توجهت نسرين الى المطبخ لم تجد احداً به حمدت الله, وهنا سقطت دموعها دفعة واحدة..
امسكت بالكرسي وهي تعظ شفاهها تحاول ان تتماسك والدموع تتطافر من عينيها بغزارة, ضربت الكرسي بقبضة يدها وقالت ما بين اسنانها: ما الذي يحدث؟ لما هذا يحدث لي انا؟
لم تشعر بالعيون التي كانت تراقبها بتعجب من باب المطبخ..
نائل وهو يتقدم اليها بأهتمام, مذهول من شكلها: نسرين ما بكِ عزيزتي؟
شهقت نسرين, فـ نائل اخر من تريد رؤيته, أتسأل عن حالي وانت سبب تعبي وصراعي؟
أحببتكَ قبل ان اراك.. لم اخونك حتى بأفكاري.. تخيلت حياتي معكَ فقط, تعلقت بكَ وانا لا اعرفك..
بـ جفاك هدمت احلامي وجعلتني مع صراع لا ينتهي.. ليت والدتي لم تخبرني يوم بأنني محيرة لكَ وانتَ محير لي..
نظرت اليه بعيون غارقة في دموعها والحزن يغلفها, لم تمنع نفسها من ان تسأله: لماذا تسأل أيهمكَ امري؟
نائل وهو متعجب من حالتها وحزين ايضاً على شكلها المدمر: كيف لا يهمني امركِ الستِ ابنة عمتي؟
آه خنجر اخر تطعنني به دون ان تعلم, الاول نظراتكَ الحزينة لي كلما رايتي والان حتى كلمة خطيبتي لا تستطيع ان تقولها..
كيف يقولها ونحن لم نخطب بعد ولم يفتح الموضوع اصلاً.. ان شاء الله لن يتم طرحه ابداً.. لا اريد ان تنهدم احلامي وحبي بعد كل هذه السنين..
الافضل ان يكون معلق مع روحي هكذا.. لا اعلم حقاً ماذا اريد, لا اعلم..
نسرين بصوتها الباكي: لا داعي لان تهتم لامري.. لديكَ الكثير من تهتم لامورهم..
خرجت مسرعة الى فوق الى حيث غرفة جدتها تبكي على راحتها وعلى حبها الضائع..
**************************
أشعر وكأنني انا سبب دموعها هذه.. ضرب على قلبه بقوة ولكن ماذا افعل بهذا؟
أأرميه والبس واحداً اخر كما فعلت سابقاً؟ أفضل الموت على ان ارى دمعة من عيني ابنة عمتي اليتيمة..
كيف لي ان افعل هذا بحب طفولتي؟ كيف؟ انا حائر.. هل اختار سعادتي, ضحك على نفسه هاه سعادتي..
ام اختار سعادتها.. ام سعادته؟
خرج من المطبخ وهو مهموم توجه الى الصالة الكبيرة ليسلم على الجميع فقد سمع اليوم بأن بيت ابو خالد قادمين لذلكَ اتى مبكراً ليراهم..
سلم عليهم جميعاً وخرج ليسلم على خنساء..
دخل نائل بعد الـ احم احم..
خنساء وهي تعرف صاحب هذا الصوت الذي أمتلكها..
حبيب قلبها قد وصل.. عدلت حجابها وقالت بدلاً عن اخواته بدلع: تفضل..
نائل وقلبه يخفق بسرعة عجيبة: السلام عليكم..
خنساء + رانية + نادية: وعليكم السلام..
اكملت خنساء: ورحمة الله وبركاته..
بادرت في السؤال عن صحته قبله بدلعها المعهود: كيف حالك نائل؟ أسأل الله ان تكون بخير..
نائل وهو ينظر اليها والى جمالها الذي سلب عقله: بخير سلمكِ الله وانتِ؟
خنساء بدون خجل مما جعل رانية + نادية يفورن في مكانهن: بعد رؤيتكَ اصبحت بخير..
نائل يريد الهرب من نظراتها التي تجعل عقله يضطرب: دوماً ان شاء الله..
خرج عنهن بعد ان نادى نادية, فـ هي اقرب اليه من رانية, لان رانية متعلقة بـ وائل اكثر..
نائل بقلق: نادية لقد رأيت نسرين في المطبخ وهي.. (سكت لم يشأ ان يخبرها بانها تبكي) فأكمل: وهي ليست بخير.. صعدت الى فوق, اذهبي والقِ نظرة عليها..
نادية متعجبة من اهتمام نائل المفاجئ بـ نسرين, وبقلق على ابنة عمتها: ما بها نسرين الم تسألها؟
نائل بحيرة ونظراته تائهة في الارض: لا اعلم ما بها.. لا اعلم.. اذهبي الان..
نادية وهي تشك بأن الامر متعلق بكلام خنساء: حسناً.. ان شاء الله سأدع رانية تصعد اليها, وسأجلس انا مع خنساء..
نائل ارتاح قليلاً: اوكي.. اراكِ لاحقاً وذهب متجهاً الى الطابق العلوي الى حيث غرفته وبسبب قرب غرفته على غرفة جدته, سمع صوت بكاء نسرين الحاد..
لم يحتمل فـ دخل بدون استأذان, تقرب من نسرين, اجفلها قربه منها: نسرين بالله عليكِ لما كل هذه الدموع.. أأزعجكِ احد؟
نسرين وهي غير قادرة على اجابته بسبب بكائها, وسوء حظها لانها تراه للمرة الثانية وهي بهذه الحالة, لاول مرة يزعجها وجوده معها في نفس المكان.. قالت بصوت متقطع: اخـ ر رج من هنا.. د دعني لوحدي..
نائل وقلبه يتقطع على حالها وعلى حاله: كيف لي ان اخرج وانا اراكِ هكذا يكفيني عذاب يا نسرين.. لا تعذبيني اكثر.. اريحيني اراحكِ المولى..
نسرين غير قادرة على تحمل نبرة الرجاء والضعف في صوته والحنية الجديدة عليها: رأسي يؤلمني هذا كل ما في الامر والان اتركني لوحدي ارجوك..
لم يقتنع نائل ولكن ماذا يفعل سوى ان يرذخ لطلبها, توجه الى باب الغرفة وقف وهو يسند يده على اطار الباب نظر اليها نظرة اخيرة وروحه وقلبه متعلق في المكان ولكن عقله متعلق في مكان اخر, اختفى بعد ذلك خلف جدران غرفته وهو يتنفس الصعداء..
تقدم من خزانته بغضب على ما يحدث معه, فتح احدى الادراج واخرج البوم صور قديم يحمل صور عائلته وعائلة عمته ام نسرين التي كان يجمعها منذ صغره وبعض الصور لاقربائه واصدقائه..
فتح الالبوم وكانت اول صورة يقع نظره عليها هي صورة لـ نسرين وهي في عمر ال10 او ال11 سنة..
كانت جميلة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.. وبراءة وجهها عجيبة..
تلمس الصورة بأصابعه وخصوصاً وجهها وكأنه يمسح الدمع من عينيها..
قال بعبرة تحمل الالم والحزن فيها: بدل ان يبتسم هذا الوجه في هذا البيت فهو يبكي.. كيف لهذا ان يحصل وانا انتظر ان اراكِ منذ زمن؟ آه على الدنيا وما فيها..
ضم الالبوم الى صدره وهنا نزلت دمعته التي لم يتعب نفسه في مسحها من على خده..
من الجهة الثانية كانت نسرين تمسح دموعها حين دخلت عليها رانية..
رانية بقلق: ما بكِ يا نسرين ولما كنتِ تبكين؟ لا تقولي لي بسبب كلام خنساء؟
نسرين وهي تعلم بأن رانية لن تصدقها ولكنها لا تريد ان تشرح لها الامر لانه يتعبها: ولما كلام خنساء يأذيني, لم تقل شئ يزعجني هههههههه أتقصدين حين قالت ام الوجه البريئ, اووه لم يهمني كلامها ولكن لدي صداع حاد كاد ان يفجر دماغي..
لم احتمله لذلك دموعي بدأت تسقط, وانتِ تعلمين فأنا ابكي على اي شئ..
قالت شارحة لان رانية كانت تنظر اليها بتفحص, صدق شكها, علمت بأن نسرين تكذب عليها ولكنها لم تحاول الضغط عليها, بما انها لا تريد اخبارها فلن تسأل اكثر: حسناً عزيزتي أأجلب لكِ بندول؟ ولكن سرعان ما غيرت رأيها: لا لا لن اجلبه لكِ, انزلي انتِ معي فـ خنساء كانت تسأل عنكِ..
نسرين حمدت الله لان رانية عدت الموضوع: بـ صراحة يا رانية لم أصرف خنساء هذه.. مغرورة الى درجة الايعاء..
رانية: صدقتي والله.. انا ونادية بالكاد نتحملها والان انتِ معنا فـ تحمليها ايضاً من اجل والدها..
نسرين: وماذا بوسعي غير ذلك..
رانية: وهي اليوم ستنام هنا.. فأهلها قرروا المبيت..
نسرين: اوه لا.. اتعلمين خالد وموسى يختلفون عنها تماماً.. لم ارى التعالي في معاملتهم..
رانية: يختلفون عنها كالارض والسماء.. هي مغرورة بسبب دلع والدتها الزائد لها, لانها الفتاة الوحيدة بين ولدان واخر العنقود..
نسرين: شعرت بذلك.. فـ هي تشبه نظرة والدتها.. لننزل الان والا قالت خنساء باننا تركناها لوحدها..
رانية: صدقتي هيا بنا..
نزلن رانية ونسرين, لكنهما صادفا وائل يدخل من باب البيت الرئيسي يحمل بيديه اكياس كثيرة..
تقدمت منه رانية, لحقتها كي اساعدهم, كان شكله مرهق, حين انزل الاكياس رفع نظره الي..
نظر الي نظرته المعهودة وهي انه يرفع حاجب واحد ويلوي بفمه الى الجهة اليمنى علامة استنكار او تعجب..
قال بعد ان تقدم مني: رانية خذي الاكياس الى داخل المطبخ, لكنه لم يكن ينظر اليها بل الي..
كنت انظر اليه بعيون متسعة لا اعلم ما مغزى نظرته هذه..
وائل ابتسم: هل أصبتي بـ هذه الحساسية منذ زمن؟
نسرين بتعجب وبحيرة: اي حساسية؟
وائل شك في الموضوع: حساسية عينيكِ..
نسرين تذكرت موقف البارحة ضحكت و وضعت يدها على فمها: في الواقـ
قاطعها بسرعة: لا تبدأي, سمعت هذه الكلمة كثيراً منكِ اليس لديكِ كلمة جديدة؟
نسرين منحرجة منه لكن روح الدعابة امتلكتها: ليس في الواقع هههههههههههههه, الحساسية بدأت عندي حين اتيت الى هذا البلد واعتقد بسبب الغبار المكثف في الجو..
وائل في قلبه, مستعد ان ادفع نصف عمري لا بل كله لكي اسمع ضحكتكِ مجدداً: اها, في الواقع..
وحين بحلقت نسرين به وابتسامة واسعة بينت اسنانها انتبه لنفسه فوضع يده على فمه دلالة التعجب..
هنا ضحكت نسرين بقوة.. شاركها الضحك وائل وكأن ربه استجاب دعائه, لانه سمع ضحكتها مجدداً..
قال: هههههههههههههههه لقد عديتيني.. المهم اشتريت لكِ قطرة أستخدميها كل 6 ساعات في هذا الجو, وان احمرت عيناكِ في وسط الوقت المحدد تستطيعين استخدامها ايضاً بدونه..
اخرج من جيبه كيس ابيض يحمل علبة يوجد فيها الدواء..
أخذته بيد مرتجفة بسبب اهتمامه وحنيته عليها, رفعت نظرها اليه بأمتنان, كادت عيناه تفضحه بسبب سيل المشاعر وبسبب جاذبية هذه الفتاة التي تحمل على مجهها كل براءة الدنيا..
وضع يده يعبث بشعره والتفت عنها بسرعة, فـ قالت هي من ورائه لا تريده ان يرحل بعد: شكراً لكَ يا وائل..
وائل وهو يدخل هرباً من مشاعره ومن نفسه وراء اخته للمطبخ: لا داعي لشكري عزيزتي واختفى خلف الجدران..
كانت محادثتهم صدمة على شخصين....