حصلت “الشروق” على مستندات “فساد شفيق” التي كان من المقرر أن يعرضها بعض العاملين بوزارة الطيران المدني وشركة مصر للطيران، في المؤتمر الصحفي الذي تم إلغاؤه، أمس السبت، بعد اقتحام أنصاره، لنقابة الصحفيين واعتدائهم على الصحفيين والحضور.
وأشارت المستندات، التي تحدثت عن 23 بندا اعتبرتهم حقائق تدل على “تبعية شفيق لمبارك”، إلى أن شفيق لم يشارك إطلاقا وبأي وجه من الوجوه في حرب أكتوبر، وجميع أبناء القوات الجوية وقيادات القوات المسلحة يعلمون، ويشهدون على ذلك بالتفصيل، وتحدوا أي مسئول أن ينكر هذا الأمر الموثق في الملفات العسكرية، وهناك عشرات اللواءات ومئات الطيارين الأحياء شهود على ذلك.
وفي الجانب الأكثر جدلا، والذي يتعلق بالمبنى الجديد رقم “3” بمطار القاهرة الدولي، أشارت المستندات إلى أن مبارك قام بفصل الطيران المدني عن وزارة النقل خصيصا ليكون شفيق وزيرا لها بعد أن تعدى الـ60 وهو داخل القوات الجوية، رغم أن الطيران المدني كان قد تم ضمه لوزارة النقل أسوة بالدول المتقدمة في مارس 2002 بقرار جمهوري رقم 55 لسنة 2002.
وتقول المستندات، إن شفيق “ادعى زورا وبهتانا أنه العقل المدبر لخطة وعملية إنشاء هذا المبنى، لكن مانشيت الأهرام يوم 12 مارس 2001 (أي قبل عام كامل من تعيين شفيق وزيرا للطيران) يقول، “الرئيس يناقش إنشاء المبنى الثالث للركاب بمطار القاهرة وتطوير مطارات الغردقة وشرم الشيخ والأقصر”.
وورد في الخبر صورة لاجتماع حضره المشير ووزير النقل الدميري، وتفاصيل الخبر تضم كافة الدراسات والمخططات والتنظيمات الخاصة بمستقبل الطيران، والتي نسبها شفيق لنفسه.
وذكرت المستندات أن الإعداد والتخطيط لمشروع المبنى الثالث بمطار القاهرة وغيره قد استغرق سنوات عديدة قبل تعيين شفيق وزيرا، وقد تم الطرح الفعلي لهذا المشروع في مزايدة رسمية للتنفيذ، بحيث لا تتكلف الدولة مليما واحدا، ولا تتحمل أية مخاطر وتضمن تحقيق أرباح سنوية، لكن شفيق بمجرد توليه الوزارة ألغى هذه المزايدة، وقام بتنفيذ المخططات الجاهزة بقروض من البنوك الخارجية والمحلية بالمليارات، ونفذت المشروع شركة أجنبية، وأشرفت على القرض والتنفيذ شركة أجنبية، وبالتالي، أدار المطار شركة أجنبية أيضا، “وبذلك تنهار أكذوبة شفيق بأنه باني ومخطط ومفكر مبنى الركاب الجديد بمطار القاهرة”، وفقا للأوراق.
كما استشهدوا بما نشرته الأهرام في نفس الخبر أن وزارة النقل ستتولى تحويل الطرق المؤدية إلى المطار بعد التوسعات الجديدة، (وللأسف خرج علينا شفيق ليقول إنه شخصيا مخطط الطريق الجديد للمطار).
وكشفت المستندات أن قرض مبنى الركاب (رقم 3) موقع بتاريخ 31 مارس 2004 تحت رقم (7222 مصر) بين البنك الدولي للإنشاء والتعمير (مقرض) وجمهورية مصر العربية (مقترض)، وجاء بالبند رقم (2 ـ 11) أن وزارة المالية هي الملتزمة بسداد أقساط وفوائد القرض. وقد وقع على عقد القرض عن مصر (السفير محمد نبيل إسماعيل فهمي)، وعن البنك الدولي (كريستيان بورتمان، نائب الرئيس الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا)، وبالتالي، فإن البنك الدولي أقرض مصر كدولة وحملها عبء السداد، وأخذ عليها التعهدات وهو عكس ما يدعيه شفيق.
كما أن وزارة المالية وبنك الاستثمار القومي دأبتا على تقديم الدعم المليوني لشركات وزارة الطيران المدني بناء على طلب الوزير.
وحصلت “الشروق” على نسخة من خطاب وجهه وزير المالية السابق، يوسف بطرس غالي، بتاريخ 1 يناير 2008، إلى وزير الطيران، أحمد شفيق ردا على خطاب الأخير في 26 نوفمبر 2007 برقم 7482، الذي طالبه شفيق بالموافقة على تدبير مبلغ 830 مليون جنيه كمساهمة من وزارة المالية في رأسمال الشركة القابضة للمطارات والملاحة الجوية للمساهمة في قيمة باقي العجز الناتج عن عدم تطبيق زيادة مقابل خدمات الركاب المغادرين.
وأشار غالي في خطابه أنه “في ضوء الاعتبارات التي أبدتها الشركة القابضة، ورغبة من وزارة المالية دعم إمكانيات الشركة ومساعدتها على النهوض بالتزاماتها، فإنه يمكن النظر في تعويض الشركة جزئيا عن العجز المشار إليه بالمساهمة في رأس مال الشركة بقيمة حصة وزارة المالية في الأرباح الموزعة عن العام المالي المنتهي في 30 يونيو 2007 (5% من رأس المال كتوزيع أول)، والبالغة نحو 113.5 مليون جنيه، على أن يعاد النظر سنويا في تغطية باقي قيمة العجز في ضوء ما تسفر عنه نتائج أعمال الشركة، وبمراعاة أن تقوم الشركة باتخاذ الإجراءات الكفيلة بترشيد التكلفة واستغلال كافة الطاقات المتاحة لها وللشركات التابعة بهدف تعظيم الربحية).
كما أن شركاته القابضة لا تورد أرباحها لوزارة المالية، ولا تسدد ديونها المليارية لبنك الاستثمار القومي، التي قاربت على الـ4 مليارات جنيه، ولا تسدد الضرائب، كما أن مصر للطيران لا تسدد ديونها الباهظة لشركة مصر للبترول، وفقا للمستندات.
أما في البند الخاص بـ”علاقة التبعية مع أسرة مبارك”، ترصد المستندات عددا من وقائع مدى قوة علاقة شفيق بأسرة مبارك وتقديمه للخدمات لهم، مثل إنشاء حديقة حيوان خاصة لمبارك وحفيده على حساب القوات الجوية، وإرسال طائرة نقل من القوات الجوية لأوروبا لإحضار 2 من حصان “سيسي” باهظ الثمن لحفيد مبارك، وكان يرسل طيارة من القاهرة لشرم الشيخ على متنها الحصان ليركبه الحفيد في شرم، وإرسال طائرة خاصة بطقم شاي فاخر لاستراحة برج العرب بمجرد علمه أن مبارك لم يعجبه طقم الشاي الموجود، بالإضافة إلى تعيين العقيد حسين مسعود، وزير الطيران الحالي، رئيسا للشركة القابضة لمصر للطيران إرضاءً لجمال مبارك، حيث كان مسعود يعمل عند جمال في توكيل “آيرباص”.
وكشفت المستندات أن شفيق قام بسحب جميع العاملين والمراقبين الجويين العاملين في الطيران المدني المصري من مطار “الجورة” المصري الموجود قرب الحدود مع إسرائيل، ومن ثم انعدمت السيادة المصرية على هذا المطار، وتعطيل أجهزة الرادارات في مطار “طابا” الدولي، وتعمد عدم إصلاحها والمطار يعمل حاليا دون رادارات، وعبور أكثر من 50 ألف طائرة حربية أثناء الحرب على العراق للمجال الجوي المصري دون سداد رسوم العبور.
ونوهت إلى أن شفيق حدد نسبة المجموع الإجمالي لمشاركة الجانب الحكومي في شركات قطاع الطيران المدني بـ24% فقط، حتى يبتعد من متابعة الجهاز المركزي للمحاسبات لتلك الشركات، حيث إن القانون يعطي الجهاز حق المراقبة على الشركات التي يساهم فيها المال العام بنسبة 25% فأكثر.
ورصدت المستندات عددا من أسماء الوزراء والشخصيات الذين عينهم شفيق في مجال الطيران مجاملة لهم، مثل رئيس نقابة الطيران المدني، إسماعيل فهمي، وزيرا للعمل، واللواء أحمد البلتاجي مديرا إقليميا لمصر للطيران في باريس، دون أي خبرة ولو يوما واحدا في الطيران المدني، ومن بعده اللواء عبد الحميد شلبي الذي كان تشريفاتيا في رئاسة الجمهورية. كذلك اللواء عبد السلام حلمي، مدير حفلات دار القوات الجوية، عينه رئيسا لمستشفى مصر للطيران.
وشككت الأوراق في شهادة الدكتور التي يقول شفيق أنه يحملها، حيث تفيد المستندات أن شهادة الدكتوراة حصل عليها من أكاديمية ناصر العسكرية بالعجوزة، التي تعطي هذه الشهادة بقرار وتوقيع من وزير الدفاع دون أي امتحانات لمواد مؤهلة.
كما استشهدوا بما نشر مسبقا في جريدة صوت الأمة في العدد رقم 234 بتاريخ 23 مايو 2005، عندما كان يرأس تحريرها كل من وائل الإبراشي وإبراهيم عيسى، ما قاله الفريق في مؤتمر صحفي أمام 25 صحفيا بمقر وزارة الطيران المدني، مخاطبا المراقبين الجويين: “أنا صايع وقوي وأنتم خونة وكفرة وحشاشين”، وقد نشرت الصحيفة توقيعات خطية لشهود تلك الواقعة “المشينة”، متسائلين: “ماذا لو أصبح هذا الشتام رئيسا للمصريين، وماذا سيفعل بأطفال من يفتح فمه بالكلام”.
وذكرت المستندات واقعتين طرد وفصل من العمل لمراقبين جويين، الأولى للطيار علي مراد، الذي وصفوه ببطل موقعة غزة، والذي رفض تفتيش الإسرائيليين لطائرته، والواقعة الثانية للمحاسب محمد عبد العزيز خفاجي الذي فصله الفريق بسبب رفعه دعوى قضائية ضد مطار القاهرة. ومع كثر “سب شفيق لهم” تقدموا بشكوى مكتوبة وموقعة للرئيس السابق، حسني مبارك، جاء فيها بالنص: “اعتياد سيادته التعدي بألفاظ نابية ومهينة في اجتماعات عامة،… والتلويح بإيقاف أي طيار من الكشف الطبي إذا ما ناقش الإدارة في أي أمر”، و”رفع الطيارين من جداول الرحلات دون مقتضى”، وهي الشكوى التي تقدم بها رئيس رابطة طياري مصر للطيران، الكابتن الطيار هشام الديب، عام 2004.
وفي سياق متصل، تقدم المهندس عبد الحميد عمر، بطعن إلى رئيس اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية ضد أحمد شفيق، بسبب “الفساد والكسب غير المشروع وشراء توكيلات والصرف على الدعاية أضعاف الحد المسموح به، وفقا للطعن الذي حصلت “الشروق على نسخة منه.
وورد في الطعن 11 مخالفة لشفيق مرفقة برقم البلاغ المقدم ضده بشأنها في نيابة الأموال العامة، حملت أرقام من 752 إلى 762 لسنة 2012، وهي مخالفات مبنى 3 بالمطار الجديد وعدم صلاحيته، وصندوق تطوير الطيران المدني، ماكينات التفتيش على الحقائب في مطار شرم الشيخ، وعقد الشركة الألمانية لإدارة مطار القاهرة، وميكنة مطار القاهرة والمطارات الدولية المصرية، وهدم مبنى (2) للمطار، ومطار القاهرة بدون ترخيص (A C M)، بعد صرف 10 مليارات جنيه، والبرج الجديد، و”ممر جديد” غير مطابق ولا يصلح بتلكفة مليار جنيه، ومناقصة ميكنة 9 مطارات وهمية، وعقد صيانة لمطار شرم الشيخ.
وذكر الطعن أن شفيق قام بحجز لوحات إعلانية مع (طارق نور) بمبلغ 22 مليون جنيه، بعقد اتفاق وقع عليه مدير حملة شفيق، إبراهيم مناع، بالإضافة إلى دعايات أخرى تصل إلى 20 مليون جنيه، رغم أن القانون ينص ألا تزيد الدعاية عن 10 مليون جنيه.
Back to top button