام هو الحرية .
خصائص الشك وعلاقته باليقين
* مشكلة الشك واليقين
هي جزء من مبحث المعرفة وتدور حول مدى إمكان قيام معرفة يقينية بالعالم الخارجي وهل هذه المعرفة اليقينية ممكنة أم أننا عاجزون عن الوصول إليها ؟
يرى بعض الفلاسفة أننا لا نستطيع ذلك 00 وهؤلاء هم أصحاب مذاهب الشك 0
والسؤال الآن ما المقصود بالشك ؟ وما المقصود باليقين ؟ وما هي خصائص كل منهما ؟
* تعريف الشك
عرف المفكر الإسلامي الجرجاني الشك بأنه " التردد بين النقيضين دون ترجيح لأحدهما على الآخر "
وقيل "هو ما استوى طرفاه "
وقيل " هو الوقوف بين طرفين لا يميل القلب لأحدهما "
* خصائص الشك
1- توقف الشخص الشاك عن إصدار أحكامه بالقبول أو الرفض
2- قدرة الشخص الشاك على الاختيار والانتقاء بين النقيضين لكنه يرفضهما معا وبدون هذه القدرة لا يعتبر الموقف شكاً بل عجزاً 0 )علل(
3- إن الشك يعبر عن الحرية الذاتية للفرد لان للإنسان الشاك قدرة على الاختيار ولكنة يرفض الطرفين او النقيصين معا 0
4- الشك موقف عقلي واع واتجاه فلسفي يتخذه صاحبه بعد تفكير عميق وهو ليس جهلاً
* تعريف اليقين
هو الإقرار بصحة موقف معين بعد التأكد من صواب الأدلة المدعمة لهذا الموقف 0
* خصائص اليقين
1-اليقين انحياز واضح وصريح لأحد أطراف المشكلة وترجيحه بالأدلة الكافية على غيره من الأطراف
2-اليقين هو القدرة على الاختيار وعلى إثبات صحة أحد النقيضين والانحياز له بالأدلة والبراهين بمعنى أن اليقين يتسم بالحرية في الاختيار 0
* الشك المذهبى
و هو يتصف بالخصائص الآتية :
1- مذهبى لأن صاحبه يتخذه مذهباً له فى حياته.
2- دائم لأن صاحبه لايفكر فى تغييره بعد أن اقتنع به.
3- هدف فى ذاته فإذا كان مذهباً عند الشخص و دائم لا يتغير فقد أصبح هدفاً فى ذاته .
4- يؤدى إلى الشك فما دام هدفاًفى ذاته فإنه لا يؤدى إلى نتيجة جديدة .
5- هدام و هذه نتيجة حتمية للخصائص السابقة حيث لابد من أن يتصف بالهدم دون البناء .
* الشك المنهجى
وهو يتصف بالخصائص التالية:
1- منهجى لأن صاحبه يتخذه منهجاً له فى التفكير دون أن يتمسك به كمذهب .
2- مؤقت لأنه ينتهى بإنتهاء الهدف منه وهو الوصول إلى اليقين .
3- وسيلة لا غاية فهو وسيلة مؤقتة لتحقيق أهداف أبعد منه وأعلى.
4- يؤدى إلى اليقين حيث اليقين هو الهدف الأساسى الذى نسعى إليه من استخدام الشك المؤقت .
5- بنَّاء لأنه يستهدف اليقين فهو إذن نافع للفرد و المجتمع .