هيكل يحذر من خطورة “بؤرة” شرم الشيخ .. ويؤكد وجود اتصالات يومية بين شفيق ومبارك
مظاهرة رد الجميل نظمتها قوى في شرم الشيخ .. وعناصر أجنبية وعربية مناوئة للثورة تقيم في المدينة
عناصر من النظام كانت حريصة على استمرار مبارك ولو بمذبحة .. والقوات المسلحة رفضت كتب – محمد طعيمة :
حذر الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل مما أسماه “بؤرة شرم الشيخ”. ووصف هيكل منتجع شرم الشيخ بانه مكان نموذجي لحماية رأس الدولة البوليسية، فهو مدينة مطلة على البحر وبها مطار، بعيدة عن العمران المصري وعن سيطرة الجيش، قريبة من إسرائيل ومن القوات الأمريكية في سيناء.
وكشف هيكل في لقائه مع الاعلامي محمود سعد في برنامج مصر النهاردة على التليفزيون المصري عن “معلومات” تؤكد وجود عناصر أجنبية وعربية في شرم الشيخ تتابع ما يحدث في مصر.
وجاءت إشارة هيكل إلى شرم الشيخ عبر تأكيده على ان المظاهرة التي شهدتها ساحة مصطفى محمود الجمعة الماضية نظمتها قوى مقيمة في شرم الشيخ. واصفا المنتجع المفضل عند الرئيس المخلوع بأنه مستغل من أناس كانوا يرفضون تنحي الرئيس.. و”هناك ناس رايحين.. جاييين”.. “مثلا لا يجب ان ننسى ان (بن اليعاذر) وصف الرئيس مبارك بأنه كنز استيراتيجي للدولة العبرية”.
وطالب هيكل المسئولين عن إدارة الدولة المصرية الآن بالتخلص ممن أسماه “بؤرة شرم الشيخ.. الخطرة والتي تحولت إلى مركز مناوئ للثورة وقد تخلق مشاكل”، مذكرا بأن “احمد شفيق دائما ما يفخر بانه تلميذ لمبارك”.. ومؤكدا ان “التليفونات بينهما مستمرة طوال اليوم”.
وحذر هيكل من أن البعض لم يقتنع حتى الآن بان الواقع المصري قد أختلف جذرياً، مشيرا إلى أن الأيام التي سبقت إعلان مبارك التنحي شهدت صراعاً بين قوتين في مطبخ صُنع القرار، الأولى ومركزها القوات المسلحة تمسكت بأن الجيش “يستحيل عليه ان يطلق الرصاص على المتظاهرين”، مقابل فريق يرى ان الوضع يجب ان “يستمر حتى نهاية الفترة الأخيرة للرئيس.. لو بمذبحة”
وانتقد هيكل ما شهدته مظاهرة جمعة النصر، ملمحاً إلى وجود بعض القوي تحاول توجيه الأمور لصالحها مثل بعض الأحزاب التي ذهبت للحوار مع عمر سليمان ومشيرا إلى أن احد نواب الإخوان كان يُخرج ويدير ما يحدث على المنصة، . في ووجود الشيخ يوسف القرضاوي وهو شخص جليل وإحترمه وكنت أتمني ألا يعرضه أحد لهذا الموقف. فقد ظهر أمامي رجل كبير ومريض مثلنا تماما، وقد تكلم بعقل وحكمة ولكن استطيع القول أن آخرين كانوا يريدون بهذا الموقف تصويره وكأن الخوميني عائد إلي مصر.”. لكن هيكل توقف عند فشل محاولة عناصر من الإخوان الترويج “لهتافاتهم.. فلم تتجاوب معهم الجماهير وهتفت هتافا جمعيا”، متهما الإخوان بانها “تحاول ان تحصل لنفسها على ميزة عبر الثورة الشعبية”، ليخدموا “بؤرة شرم الشيخ” بايقاظ المخاوف الغربية.
ورأى هيكل ان الحالة الإقتصادية في مصر ليست بهذه الدرجة من السوء، وان ايقاف شبكات الفساد من شانه أن يُحسن الاوضاع كثيرا، واصفا بعض ممارسات “الفكر الجديد”.. بـ”البذيئة”.
وأكد هيكل أن عصر مبارك لم يكن به فساد فقط بل كان عبارة عن دولة أسست للفساد عن طريق القانون الذي جرى استخدامه لتقنين أوضاع فاسدة، مشيرا إلي أن هذا الوضع جعله يتوقع حدوث انفجار، لكنه لم يكن يعرف شكل هذا الانفجار. وقال إن الخوف كان علي قوي التغيير لأن الحياة السياسية كانت قد جمدت في مصر وجميع الأحزاب لم تكن قادرة علي التغيير، ورغم ذلك كنت علي يقين أن الإنفجار قادم. والمدهش بالنسبة لي ولجيلي بشكل عام، أننا أمام ثورة قام بها شباب مستخدما جميع أدوات الإتصال الحديث لكننا، أمام ثورة بلا دليل بمعني أن الثورة الفرنسية سبقها علي سبيل المثال فكر مهد لها، وكذا الثورة الشيوعية وغيرها، كما أنها ثورة بلا قيادة.
بعد 11 فبراير، يوم تنحي مبارك، إذا تصورت أن الثورة تنتهي بخروج رجل فيكون لدينا عيب كبير جدا. فالثورة تتحقق عندما تغير أوضاع ونظم متكرسة. وأمامنا ثلاثة مشاهد، أولها والمطمئن أن كل من قام بثورة 25 يناير يدرك جيدا أنها لن تنتهى بخروج مبارك والدليل هو الملايين الذين خرجوا يوم الجمعة للتأكيد علي مطالبهم. في وجود قوات الجيش التي تحافظ علي مطالبهم.
وأضاف هيكل: لدينا 80 مليون منتظرون بأمل ما سيحدث وأتصور أن ما يطمئنهم هو وجود برنامج واضح لما سيحدث، واتفهم أننا الآن غير قادرين علي تلبية مطالب أحد، لكن لابد وأن نستمع لخطاب واضح بجدول أعمال واضح.
وشدد على أن أول شئ ينبغي التأكيد عليه هو أن ما حدث كان ثورة وليست تظاهرة وليست إحتجاج فعلينا أن نفهم أن هؤلاء الشباب كانوا طليعة وراءهم ملايين يعبرون عن آخرين لم يخرجوا ونحن هنا أمام ثورة. والرئيس مبارك وعنده عذر لم تصل إليه الحقيقة الكاملة بل وصلوا إليه معلومات أنها قلة مندسة وهو التعبير الذي ظل يستخدمه وحين تطور الموقف قالوا له أن وراءهم الإخوان. مشيرا إلى أن من لايدرك تلك الحقيقة ينبغي عليه ألا يكون موجودا.
وأشار هيكل إلى وجود حالة “تصفية حسابات”، مطالبا بالتفريقة بين المحاسبة وتصفية الحسابات، ولإنهاء الفساد والحاسبة عليه طالب بتشكيل هيئة خاصة للقيان بتلك المهمة، موضحا أن مخصصات رئيس الجمهورية حوالي 80 أو 90 مليون جنيه من ميزانية الدولة سنويا، وجزء من عوائد قناة السويس تذهب مباشرة إلي رئاسة الجمهورية. وهذا المثال يحتاج إلي الإختصاص والتفتيش لأن حجم ما فسد شنيع جدا.
وتحدث هيكل عن “الثورة المضادة”، مؤكدا أن على الشباب القلق بالفعل، معتبرا أن أكثر ما يشجع الثورة المضادة هو موقع شرم الشيخ وأقول هنا أن البلد ليست مدينة لأحد وليست الضربة الجوية هي نصر أكتوبر لكنها جزء منه. ولتفادي الثورة المضادة قال إنه لا يمكن مواجهتها إلا بالتنبه والوعي بالإضافة إلي اذاعة الحقائق حول الفساد وإهدار الموارد.
ونفى هيكل أسطورة “الضربة الجوية الأولى” قائلا: في سبتمبر 1973 كنا في برج العرب ومعنا المشير أحمد اسماعيل والسيدة جيهان السادات وكنت المكلف بكتابة التوجيه الإستراتيجي طبقا لما يراه الرئيس السادات، وقال إسماعيل أنه قلق من تصور الرئيس السادات للضربة الجوية لأنها قد تفسد أهم عنصر في المعركة وهي المفاجأة، وأضاف أن لدينا القوات البرية والمشاة والإسرائيليون يعتبرونها جزء من المناورة. ورد السادات قائلا أن غرضه من الضربة الجوية هو غرض سياسي، والسيدة جيهان لازالت موجودة ويمكن التأكيد علي ذلك. لكن السادات كان يريد ضرب الطيران ولو أنهم هدفين فقط لكنه سيكون تعويض لما حدث يوم 5 يونيو.
رافضا إعطاء مبارك شرعية أكتوبر، ومشيرا إلى أن هناك افراد لهم شرعية أكبر منه، وإذا أعطيته شرعية باعتباره رجل كبير وله إحترامه، فـ”كلنا كبار وكلنا في حاجة إلي العلاج”.
وقال أنه يريد الرئيس القادم بلا سلطات بعد تحول نظام الدولة إلي نظام برلماني لأن النظام الرئاسي يخلق الفرعون. ونحن هنا أمام لحظة للتأسيس وليس للإرتجال ونريد هنا دستورا جديدا.