إزالة حديقة الأورمان!وحديقة الاسماك وعجبى
بعد أن أعلن المهندس سيد عبدالعزيز اقتراحه الخاص بتحويل حديقة الأورمان التاريخية الجميلة بأشجارها ونباتاتها النادرة الي ميدان عام, فإن من حقه علينا أن نشيد به أو أن نرفع له القبعة كما يقول الفرنجة.
فالحديقة التي لا نظير لها في مصر خاصة وهي تضم مجموعة نادرة من نباتات الصبار والزهور وبأشجارها العتيقة التي عمرت لأكثر من مائة عام وبعمرها الذي يقترب من عمر حديقة الحيوان المجاورة وبموقعها الفريد المطل علي جامعة القاهرة وتمثال نهضة مصر, وكوبري الجامعة وبمساحتها التي تزيد علي82 فدانا ـ ليست رئة هائلة للمحافظة فقط, بل يمكن القول إن لها مساحة حب في قلوب كل من عاصرها أو ارتادها, خاصة أبناء جامعة القاهرة, وكل من زاروها للبحث أو للدراسة أو للتعرف علي ما بها من أشجار وزهور ونباتات. ومن حق محافظ الجيزة العبقري أن يتخلص من هذه المساحة الخضراء لكي يضيف لمدينة الجيزة مساحة جديدة من الأسفلت, والذي لا يعرفه الناس أن هذا اللون الأسود للأسفلت أفضل ألف مرة من اللون الأخضر الذي لا فائدة له من وجهة نظر السيد المهندس المحافظ.
ولاشك أن هذا المسئول ومن معه هم من نفس الفصيلة البشرية التي تعادي اللون الأخضر وتطارده وتقضي عليه, وربما كان ومن معه من أبناء وأحفاد من تمكنوا من القضاء علي حديقة الأزبكية الجميلة لكي يبنوا علي أرضها منشآت أسمنتية قبيحة ومن عملوا بكل قواهم لحرمان العاصمة وباقي مدن مصر من آلاف الأشجار ومئات الأفدنة من الحدائق, ومن سمحوا بوجود هذه الجحافل الأمنية داخل عدد من الحدائق بكل ما ترتب علي ذلك من تخريب وإفساد, وكأن الأمن لن يتحقق إلا بوجود هذه القوي بالحدائق, إنها نفس النظرة التي تخلو من الاحترام للون الأخضر. ولقد كان شارع النيل, يضم المئات من أشجار الكافور المعمر الذي تمت زراعته علي جانبي الشارع وعلي جانبي خط الترام بوسطه, وفي هجوم ناجح تم القضاء علي أكثر من ثلاثة أرباع هذه الأشجار, وواصلوا الهجوم بكل قواهم علي مئات أخري. والمدهش أن البعض قرروا التخلص من الأشجار المجاورة لسور حديقة الحيوان بالجيزة, لمجرد أن طائر أبوقردان يتسبب في اتساخ سياراتهم المركونة أسفل هذه الأشجار, وعندما بدأوا عملهم, بدأ الناس في التعبير عن غضبهم, فلم يتمكنوا من اتمام مهمتهم. وفي مرحلة أخري, قرر مسئولون آخرون إزالة حديقة الأسماك بالزمالك, وثار الناس في وجه القرار ومن اتخذوه, وأبدي الآلاف استعدادهم للتبرع لتجديد الحديقة وتطويرها. وهذه الفصيلة من البشر, هي التي تمكنت من هدم النسبة العظمي من الفيلات سواء بالقاهرة أو بالجيزة, بالرغم من كل القرارات والتصريحات حول أهمية وضرورة الحفاظ عليها وعدم هدمها.
ولكن التصريحات والقرارات لم تكن تساوي شيئا عند مسئولين لا هم لهم إلا الثراء من المال الحرام, فالكل يعلم أن الفيلا والحديقة التي تحيط بها سواء أكانت مساحتها كبيرة أو صغيرة مصدر هائل للربح, فمتر الأرض علي سبيل المثال في مناطق العجوزة والدقي والمهندسين يتراوح بين02 و03 ألف جنيه, ومالك الفيلا علي استعداد لدفع الكثير مقابل الحصول علي قرار بالهدم, وهناك مئات من المسئولين علي استعداد للتحايل لإصدار مثل هذه القرارات, لأنهم يعلمون أنها فرصة هائلة لكي يتحولوا الي أصحاب ملايين الجنيهات.
وهكذا فرد الفساد أجنحته وحلق بقوة, ضاربا عرض الحائط بأي شيء يقف في طريقه. نعود الي نقطة البداية, ونطالب السيد المحافظ المهندس سيد عبدالعزيز بألا يقترب من حديقة الأورمان, وليحاول تجربة عبقريته في مجال آخر. وسؤال للسلطة, من أين تأتون بمثل هؤلاء المسئولين؟ وألا من نهاية للعدوان علي الحدائق والأشجار وكل شيء جميل في مصر؟ واللوم هنا لا يقع علي السيد المحافظ فقط, بل علي من اختاروه أيضا, فهم مسئولون عن اختيارهم. وربما لا يعلمون أن رجلهم, استيقظ من نومه فجأة, فقرر تحويل شارع جامعة الدول العربية الي شانزليزيه, والمهم ليس ما جري من اسراف في الانفاق, بل في أن الرجل تسلم خطابا من رئيس جهاز مترو الأنفاق يطلب فيه وقف الأعمال بشارع جامعة الدول العربية, لأن العمل سيبدأ قريبا به في إطار العمل بالمرحلة الرابعة لمترو الأنفاق, وبالتالي سيجري هدم وإزالة ما تقوم به المحافظة, وطبعا لم يتوقف العمل, وجري إهدار المال العام عمدا. يحدث كل هذا الاسراف في حين تعاني المحافظة من تراكم القمامة في معظم أنحائها, ولكن يبدو أن المحافظة لم تعد مسئولة عن النظافة!!
المثقفون.. وثورة يوليو
بصبر الباحث وتمكن الكاتب ورؤية السياسي صاحب الموقف, استطاع الدكتور مصطفي عبدالغني من جمع الشهادات الأخيرة لكوكبة من المثقفين, تضم كل ألوان اليسار تقريبا بجانب قوي من الإسلام السياسي ومن أهل اليمين, وعددا ممن يمكن أن يوصفوا بجرحي الثورة وبعض من شاركوا في احداث32 يوليو.2591
وكان الكاتب علي بينة من حقيقة الجدل بين المثقفين حول32 يوليو, ويعرف يقينا موقف المجموعة اليوليوية من المثقفين, واذا كان هناك من نظر بقداسة الي32 يوليو فإن هناك من لم يعترف لها بأي إنجاز, وبحثا عن الحقيقة النسبية علي الأقل انغمس الدكتور مصطفي في العمل لجمع شهادات هذه الكوكبة مستهدفا من عمله حث الجميع علي التطلع الي المستقبل, ولكن الأمر ليس بهذه البساطة, فالأنصار لا يرون إلا كل ما هو إيجابي ويرفضون تماما أي إشارة الي السلبيات, وفي المقابل لا يري الخصوم إلا أوجه القصور, نعم هناك عمليات مراجعة علي الجانبين, ولكنها مازالت تتطلب وقتا.
وربما كانت الشهادات الأخيرة واحدة من أهم عمليات المراجعة التي قامت بها عناصر من هذه النخبة, وعلي سبيل المثال, فإن إحسان عبدالقدوس الذي أمر عبدالناصر بسجنه لمدة ثلاثة أشهر عقابا له علي مقال نشره بعنوان الجمعية السرية التي تحكم مصر عبر عن موقف إيجابي من الرجل الذي بسط عليه حمايته طوال حياته وأنقذه عدة مرات من مؤامرات كانت تحاك ضده. والذي لاشك فيه أن الكتاب أضاء أبعادا إضافية لمواقف هذه المجموعة من عبدالناصر و32 يوليو. ومما يستوقف النظر أن مصمم الغلاف اختار طابع بريد تذكاريا صدر عام5691 بصورة الرئيس عبدالناصر وأسفل الطابع تم تدوين نتيجة التصويت99,999 في الاستفتاء علي منصب الرئيس, فهل أراد أن يقول شيئا للقارئ؟!