الذين يشعرون منا بالتعب المزمن ربما يكون السبب في ذلك إصابتهم بعقدة في الصغر بسبب صدمة ما وهذا الافتراض قدمه عدد من الباحثين الأمريكيين في دراسة خلصت نتائجها إلي أن نحو 62% ممن يعانون من متلازمة التعب المزمن عانوا من صدمة في الطفولة.
وذكرت صحيفة يو إس آي توداي الأمريكية أن الدراسة أظهرت أن المعاناة من صدمة معينة سواء بسبب الإهمال أو الاستغلال الجسدي أو الجنسي أو العاطفي, مرتبطة بظهور متلازمة التعب المزمن عند الناس في مرحلة الرشد.
وقالت معدة الدراسة الدكتور كريستين هايم من كلية الطب في جامعة إيمروي إن من يعانون من صدمة يشعرون بحالة من التعب المزمن وهي تصيب حوالي 2.5% من الراشدين.
تقول الدكتورة هبة العيسوي أستاذ الأمراض النفسية بكلية طب عين شمس إن الوهن العصبي أو النفسي هو الشعور المستمر بالإنهاك والضعف العام والإعياء والتعب المصحوب بأعراض عضوية متنوعة, إنه بمثابة إرهاق مزمن يحدث حتي بدون اي تعب أو بذل أي جهد مما يؤدي إلي اضطراب في سلوك الفرد وأدائه اليومي ولا تزول الأعراض حتي بعد أخذ قسط من الراحة, المرض له أعراض نفسية وجسمية وغالبا ما تظهر في الصباح وتقل تدريجيا في المساء كلما اقترب من ساعة النوم ويعاني حوالي 10% من المرضي الذين لديهم مشاكل في الأعصاب من هذا الاضطراب.
وعن أسبابه تقول الدكتورة هبة هناك أسباب عديدة لهذا المرض منها المشكلات الأسرية والتنشئة الأسرية غير السوية (القسوة, العناية الزائدة, التدليل الخ) وضعف الروح الاجتماعية, والهروب من تحمل المسؤوليات, وعدم اعتيادها, وسوء التوافق الاجتماعي. ويري أصحاب المدرسة السلوكية في هذا الاضطراب سلوكا مكتسبا من البيئة الأسرية والاجتماعية يعفي الفرد من موقف غريب, أو عذر للآخرين يعفيهم من بذل الجد, أو عذر يبرر الإخفاق في أي عمل وعلي هذا الأساس تكون الشكوي من التعب طريقة للتكيف مستمرة, وتنتشر حتي تصبح محورا لحياة المريض الشخصية, وأيضا قد يكون السبب وراء ذلك أمراض تصيب الجسم, كفقر الدم (الأنيميا), مرض السكر, اضطراب الغدد الصماء, مرض السرطان إلخ, وأيضا النمو المضطرب للشخصية وعدم ضبط النفس واعتقاد الفرد بقلة حيلته وعدم ثقته بنفسه والملل والحياة الرتيبة من الأسباب الرئيسية لهذا المرض, والعامل الشاق المرهق تحت الضغط المصحوب بالقلق والمجهود الذي يستنفد الطاقة العصبية ويعوق الاسترخاء, وأيضا الحضارة الحديثة وضغوطها الشديدة ومطالبها الكثيرة وعدم الاستعداد لمواجهتها .
ومن الأسباب التي لها وقع كبير كما يعزي عالم النفس سيجموند فرويد الضعف العصبي إلي الكبت الجنسي والسموم الجنسية والانحرافات الجنسية المفرطة .
وأيضا التكوين الجسمي النحيف الواهن الذي يتصف أصحابه بشدة حساسية الجهاز العصبي, والقلق والصراع والإحباط.
وعن الأعراض النفسية تقول الدكتورة هبة العيسوي الشعور بالتعب السريع, الخمول والضيق, الارتخاء, ضعف القدرة علي الانتباه والتركيز, الحساسية الزائدة تجاه أدني المثيرات, سرعة التهيج, تجنب الاختلاط مع الناس, اضطراب في دقة العمل, بطء الإنجاز, ضعف العزيمة والإرادة, عدم تحمل المسئوليات, ضعف الطموح والشعور بالإحباط.
وهناك أعراض جسمية أيضا توضحها الدكتورة هبة وتقول: إن هناك أعراضا جسمانية عديدة يشعر بها من يصاب بالتعب المزمن منها ضعف عام وتعب وإعياء لأقل مجهود يبذله المريض, إذ يكون دائم الشكوي والشعور بالتعب دون سبب محدد, وكثيرا ما يبدأ الشعور بالتعب فور مغادرة المريض للفراش. فهو يشعر بالضيق والتبرم وعدم الرغبة في أداء أي عمل من الأعمال التي توكل إليه مهما كانت بسيطة مع ضعف القدرة علي مواصلة التفكير في موضوع معين, والحساسية المفرطة للضوء والأصوات العالية.
وأيضا اضطرابات معوية مثل الإمساك أو الإسهال, ومغص معوي وتقلصات في المعدة, وهبوط أو ارتفاع مفاجئ في ضغط الدم,ضعف جنسي إذ تنعدم لدي الفرد الرغبة في ممارسة الجنس,صعوبة التذكر والتركيز علي الأشياء,اضطرابات التنفس في صورة ضيق في التنفس والربو الكاذب,اضطرابات عصبية نفسية متنوعة مثل الأرق ودوار وترنح ورجفة وقلق واكتئاب وتهيج عصبي وخور في العزيمة, وتبلغ هذه الأعراض ذروتها في الصباح عند اليقظة وتخف حدتها تدريجيا في أثناء النهار.
وأيضا البلادة الزائدة وتوقع الانهيار في أي لحظة, وتصيب الواهن أوجاع وآلام وصداع تتركز أحيانا في عضو معين سرعان ما تنقلب عامة وغامضة, يتعرض للتعب الانتقائي, فلا يظهر عليه التعب عندما تحقق الفعاليات أو النشاطات أهدافه كنزهة إلي مكان جميل, وقد تنقلب آلام الواهن إلي حالات مزاجية.
وعن العلاج يقول الدكتور محمد فكري أستاذ مساعد الأمراض النفسية بكلية طب عين شمس: يعتمد العلاج علي الاهتمام بمفهوم الذات تقوية الثقة بالنفس وإعادة المريض لفهم نفسه ومعرفة إمكاناته وحل مشكلاته النفسية مع الاهتمام بتنمية الشخصية ومساعدته علي إظهار الجوانب الإيجابية فيها وتشجيع الشخص علي تقبل الحياة بقوة وليس بضعف, تعديل نمط حياته حتي يكون أقل توترا.
ويضيف الدكتور فكري أن هناك أيضا العلاج الاجتماعي وهو يعتمد علي العمل علي تحسين الظروف الاجتماعية من حيث ظروف العمل وطبيعته والعمل علي تنمية المساندة الأسرية وتخفيف الإحباطات التي يواجهها المريض في العمل.
وعن علاج الأعراض الجسمانية يقول الدكتور فكري لابد من العلاج الطبي للأعراض العضوية, حيث تستخدم المقويات ومضادات الأكسدة والمنومات والمسكنات للألم مع الراحة التامة والنوم الهادئ بعيدا عن مصادر الضوضاء وكذلك ممارسة جلسات الاسترخاء.
Back to top button