بالرغم من تطبيع العلاقات وتبادل السفراء وإقامة علاقات اقتصادية وسياسية بين مصر وإسرائيل منذ توقيع اتفاقية السلام فى مارس عام 1979، إلا أن الاستفزازات الإسرائيلية لم تتوقف يوما حيث تكررت حوادث إطلاق النار من قبل الجنود الإسرائيليين داخل حدود مصر . ففى نوفمبر 2004 ، قامت دبابة إسرائيلية بإطلاق النار على ثلاثة جنود مصريين بالقرب من ممر فلادلفيا الحدودى بين مصر وقطاع غزة ، مما أدى الى مصرع الجنود الثلاثة ، وبالتالى خالفت إسرائيل اتفاقية السلام والتى تنص على عدم وجود أسلحة ثقيلة فى تلك المنطقة.
وبالرغم من الاعتذارات الإسرائيلية والتبريرات الواهية التى ساقها الجانب الإسرائيلى حول تهريب أسلحة للفلسطينيين عبر الممر، إلا أن تلك الحادثة تدل على عدم احترام إسرائيل لاتفاقية السلام واستمرارها فى انتهاك القانون والمعاهدات الدولية.
كما قتل الجيش الإسرائيلى مصرياً ــ وصفه بأنه مهرب ــ في اشتباك على الحدود في 30 مايو 2006 ، واستشهد أيضا جنديان مصريان برصاص الجيش الإسرائيلى على الحدود مع قطاع غزة في 2 يونيو 2006.
وفي 28 فبراير 2008 ، لقيت فتاة بدوية تبلغ من العمر 12 عاما مصرعها برصاص إسرائيلي ، وذكر شهود عيان أن الفتاة واسمها سماح نايف ابوجراد قتلت برصاصة فى الرأس بينما كانت تلعب فى فناء البيت في قرية أم عماد التي تبعد حوالى 300 ياردة عن الحدود الإسرائيلية.
يذكر أن مصر كانت أول دولة عربية توقع معاهدة سلام مع إسرائيل عام 1979 والحدود بينهما في معظمها بدون أسوار ووحدهم عناصر الشرطة المزودون بأسلحة خفيفة يحق لهم التواجد في منطقة الحدود .
وأنشئت قوة متعددة الجنسيات عام 1981 فى أعقاب توقيع اتفاقية السلام بهدف الإشراف على تنفيذ الأحكام الواردة بالاتفاقية المتعلقة بالأمن لاتخاذ ما يلزم لتجنب أي خرق لالتزاماتها.
وتتخذ قيادة هذه القوات البالغ عددها حوالي 1800 جندي من العاصمة الإيطالية روما مقرا لها بينما تحتفظ بمكاتب تمثيل في القاهرة وتل أبيب وتمارس عملها في مراقبة حركة الملاحة وضمان استمرارها في مضايق تيران وتسيير دوريات مراقبة بطول الحدود المصرية الإسرائيلية.
وتشارك قوات من إحدى عشرة دولة هي فيجي ونيوزيلندا وكولومبيا وأورجواي وكندا واستراليا والنرويج وإيطاليا والمجر وفرنسا والولايات المتحدة في قوات حفظ السلام التي تم تشكيلها بموجب تعهد رسمي وجهه الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر إلى نظيره المصري الراحل أنور السادات بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد.
ومنذ الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة في سبتمبر 2005 ، انتشرت كتيبة تضم 750 عنصراً من حرس الحدود المصريين على طول الحدود بين قطاع غزة ومصر البالغة أربعة عشر كيلومترا.
جواسيس الموساد
وبجانب إطلاق الرصاص داخل حدود مصر ، فوجىء المصريون منذ بداية 2007 باعتقال عدد من الأشخاص بتهمة التجسس لصالح إسرائيل ، ففى يناير من هذا العام اعتقلت السلطات المواطن المصري محمد عصام غنيم العطار وهو طالب أزهرى ويحمل الجنسية الكندية بتهمة التجسس لصالح إسرائيل.
وكشفت التحقيقات أن العطار تم تجنيده وتدريبه في تركيا عقب تعرفه على ضابط من الموساد الإسرائيلي هناك ساعده في الحصول على حق اللجوء الإنساني ، كما كشفت التحقيقات أن عملية التدريب في تركيا شملت كيفية الحصول علي معلومات وبيانات من المصريين والعرب المقيمين في الخارج وأرقام هواتفهم ومعرفة مزايا وعيوب كل شخص منهم يتم التعرف عليه.
وفى 21 إبريل 2007 ، أصدرت محكمة مصرية حكما بالسجن لمدة 15 عاما على العطار كما صدر حكم مماثل على ثلاثة ضباط مخابرات إسرائيليين متهمين مع العطار ويحاكمون غيابيا وهم دانيال ليفي وكمال كوشبا وتونجاي جومال ، كما فرضت المحكمة على المتهمين غرامة قدرها عشرة آلاف جنيه مصرى (1760دولارا) .
وفى 17 إبريل 2007 ، أمر النائب العام المصري بإحالة محمد سيد صابر وهو مهندس مصري يعمل بهيئة الطاقة الذرية ومعتقل منذ 18 فبراير 2007 , ومواطن أيرلندي يدعى برايم بيتر ومواطن ياباني يدعى شيرو ايزرو والاثنين هاربين لمحكمة أمن الدولة العليا طوارىء لمحاكمتهم بتهمة التخابر لحساب إسرائيل.
وقال ممثل الادعاء العام المصري هشام بدوي إن المهندس المصري التقى في هونج كونج مع المتهمين الآخرين وتقاضى منهما مبلغ سبعة عشر ألف دولار، بالإضافة إلى حاسب آلي محمول وقام مقابل ذلك بامدادهما بأوراق ومستندات سرية تتعلق بخطة مصر في المجال النووي ولاسيما وثائق تتعلق بمفاعل "أنشاص" التابع لوزارة الكهرباء المصرية.
وأضاف بدوى أن المهندس المصري أدخل برنامج تجسس على الحواسيب الخاصة بهيئة الطاقة الذرية وذلك لصالح الموساد الإسرائيلي ، مشيرا إلى أن صابر كان يتردد على السفارة الإسرائيلية بالقاهرة منذ شهر مايو عام 1999 وقدم طلبا للحصول على منحة دراسية في مجال الهندسة النووية في جامعة تل أبيب كما قام المتهم بزيارة إسرائيل لعدة مرات ولذا وضعته المخابرات العامة المصرية تحت المراقبة الدقيقة إلى أن تم القبض عليه فى 18 فبراير .
ويجمع المراقبون أن الأصل في الكيان الصهيوني هو التجسس فاليهود لا يثقون فى الآخرين حتى وإن كان هذا الآخر هو أصدق أصدقائهم، فواشنطن تكشف كل فترة عن شبكة إسرائيلية للتجسس عليها ، ولذا فإن إبرام اتفاق سلام مع إسرائيل لايعني أنها لاتنظر إلي مصر بوصفها عدواً فهى تسعي إلي جمع كل المعلومات وبكل الطرق عن مصر لأنها تتعامل مع السلام كحالة مؤقتة وفترة يراد بها عزل مصر عن محيطها العربي أو تقليص دورها في الصراع العربي الإسرائيلي .
وما يؤكد ذلك هو تكرار عمليات التجسس الإسرائيلية على مصر منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد ، ومن أشهر تلك العمليات قضية الجاسوس عزام عزام الذى تم إلقاء القبض على الشبكة التي يتزعمها عام 1996 ، حيث كانت مهمته جمع معلومات عن المصانع الموجودة في المدن الجديدة مثل مدينة 6 أكتوبر والعاشر من رمضان من حيث النشاط والحركة الاقتصادية ، وكانت وسيلة عزام جديدة للغاية وهي إدخال ملابس داخلية مشبعة بالحبر السري قادمة من إسرائيل مع عماد إسماعيل الذي جنده عزام.
وقد تدخل للإفراج عنه ثلاثة رؤساء وزراء في إسرائيل هم بنيامين نتنياهو وإيهود باراك وارييل شارون وحتي الإدارة الأمريكية توسطت عند مصر للإفراج عنه ، وأفرج عنه بالفعل مع بدايات عام 2005 بدعوى أنه قضى نصف المدة .
كما ألقت أجهزة الأمن المصري عام 1997 القبض على سمير عثمان أثناء قيامه بالتجسس مرتدياً بدلة غوص، وذلك أثناء محاولته التسلل من المياه الاقليمية إلى المياه الاسرائيلية ، معترفًا انه كان يتنقل بين اليونان والسودان وليبيا وتل أبيب ، بواسطة أربعة جوازات سفر، كان يستخدمها في تنقلاته.
وفي عام 2001 ، تم القبض على جاسوس آخر اسمه شريف الفيلالي بتهمة جمع معلومات خطيرة حول الأوضاع الاقتصادية ومدى الاستقرار السياسي في مصر والتطورات التي تمر بها القوات المسلحة المصرية ، مستغلاً علاقته بابن عمه سيف الدين الفيلالي الضابط السابق بالقوات البحرية المصرية ، وعثر عليه منتحرا وهو بداخل السجن في 2007 .