الباب الأولى
الفصل الأول
علم اجتماع تعريفة ونشأته
*مكونات الوجود :-
الوجود له ثلاثة مكونات ، والعلم الحديث طور فروع لدراسة كل مكون من هذه المكونات :-
1-الوجود المادى :[أرض- طقس- مياه] ويدرسه علم الجيولوجيا وعلوم التربه وعلوم البحار
2-الوجود العضوى :[نبات- حيوان-حشرات-كائنات دقيقة]ويدرسه علم الأحياء وعلم وظائف الأعضاء.
3-الوجود الاجتماعى:[البشر وما يصدر عنهم من أفعال]ويدرسه علم الأجتماع وعلم النفس،
وعلم الاقتصاد وعلم السياسة ، وعلم الأنثروبولوجيا .
تعريف علم الاجتماع :-
[هو العلم الذى يدرس المجتمع دراسة علمية للتعرف على القوانين الحاكمه لنظامه وتغيره ومشكلاته]
- هذا التعريف يعنى :
1- أن علم الاجتماع علم مثل العلوم الطبيعية يستخدم المنهج العلمى .
2- الدراسة العلمية الغرض منها التعرف على القوانين الحاكمه للمجتمع .
3-هذه القوانين يمكن تصنيفها إلى ثلاثة أنواع :-
قوانين الثبات أو النظام :-
التى تجعل المجتمع يميل إلى الاستقرار والتنظيم قوانين الحركة أو التغير :-
التى تجعل المجتمع يتغير على المدى القصير أو الطويل . القوانين الحاكمة للمشكلات الاجتماعية . وهى ترتبط بما يحدث فى المجتمع من مشكلات لحلها أو الوقاية من آثارها .
والقوانين فى علم الاجتماع تختلف عن القوانين فى العلوم الطبيعية فهى ليست قوانين نهائية أو مطلقة فالمجتمع دائم التغير :- مثال :-
-الاسره تتكون من زوج وزوجة وأبناء، وقد تعيش بمفردها أو مع الأعمام داخل بيت كبير مع الجد والجدة .
-ويطلق علم الاجتماع على الاسرة الصغيرة "الأسرة النوويه" ويطلق على الأسرة الكبيرة التى تعيش فيها أجيال مختلفة : "الأسرة الممتدة".
-والأسرة تتكون من أدوار متكاملة (دور الأب ودور الأم ودور الأبن ....الخ) وكذلك للأسرة وظائف (تحقق الأمن والسعادة وتنشئة الأبناء) هى التى تحقق الاستقرار والثبات .
-ولكن الأسرة تتغير فمع تغير ظروف الحياة تتحول الأسرة الممتدة إلى أسرة نوويه .
-وقد تتعرض الأسرة لمشكلات فتتفكك .
-من هنا ندرك كيف يضع علم الاجتماع يده على قوانين الثبات وقوانين التغير والقوانين الحاكمة للمشكلات الاجتماعية فى الأسرة . والباحث يحتاج دراسات كثيرة وباحثين ومجتمعات مختلفة .
نشأة علم الاجتماع :-
إنه علم لم يظهرمن فراغ بل له تاريخ طويل يرتبط بالتأملات الفكرية والفلسفية التى تمهد الطريق لظهورالتفكير العلمى .
وفيما يلى بعض الإسهامات فى مجال التفكير الاجتماعى
1- إسهام الفكر الشرقى القديم
ونأخذ إسهامات المصريين القدماء كمثال على ما أرستة من أخلاق اجتماعية ومشاركات وجدانية .
أ- اهتموا بالنظام الأسرى ودعائم استقراره .
ب- اهتموا بالنظام الطبقى ، والصراع الطبقى بين قادة الشعوب والجند المرتزقة .
ج- وضعوا القواعد التى تحكم السلوك الانسانى القويم مثل : (عدم الاعتداء على ملكية الغير ، واحترام الكبار،والاخلاص فى العمل.... الخ) وهى ما قامت علية القيم الإنسانية فى العالم كله .
2-الفلسفة اليونانية القديمة :-
وهذه أهم الأفكار ذات الطابع الأجتماعى فى الفكر اليونانى القديم :-
أ-تأكد مبدأ التغير الاجتماعى:
فالمجتمع أشبه بالنهر الذى تتغير مياهه باستمرار ، فالمجتمعات تنتقل من البسيط الى المركب.
ب-يحقق المجتمع الفضيلة الكامله : -
عندما يحقق المثل العليا التى تقوم عليها المدينة الفاضله مثل
( الترابط – التعاون – تقسيم العمل ).
ج- المجتمع يقوم على الترابط العضوى :-
فالأنسان كائن اجتماعى يقيم علاقات اجتماعية لا يستطيع العيش بغيرها ، وهو كائن سياسى
يؤسس المجتمع السياسى على روح المواطنه .
د- المجتمع يقوم على علاقة وثيقة بين الفرد والمجتمع :-
الفرد لا ينتمى لنفسة بقدر ما ينتمى إلى الدولة ويحافظ على التوزان بينهما ليحقق استقرار المجتمع .
3-ابن خلدون :-
-عندما يذكر علم الاجتماع لايمكن اغفال ابن خلدون ، كأول مفكر أشار إلى إمكانية قيام علم أطلق علية الاجتماع الانسانى أو العمران البشرى .
-كان ابن خلدون مؤرخ ، وقد وضع فى كتابه الشهير "مقدمة ابن خلدون" الذى أطلق عليه
"كتاب العبر فى ديوان المبتدأ والخبر فى تاريخ العرب والبربر ومن جاورهم من ذوى السلطان الأكبر"
أسس نظريته الاجتماعية التى تأسست على نقد طريقة كتابة التاريخ .
-وجد ابن خلدون أن كتب المؤرخين فيها ضعف وزيف ومغالطة فنقدها ووجد أن حل هذه المشكلة فى قيام علم جديد "علم العمران البشرى" .
ومن أبرز إسهامات ابن خلدون مايلى :-
(1) أكد إن الاجتماع الانسانى ضرورى : وهناك قاعدتين يستحيل وجوده بدونهما :-
أ-حاجه الانسان للأعتماد على غيرة لاشباع حاجته .
ب- الجهد المبذول لإشباع هذه الحاجه .
لذلك نادى بأنشاء علم العمران البشرى لدراسة الاجتماع الإنسانى .
(2) أ- حدد موضوع علم العمران البشرى هو دراسة الاجتماع الانسانى ، وما يحدث فيه من تغيرات وظواهر
ت-حدد هدف علم العمران البشرى هو الكشف عن طبيعة العلاقات المتبادلة بين أجزاء المجتمع وما يترتب عليها من أحداث تؤثر فى المجتمع .
(3)أكد أن التغير الاجتماعى حقيقة حيث لاتدوم أحوال الأمم ، وميز بين نوعين من التغير :-
أ-التغير التدريجى :- تنتقل فيه المجتمعات ببطء وعبر فترة طويلة من الزمن .
ب-التغير الجذرى :- تتبدل فية الأحوال جمله .
ويصاحب تغير المجتمعات :
- - تغير طبيعة العيش (الانتاج) .
- - تغير الصنائع (من ضرورية إلى الكمالية)
- - تغير السياسة فتتحول من سلطة الكبار إلى دولة لها دواوين ونظم وجيوش منظمة .
- (4) المجتمعات تبدأ بسيطة ثم تكبر :
- مثل الانسان الذى يبدأ طفلأ ثم شاباَ ثم كهل فشيخاَ ثم يموت ، كما أن للمجتمعات أعمار .
(5) أرسى أسس وقواعد البحث فى علم العمران وهى : (منهج البحث) :
أ- على الباحث ألا يتسرع فى إصدار أحكام على ما يدرسه .
ب- على الباحث ألا يتأثر بآراء مسبقة ويتخذها أساسأ لدراسته .
ج- على الباحث الأخذ بمنهج المقارنه بين ماضى الأشياء وحاضرها .
ء- على الباحث أن يصيغ القوانين التى تحكم المجتمع .
* وطبق ابن خلدون نظريته على نشأه " الدوله العربية الإسلاميه " وكيف تحولت من البداوة إلى الحضارة ،
وفسر سقوط وازدهار الدول المتعاقبة بعد الخلافة على أساس فكرة "العصبية"
فعندما تقوم العصبية تقوم الدوله ، ومع الخمول والاستهلاك تضعف العصبية فتنهار الدوله وتظهر دوله جديدة
4-ظهور علم الاجتماع :
•ساهمت أفكار ابن خلدون فى لفت الأنظار إلى :-
أ- إمكانيه قيام علم مستقبل هو علم العمران البشرى يكشف المبادئ التى يقوم عليها الاجتماع الانسانى .
ب- هذا العلم له منهج للنظر فى الحقائق ولا يعتمد على الخيال .
•هذه الأفكار الممكن أن تستمر وتؤسس علماَ لدراسة المجتمع ، ولم يحدث ذلك بسبب :- الاجتماع
أ-انهيار الدولهب- غزو التتار والمغول ج- سقوط دولة العرب فى الأندلس
•أستمرار الوضع حتى قيام الثورة الصناعية فى أوربا وكذلك الثورة الفرنسية .
•فترة التحول فى أوربا بعد الثوريين أتسمت بما يلى :-
أ-تقدم العلم الطبيعى (مثل الفلك ، والطبيعة والكمياء والأحياء ، وكذلك الرياضيات والفلسفة والمنطق)
ب-ساهمت هذه العلوم فى التقدم الصناعى الذى أدى إلى ثورة فى مجال الصناعة ، كما أن التقدم الناتج عن الأفكار الفلسفية والسياسية أدى إالى الثورة الفرنسية .
ت-ظهرت الحاجه إلى علم لدراسة أثر علم الحياة الاجتماعية .
أوجست كونت (1798 – 1857) :
دعا الى علم الاجتماع الذى أطلق عليه أسم "الفيزياء الاجتماعية" فقد كان يريد أن يكون علم الاجتماع أشبه بعلم الطبيعة ، ولكنة تخلى عن هذا الاسم لأنه أراد أن يميز علم الاجتماع كعلم مستقل ، فاستخدم كلمة علم الاجتماع .
أراد كونت أن يكون علم الاجتماع ينتج معرفة باستخدام منهج الملاحظه والتجربة ، وحاول أن يتوصل إلى بعض قوانين الحياة الاجتماعية ، وقسمها إلى نوعين :-
1- قوانين الثبات أو النظام (الاستاتيكا الاجتماعية)
2-قوانين الحركة والتغير (الديناميكا الاجتماعية )
• ولكن هذه القوانين أدخلته فى فلسفة التاريخ ، لأنه أعتقد أن المجتمعات تمر بالمراحل الآتية :-
(المرحلة الدينيه – المرحلة الفلسفية – المرحلة الوضعية) ووجه إليه نقد خلط العلم بالفلسفة والتاريخ .
إميل دوركايم (1858 -1917) :
•وجاء دوركايم وقدم إسهامات حولت علم الاجتماع إلى علم مستقل ، ومن أهم الإسهامات التى قدمها :-
1- حدد موضوع علم الاجتماع : وهو دراسة الوقائع الاجتماع مثل (الدين والدولة والأسرة) ليتميز عن موضوعات العلوم الأخرى .
2-استخدام المنهج العلمى : فى دراسة موضوع علم الاجتماع ، فالمنهج العلمى الذى يطبق فى دراسة الوقائع الطبيعية يمكن أن يطبق على الوقائع الطبيعية باعتبار أنها أشياء .
•(المجتمع أكبر من مجموع أفراد )
- فالمجتمع يضع القواعد التى يلتزم بها الأفراد ، لذلك يؤكد "دوركايم" على "الطابع القهرى" للوقائع الاجتماعية فهى تشكل الاطار الخارجى الملزم للفرد (فالفرد ينصاع مقهوراَ أحياناَ كما فى المجتمع القديم وطواعية أحياناَ أخرى كما فى المجتمع الحديث )
- طبق "دوركايم" هذه المبادئ المنهجية على دراسة المشكلات فى المجتمع الذى يعيش فيه (درس تقييم العمل الاجتماعى ، ومشكلة الانتحار .........)
- بذلك أرسى "دوركايم" دعامات علم الاجتماع وأصبح علما عالمياَ ينتج نظريات تحل مشكلات عالمنا المعاصر .