مغارة مبعاج إحدى المناظر والمغاور الطبيعية الخلابة والتي تزيد من جمال طبيعة لبنان. تقع في خراج بلدة علمات - قضاء جبيل، بجوار دير القديسة تريزيا. مميزة ولافتة، علماً ان اهتمام الدولة شبه غائب.
تبعد مغارة مبعاج عن مدينة جبيل عشرين كيلومتراً وعن دير مار شربل ثمانية كيلومترات وعن بيروت 55 كيلومتراً. تصلها عن طريق القديس شربل- عنايا أو عن طريق نهر ابرهيم فتري - الحصون - فرحت أو عن طريق قرطبا كوع المشنقة - علمات، تعلو عن سطح البحر 800 متر.
اكتشفها الفرنسيون عام 1938 وساروا بداخلها كيلومترات عدة، وقد ورد في كتاب للرحالة الفرنسي Bruce Conde عام 1952 أن المستغورين الفرنسيين اضطروا الى استعمال قوارب مطاطية لاجتياز البرك والبحيرات التي بداخلها. كما أشار الى عشرات التماثيل المكونة من الرواسب المائية والى الصاعدات والهابطات المختلفة الأحجام المنتشرة في انحاء المغارة بأشكال جميلة وجذابة.
تستطيع الا ان تدهش أمام عظمة الخالق، هي مغارة طبيعية بكل ما للكلمة من معنى. فأثناء التجوّل داخلها تلحظ ان ثمة تلمساً غريباً وقريباً للتضاريس، اذ ان المياه تتكوّن باستمرار وتظهر جلية جداً وبالعين المجرّدة. فالمسافة قريبة جداً بين الزائر وهذه المغارة. والجميل أيضاً انها ترشح مياهاً في بعض زواياها، ويلاحظ وجود عشرات الآلاف من نقاط المياه المعلقة وهي تبقى كذلك فترة تسعة أشهر لتتساقط بعدها في فصل الشتاء مخلفة نوازل تتدلى بمعدل عشر المليمتر كل سنة. كما ان التضاريس تشكّل مفاجأة للزائر، فلا يُعرف كيف ستكون التضاريس بعد كل متر. ويلاحظ في وسط المسافة المخصصة للزوار والبالغة حتى الآن 220 متراً (من المتوقع أن تصبح 300 متر في القريب العاجل) وجود بقعة لا تقل مساحتها عن مئة وخمسين متراً ينبعث في أرجائها بريق نادر. وفي أحد أرجاء المغارة تشكّل الوحول المتعددة اللون مع الصخور البركانية السوداء، نوازل لا مثيل لها، فتتمازج الألوان مع بعضها مخلفة لوحات فنية يقف الزوار أمامها مشدوهين طويلاً.
والفريد في هذه المغارة انها تتحوّل في فصل الشتاء نهراً متدفقاً يصب في بلدة الفيدار، المحاذية لمدينة جبيل. وفي المغارة أيضاً قاعات وممرات ودهاليز وارتفاعات شاهقة، علماً ان الوصول اليها يتم عبر درج طوله حوالى 40 متراً. كما أن هواءها منعش وصحي.
لكن ماذا تعني كلمة مبعاج؟ للكلمة تفسيران:
الأول في اللغات القديمة يعني الأرض المقدسة اذ يلاحظ وجود كهوف قديمة منتشرة حول مجرى النهر الشتوي المحاذي لمدخل المغارة، ويعود تاريخ هذه الكهوف الى أكثر من أربعة آلاف سنة كانت تقطنها شعوب بدائية، وقداسة الأرض كانت تتأتى من حركة المياه داخل المغارة وخارجها.
والتفسير الثاني في اللغة العربية يعني انبعاج المياه وتدفقها من الداخل فسميت بالمبعج.
لمغارة مبعاج تاريخ طويل مع أبناء القرى المجاورة، فالعديد من شبان بلدات علمات وطورزيا والنبع وفرحت وأولادها دخلوا المغارة بصعوبة كبيرة عبر فوهة ضيقة تكاد لا تتسع لشخص واحد... هم يعرفونها غيباً لكثرة ما ترددوا إليها منذ صغرهم، ويعرفون قيمة هذه المغارة وأهميتها بالنسبة الى اهالي الجوار ومردودها السياحي الايجابي على منطقة جبيل عموماً... أحد أبناء هذه البلدات العميد المتقاعد في الأمن العام نبيل حيدر، الذي تردد إليها كثيراً مع أبناء بلدته منذ طفولته، أراد تأهيل المغارة وجعلها مقصداً ومعلماً سياحياً بامتياز، يقصدها السياح واللبنانيون وتكون محط اهتمام على غرار مواقع سياحية اخرى في لبنان، فتعاقد منذ خمس سنوات مع الرهبنة اللبنانية المارونية مالكة الأرض لهذه الغاية.
"وقد استغرقت عملية التأهيل ثلاث سنوات لتظهر بعدها مغارة مبعاج على ما هي عليه الآن، مجهّزة بالإنارة اللازمة والممرات الآمنة والسهلة حتى للأطفال"، كما يقول العميد حيدر لصحيفة النهار اللبنانية. وقد تكفّل العميد حيدر بعملية التأهيل على نفقته الخاصة.
الزوار يقصدونها، لكن ليس بأعداد كبيرة. حتى ان عدداً كبيراً من أهالي جبيل لم يسمعوا بها، لكن اللافتات الموضوعة على الطريق الجبلية المؤدية الى المغارة تثير الفضول حول هذه المغارة التي لم يسمعوا بها من قبل. ويقول العميد حيدر في هذا الصدد "ان الهدف ليس تجارياً بقدر ما هو اهتمام بطبيعة لبنان". وما يهمّه أن توضع هذه المغارة على الخريطة السياحية الرسمية، كي يقصدها السياح الاجانب والعرب، وليتعرف اللبنانيون إليها وليكتشفوا ان في لبنان طبيعة خلابة لكن ينقصها الاهتمام على الصعيدين الرسمي والخاص على حد سواء. مع ذلك، فإن كل من زار مغارة مبعاج أبدى اعجابه الشديد بها لدرجة دفع بالكثير من الزوار الى التساؤل عن عدم الاهتمام الرسمي الكافي بهذا الموقع الطبيعي الرائع. كما عبّر أحدهم عن جمال المغارة بقوله إنها رائعة الأرض في أرض لبنان.