كان ياماكان
فى قديم الزمان
وفى سالف العصر والاوان
قبل ان يظهر البشر
او يخلق اى مخلوق
فقط كان يوجد القمر والاحاسيس والمشاعر
وكان يظهر القمر عندما يحين الظلام
ليسمع الشكاوى وكل الكلام
ويشهد على الحب والغرام
وفى يوم من الايام
عندما كان القمر ساهر
وجد الحب يمشى وحده حائر
فأوقفه القمر وسأله:
مابك يا حب؟؟؟
عن ماذا وعن من تبحث؟؟
فأجاب الحب بصوت خافت
لا يسمعه الا القمر:
انا ياقمر ابحث عن غرام
فسأله القمر
وقد بدا على وجهه علامات التعجب والدهشه!!!
وقال للحب : عن غرام؟؟!!
لماذا؟! ولما تبحث عنها؟!!
ألم تكونوا سويا على جزيره العشق
فقال الحب له : سأروى لكل من يسمعك ياقمر ماحدث
لتساعدونى فى ايجادها
منذ زمن ليس ببعيد
كنت اسكن جزيره تدعى .. جزيره العشق ..
وكانت جزيره تسكنها كل المشاعر والاحاسيس
وفى يوم كان هناك عاصفه شديده
وكانت جزيرتنا على وشك الغرق
وعندما لاحظت ان الجزيره تغرق
جريت مسرعا الى قاربى
ولكنى وجدته فى وسط المحيط وقد اطاحت به العاصفه هناك
فلم ادرى ماذا افعل او لمن ألجأ
وجريت كالمجنون على شاطئ البحر
كى أجد من ينقذنى معه فى قاربه
فوجدت الغرور يبدأ فى الابحار
فطلبت منه ان ينقذنى ويأخذنى معه بقاربه
فقال لى:" انت تركب قاربى!! لا طبعا
انك مبلل تماما واذا ركبت معى سيتسخ القارب"
وتركنى الغرور وسط العاصفه وابحر وهرب من العاصفه
واستأنفت مره اخرى الجرى كالمجنون على الشاطئ
فلمحت الغضب يستعد هو الاخر للرحيل فطلبت منه ان ينقذنى
فرد على بصوت عالى مخيف:
"اذهب من هنا ايها الحب
فانا وانت لانجتمع فى مكان واحد
اذهب من هنا "
ومن شده غضبه تملكنى منه الرعب وجريت بعيدا عنه
فوجدت الحزن جالس على الشاطئ وامامه قاربه وقد قاربت العاصفه منه
وتكاد تخطفه مثلما فعلت بقاربي انا الاخر
فحاولت تحذيره وطلبت منه ان نذهب سويا وننجو بحياتنا فى قاربه
قبل ان تعصف به العاصفه
ولكنه رد على بحزنه الشديد وقال:
"اذهب ايها الحب انجو بحياتك
فأنا والوحده كما تعلم سنبقى سويا على تلك الجزيره
اذهب وخذ قاربى لتنجو"
وبعدما فشلت كل محاولاتى فى إقناع الحزن ان يأتى معى فإذا بالوحده قادمه من بعيد
لتجلس بجوار الحزن
فحاولت ان اقنعهم بالذهاب معى فقالوا فى صوت واحد:
"لا مكان لك بيننا يا حب ولا مكان لنا معك
إذهب إنجو بحياتك "
فأخذت قارب الحزن وبدأت فى اﻹبحار
وعندما شارفت على الوصول إلى منتصف البحر
تذكرت اننى تركت محبوبتى غرام وسط العاصفه
"يا إلهى أتركت غرامى وسط تلك العاصفه التى لاترحم؟!!"
وبدأت ابحر فى طريقي للعوده إلى الشاطئ و إلى العاصفه مرة اخرى
وعندما وصلت بقاربى إلى الشاطئ
بدأت بالجرى إلى حيثما كنا نجلس قبل العاصفه
فقد كنا جالسين فى وسط بستان يقع فى منتصف الجزيره
وبدأت فى الجرى وأحسست كأنى أسابق رياح العاصفه فى سرعتها
ووصلت للبستان فى أقل من ثوان
ووجدت غرام تجلس فى ركن ناء بعيد
جالسه تبكى وحدها
وعندما رأتنى أمامها
رمت بكل همومها
واستسلمت فى احضانى
وحلفتنى بكل المشاعر والمعانى
على ان اعاهدها بـإلا اتركها
حالفنى حظى بمرور الوعد بجانبنا
وسألته ان يشهد على وعدى إليها
بأنى لن اعشق إلا عينيها
وشهد الوعد على عشقى
وطارت غرام فرحا بوعدى
لاحظنا اننا وسط العاصفه
فخطفتها من يديها وطرنا بعشقنا إلى القارب
وبدأنا فى رحله إبحارنا
وعندما وصلنا إلى اللاشئ
وتحيطنا مياه البحر من كل الجوانب...
مر قارب الغدر بجانبنا
وأحسست غدره بعينيه
وقال لنا بسخريته المعتاده:
"أحسنت يا حب
نجوت من العاصفه
انت وغرامك
يالها من حظوظ
ولكنك كالعاده لن تفوز"
وقام الغدر بـإخراب قارب الحب
وبدأ القارب فى الغرق
وقبل ان نغرق فى مياه البحر
كنا نغرق فى دموع غرام
التى كانت تبكي على نهاية عشقنا المؤسفه
وفيما نحن نرثى لحالنا
مر قارب الحكمه بجوارنا
الذى نجا بحياته من العاصفه
بحكمته البالغه
ظنناه كبقيه المشاعر والاحاسيس
واننا إذا طلبنا مساعدته لن يساعدنا
مثلما فعل الغرور والغضب
ولكنه عرض مساعدتنا دون ان نطلبها
ووسط تعجبنا من عرضه وغرق قاربنا
وحيرتنا...
قال الحكمه انه سيساعدنا
"ولكن.........."
ويالها من كلمه قادره على هدم أعظم اﻹمبراطوريات
وحاولت بصعوبه بالغه ان أستوعب الكلمات الخارجه من فاه الحكمه
وظللت أردد : "ماذا قلت ياحكمه؟!! ماذا !!
لن يتحمل قاربك سوى شخص واحد ؟!!!!
أهذا يعنى أنه إما أنا أو غرام ؟!!!"
وعندما أكد الحكمه كلامه
بدون تردد أخبرته أن غرام هى من ستذهب معه
وعندما أطلقت تلك الكلمات دون تفكير
أطلقت غرام دموعها بكل تبذير
ووسط غرقنا فى دموع غرام والمياه التى بدأت فى التسلل إلى قاربنا
أقنعتها بـإن هذا هو الحل لكى ننقذها أولا ونؤخر من سرعه غرق القارب ثانيا
حيث أن هذا سيقلل من حمل القارب وبالتالى قله دخول المياه ...
ذهبت محبوبتى غرام مع الحكمه فى قاربه
ونظرى يتابعهم حتى أصبحت غير قادر على رؤيتهم
كان تفكيري صائبا جدا
ففعلا بعدما ذهبت غرام مع الحكمه وقلت الحموله عن القارب
قل معها تسلل المياه للقارب
وبالتالى زادت المده التى سيغرق فيها قاربى
وظللت أفكر وأتساءل: "هل ياغرام سيكتب لنا القدر أن نتقابل مره أخرى؟
أم أنها تلك هى نهايتى ؟!! هنا وسط تلك المياه المغرقه !!!"
و ها أنا فى حيرتى فـإذا به القدر مارا بي
وحينما ظهرت تعابير الدهشه على وجهى!!
قال القدر: "لا تعجب
إنه قدرك..قدرك ان تعيش"
ولكن زادت علامات الدهشه أكثر عندما أدركت أنه يبعد بقاربه عنى
دون أن ينقذنى ؟!!
تركنى !!!!
نعم تركنى...
ولكنه أتى بقارب الأمل خلفه
وسألتنى الامل مساعدتى
وتركت قاربي الذى بمجرد أن تركته
ذهب يسبح فى عرض مياه البحر
وماهى إلا ثوانى وغرق
فحمدت ربى
وشكرت قدرى...
ذهبت مع الأمل فى رحلة ليست طويله
ففى دقائق وصلنا إلى شاطئ .."جزيره الأفراح"..
وكان من المفترض أن تبدو على وجهى تعابير السعاده والفرح
لكنى كنت حزينا جدا
فأنا بدون غرامى
فقد كانت هى حياتى
الآن لا أعلم أين هى...
هاأنا ذا وحدى ياقمر
بدون غرامى
أشكو إليك أحزانى...
وفيما أنا رافع بصرى لأنظر إلى القمر
فـإذا بيدين كالحرير تغمض عينيّ من خلفى
وسمعت دقات قلبى تقول:" ألا تذكر تلك اليدين ؟؟؟ "
ولكنى لم أستمع لقلبي
وسألت نفسي:
"مابك يا حب ؟؟؟
أيعقل هذا ؟!!
أهى غرام !!! "
ثم نظرت لأعلى على القمر
فـإذا به القمر يرسل لى إبتسامه تقول:
"نعم إنها غرام ياحب
لقد أتى بها قدرك إلى هنا
فلقد كان هذا هو إتفاقه مع الحكمه"
عدت بنظرى مره أخرى لغرام
نعم انها غرام بيديها التى كالحرير
أسكنتها أحضانى
وبدأت بكل انواع الدموع تدمع عينانى
فأدركت ان الحكمه والقدر والامل هما طوق النجاة
القادر على إنقاذ حبى وغرامى بتلك الحياة