أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتديات 56 نيوز، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .





22-08-2011 01:20 صباحاً
moustafa refaat
مرشح للاشراف
rating
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 2008-09-29
رقم العضوية : 267
المشاركات : 1377
الدولة : EG
الجنس : ذكر
قوة السمعة : 385
موقعي : زيارة موقعي
التعليم : ابتدائي
الهواية : شعر
  








أنا



1313968665811





كلمة ظريفة .. لا يوجد أظرف منها في الدنيا .. إنها أغنية ..

إنها تدخل في أي جملة فتجعلها جملة مفيدة مهمة و تدخل في أي موضوع فتجعله موضوع الساعة ..


لأنه أصبح موضوعي أنا .. و فلوسي أنا .. و حبيبي أنا .. و روحي أنا .. و قلبي أنا !

و لكن أنا ؟ .. من أنا ؟

هل حاول أحدكم أن يسأل نفسه هذا السؤال .....

من أنا ؟

أنا فلان .. فلان أيه .. فلان ابن فلان .. يعني أيه .. مجرد ألفاظ .. مجرد رموز أو إشارات تدل على حقيقتي .. طيب و إيه هي حقيقتي ؟

وهنا يبدأ اللغز ..
ما هي حقيقتي ؟

إني أحاول أن أمسك بوجودي وأكتشفه و أفحصه كما أفحص هذه المحبرة فأجد أنه وجود بلا قاع .. وجود مفتوح من الداخل على إمكانيات لا نهاية لها .. و ألقي بحصاة في هذا البئر الداخلي فلا أسمع لها صوتاً .. لأنها تهوي و تهوي إلى أعماق بلا آخر ..

أنا من الخارج لي حدود .. ينتهي طولي عند 170 سنتيمتر ..
لي سقف ينتهي جسدي عنده .. و لكني من الداخل بلا سقف و بلا قعر .. و إنما أعماق تؤدي إلى أعماق .. و أفكار و صور و أحاسيس و رغبات لا تنتهي أبداً إلا لتبدأ من جديد ..

كأنها متصلة بينبوع لا نهائي .. و هي أعماق في تغير دائم و تبدل دائم .. بعضها يطفو على السطح فيكون شخصيتي و بعضها ينتظر دوره في الظلام ..

و أنا في الخارج أتبدل أيضاً .. الواقع يكشط هذه القشرة التي تطفو خارجي فتطفو قشرة أخرى من عقلي الباطن محلها ..

و كلما أمسكت بحالة من حالاتي و قلت هذا هو أنا .. ما تلبث هذه الحالة أن تفلت من أصابعي و تحل محلها حالة أخرى .. هي أنا .. أيضاً ..

شيء محير .. !!

و أنظر حولي في العالم .. فأجد أني أعوم في هذا العالم كما تعوم البطة في الماء .. تجدف فيه بريشها ولا تبتل و إنما ينزلق من عليها الماء كأنه من عنصر آخر غريب عنها ..

أنا متصل بالعالم منفصل عنه في نفس الوقت ..
إنه يدخل في تكويني بحكم المسكن و المأكل و المشرب و الاتصال بالآخرين .. و لكنه غير ملتصق بي ..

إنه يذكي شعوري و يثير اهتمامي فقط .. و بمقدار اهتمامي أظل على علاقة به فإذا انتهى اهتمامي نفضته تماماً كما تنفض البطة الماء من ريشها حينما تصل إلى الشاطئ ..

إني أحتضن العالم باختياري و أخلع عليه اهتمامي و شخصيتي و أتبناه و أظل مصاحباً له طالما هو .. أنا

فإذا انتهت هذه العلاقة الأنانية .. عدت إلى نفسي ..
و لكني لا أنجو مع هذا من الإبتذال .. و التردي في هوة الناس ..

العالم يبتذلني أحياناً فأذوب فيه بعض الوقت .. أفعل ما يطلبه مني رئيس التحرير المجلة التي أعمل بها و أؤدي ما يطلبه مني مدير المستشفى الذي أشتغل فيه طبيباً ........

و أخضع لروتين العادة و العرف و المجاملات و أضيع نفسي في الثرثرة و أختبئ وراء المشاكل اليومية .. و أتستر خلف الناس .. و أقول و أنا مالي .. هم عاوزين مني كده .. الدنيا كلها بتعمل كده !

و في هذه الحالات تضيع مني نفسي .. تضيع مني .. أنا .. و أصبح موضوعاً من الموضوعات مثل الكرسي و الشجرة و الكتاب .. و أفقد الشيء البكر الذي يميزني عن كل شيء .. و يجعل مني نسيجاً وحده .. يجعل مني .. أنا .. فلان الفلاني ..

هذه أوقات لا أحس بها .. و إنما تبدو ممسوحة و مشطوبة من حياتي .. تبدو فترات موت ..


■ ■ ■

د. مصطفـى محمـــود
من كتاب : لغز الموت




لا يمكنك الرد على هذا الموضوع لا يمكنك إضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
أنا....! ،









الساعة الآن 09:24 AM