هناك أسماك جميلة غاية فى الجمال النادر مثل الأسماك النجمية وأسماك الزهور والتى تشبه الزهور وأسماك الببغاء نظراً لألوانها الجميلة وفمها الذى يشبه المنقار وسمكة أم البنفسج وهى سمكة جميلة بنفسجية اللون عيونها زرقاء وتسبح فى الشعب المرجانية ذات الألوان القريبة من لون الشعب المرجانية وبذلك تختفى عن العيون. أما سمكة الحصان فذات شكل بديع .
فإذا سلمنا بأن الضرورة لا تفسر الجمال فلعل الصدفة تفسر الجمال. فإذا كان الأمر كذلك لزم أن يكون الجمال نادراً لكن الواقع خلاف ذلك فالطبيعة تزخر بالجمال ونحن نذهل من جمال الأسماك و ألوانها وتناسق تلك الألوان وجميعها تحت الماء لتدل على أن كل المخلوقات خلقت جميلة حتى ولو لم يراها الإنسان إلا فى حالة غوصه ليراها وهذا لم يحدث إلا عندما تقدم العلم ليمكن الإنسان من مشاهدتها والتمتع بالنظر إلى جمالها.
فإذا كانت الصدفة والضرورة عاجزين على تفسير الجمال فلابد أن الجمال آية من آيات الله فى خلقه فقد خلق الإله الأشياء كلها جميلة تجمع فيها عناصر الجمال المعروفة لدى البشر وهى البساطة والتناسق والتماثل والتألق والوضوح تلك العناصر موجودة فى الأسماك والحيوانات البحرية فى أصداف البحر والشعاب المرجانية, فتأمل تلك الصور الجميلة فلن تجد ما تقوله إلا سبحان الله الذى أبدع كل شئ خلقه وأحسن تقويمه.
ألوان الأسماك:
تختلف ألوان الأسماك ما بين الرمادي الفاتح، والأحمر الزاهر، والبني الذي تشبه خضرة، إلى الألوان القاتمة التي اختصت بها أسماك القاع، وتمتاز الأسماك العظمية عادة بجمال ألوانها وتعددها، بينما تتجانس الألوان في الأسماك الغضروفية .
وتكتسب الأسماك ألوانها من أصباغ راسبة أو معلقة في خلايا خاصة ذات أضلاع أو فروع؛ وتحتوي الخلايا المضلعة على الصبغ الأصفر، بينما تحتوي المتفرعة على الصبغ البرتقالي والأحمر والبني والأسود. وهناك خلايا أخرى متفرعة، تتكدس فيها بلورات عاكسة للضوء من مادة تسمى " الجوانين"، وهي من إنتاج المواد الزلالية المهضومة، ويحملها الدم إلى هذه الخلايا التي تكثر على بطن السمكة ويعزي إليها اللون الأبيض والفضي.
وتختلف مقادير الأصباغ والبلورات من سمكة لأخرى.. فإذا ما كثرت الخلايا المحتوية على الصبغ، وكانت الألوان زاهية وواضحة؛ وإذا ما كثرت الخلايا البلورية، أصبحت الألوان باهتة؛ وعند انتشار السوائل الملونة داخل الخلايا يكتمل لون السمكة ويزداد وضوحاً، وإذا تراكمت الخلايا المختلفة الأصباغ بعضها فوق بعض ينتج منها ألوان متعددة - كما أن مادة " الجوانين" تستطيع أيضاً أن تحلل الضوء إلى ألوان الطيف. وبذلك تبدو السمكة من بعيد في الوان خلابة ساحرة.
وتستطيع الأسماك في كثير من الاحيان أن تماثل بيئتها، للتتقي عدوها أو تباغت فريستها.. فتأخذ بعضها ألوان الأعشاب البحرية، وتأخذ الأخرى أشكال المرجان وألوانه، كما تتخذ أسماك القاع ألواناً تشبه الألوان السائدة فيه.
والضوء هو أكبر عامل في تكوين الألوان المختلفة عند الاسماك، فهو يؤثر على أنسجة الجلد، ويدفعها إلى تكوين المواد الملونة.. أما الأجزاء الاخرى التي لا تتعرض للضوء كالبطن مثلاً، فإنها تكون عادةً باهتة. ويظهر ذلك التأثر واضحاً في الأسماك التي تعوم مقلوبة، كالشال الذى عرفه المصريين القدماء، ويبدو من الصور التي رسموها له أن بطنه أدكن لوناً من ظهره.
وقد أجريت التجارب على بعض الأسماك المفلطحة "سمك موسى" وهي تنبطح عادة على الرمل ويكون سطحها المواجه للضوء غنياً بالألوان على عكس السطح الآخر الذي يبدو باهتاً.. فقد وضعت هذه الأسماك في أحواض زجاجية مظلمة، وعرض بطنها العديم اللون للضوء، فتكونت فيه مواد ملونة مماثلة لألوان الظهر، ثم لم تلبث هذه الظاهرة الجديدة أن اختفت، بعد وضع الأسماك في أحواض مضيئة على قاع رملي.. فقد امتصت الرمال هذه المواد الملونة، وعادت الأنسجة إلى لونها الأصلي.
ولا يعد انتشار الضوء وتخلله طبقات المياه أكثر من أربعمائة متر، وينتج من هذا أن أسماك السطح تكون زاهية اللون، بينما تتجانس الألوان كلما ازدادا العمق حتى تصبح باهتة في الاعماق السحيقة وكذلك تبهت ألوان الأسماك التي تسكن المغارات والكهوف المائية المظلمة، ولكنها تستعيد ألوانها عندما تتعرض للضوء.
ويوجد في أعماق البحار من الأسماك الملونة، ما يجزم بوجود ضوء في هذه الأغوار السحيقة ترسله بعض الكائنات الحية من أجسامها المضيئة، أو أن الأسماك تصعد إلى الأماكن العليا وتتعرض للضوء.
وهناك عوامل أخرى - إلى جانب الضوء كثيراً ما تؤثر في ألوان الأسماك؛ وقد كشفت بالفعل علاقة بين عين السمكة وهذه الألوان.. فعندما غطي الجزء الأسفل من العين صار لون السمكة زاهياً، ولم تسبب تغطية الجزء العلوي أي تغيير في لون السمكة، مما يدل على أن جزء الشبكية الأسفل يؤثر في لون الحيوان. كما لوحظ أن سمك موسى يستطيع أن يكتسب ألوان القاع بعد أن يطيل النظر إليها.
وقد ثبت أن عين السمكة تنقل صور المرئيات إلى العصب البصري ثم إلى المخ، وهذا بدوره ينقلها إلى العصب السمبثاوي الذي يتصل بجميع الخلايا الملونة، وبذلك تأخذ السمكة لون البيئة التي تعيش فيها.
وللحرارة أيضاً أثرها في ألوان الأسماك، فهي تسبب انتشار السوائل الملونة في داخل الخلايا؛ كما أن حالة السمكة الصحية تؤثر إلى حد كبير على لونها.
ويبدو جمال الألوان في الأسماك بوجه خاص في وقت التزاوج.. إذ يبدو الذكر في أبهى حلة وأزهى لون، حتى يستطيع إغراء الانثى واجتذابها، ويرجع هذا إلى التغيير في الألوان إلى نشاط الغدد التناسلية.
وعلى ما يبدو فإن الجمال المشاهد فى الحياة البحرية فى شيء عن عله لا تحكمها الضرورة ولكن لديها مع ذلك سبب يفسر وجودها . وهذه العلة هى عقل مسئولاً عن الجمال وهذا العقل القائم وراء الطبيعة يطلق عليه الناس اسم الله فندف الثلج وغروب الشمس وحقول العشب الأخضر تحملان توقيع الله الذى لا شبهه فيه فالجمال خط يد الله لكى نشكر الله على نعمته وكرمه.
إن هذا الجمال الأخاذ فى عالم البحار والذى بلغ من الجمال والإتقان والتعقيد لدرجة تجعل من المُحال أن يكون كل ذلك نشأ بالمصادفة أنه ملئ بالروائع والأمور المعقدة التى تحتاج إلى مُدبر والتى لا يمكن نسبتها إلى قدر أعمى ولاشك أن العلوم قد ساعدتنا على زيادة فهم وتقدير ظواهر هذه العوالم المعقدة والجميلة لتزيدنا معرفة بالخالق وإيماناً بوجوده.