أطراف عربية وغير عربية تضغط على مصر فى منابع النيل لإضعاف مصر استراتيجيا، هذا ما أكده الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الرى عقب عودته من الكونغو، ورفضه التوقيع على الاتفاقية الإطارية للتعاون مع دول حوض النيل. فالخبراء أكدوا حقيقة تواجد الدور الإسرائيلى فى دول الحوض، وأيضا الدور الأمريكى إلى جانب دول أخرى تتواجد الآن فى منابع النيل مثل الصين واليابان وألمانيا، لكن الجديد أن هناك دولا عربية تحاول إيجاد نفوذ لها على حساب مصر.
الدكتور مغاورى شحاتة الخبير فى مصادر المياه ورئيس جامعة المنوفية السابق، قال إن الدولة العربية المقصودة هى ليبيا، وأن الرئيس القذافى كان له مشروع لتحويل مجارى بعض الأنهار لكى تصب فى اتجاه الأراضى الليبية خاصة أنهار النيل والنيجر والكونغو، خاصة وأن ليبيا تعانى من نقص مواردها المائية، لكنها مجرد أفكار فى إطار ما يسميه القذافى وحدة القارة الأفريقية.
من جانبه يرى أيمن عبد الوهاب الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أنه من حق الدول الأفريقية أن تسعى لتحقيق مصالحها، ودول البحيرات الاستوائية ترى أن مصر تركز فى مفاوضاتها على السودان وإثيوبيا، على اعتبار أنها تمد مصر بـ85% من حصتها وتتجاهل هذه الدول، إلى جانب وجود بعض الأطراف العربية والدولية، وهو ساعد هذه الدول فى أن تكون لها طموحاتها، لكى تلعب دورا يفوق قدراتها، مثل كينيا وتنزانيا.
مغاورى شحاته يقول "إن حجم الخطر كبير، لذلك أعلنت مصر عن رفضها للتوقيع وتخلت عن سياسة التدليل فى ظل المراوغة والالتفاف من جانب هذه الدول التى تقدم لها مصر سنويا 300 مليون جنيه، فى صورة مشروعات تنموية وإنشاء سدود لتوليد الطاقة وآبار جوفية واستصلاح أراض".
محاولات خنق مصر من الجنوب لها عدة سيناريوهات منها المشروع الإثيوبى بتحويل مجرى النهر إلى البحر الأحمر، وهو المشروع الذى يتكلف الكثير من المليارات التى تفوق القدرة الاقتصادية لأثيوبيا، وبالرغم من صعوبة تنفيذه إلا إن التكنولوجيا الحديثة تجعل كل السيناريوهات متوقعة، خاصة وأن مثل هذا المشروع قد يجد من يموله مثل إسرائيل أو أمريكا، وهذا يعنى أن ملف نهر النيل ومشروع الاتفاقية لا يجب أن يكون مع وزارة الرى فقط، فالمشروع يهم وزارة الخارجية ومؤسسة الرئاسة. ولابد من التدخل الرئاسى لحل النقاط الخلافية فى الاتفاقية.
أيمن عبد الوهاب قال إنه من المعوقات التى جدت على الاتفاقية، أن توقيعها أصبح جزءا من الصراع السياسى الداخلى فى بعض الدول بين المعارضة والحكومة، أى إن الصراع اتخذ أشكالا أخرى، وأصبح هناك مفهوم جديد للتحالف بين دول حوض الهضبة الاستوائية الست، وأنه من الخطأ أن نتحدث عن تعاون منفرد مع إثيوبيا، وتوجه رئيس الوزراء المصرى ومعه بعض الوزراء ورجال الأعمال لبحث سبل التعاون الاقتصادى، باعتبارها البديل لدول البحيرات، فهو خطأ يعمق فكرة التجاهل والتعامل مع هذه الدول، لأن مشكلة مصر القادمة ليست فقط الحفاظ على حصة الـ55,5 مليار متر مكعب سنويا، "فنحن نبحث عن زيادة الحصة بـ11 مليار متر مكعب سنويا، خاصة وأن بدائل توفير المياه مثل تحلية مياه البحر تكلفتها مرتفعة جدا ".