أهمية النَّسَـبْ وأطرافه وصاحب الحق فيه
[blockquote][/blockquote]
[size=5]أهمية النَّسَـبْ وأطرافه وصاحب الحق فيه
بما ان الزوجـية سُنـه من سُـنن الله تعالي في الخـلق والتكوين , وهى عـامة مطـرده لا يشـذ عـنها عـالم الانسـان , وهى الاسلوب الذي اختاره الله للتوالد والتكاثر واستمرار الحياة , بعد ان أعدَّ كلاً من الزوجين وهيأهما , بحيث يقـوم كـل منهـما بـدور ايجابي في تحقيق الغاية التى من أجلها شرع الله سبحانه وتعالي الزواج 0( ) ...
قال تعالى يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً " ( )
ولم يشأ الله أن يجعل الإنسان كغيره من العـوالـم , فـيدع غـرائـزه تنطلق بلا وعى , ويترك اتصـال الذكـر بالأنثـى فوضى بلا ضابط له, بـل وضع النظام الـملائم لسيـادته , والذي من شـأنه أن يحفـظ شرفه , ويصون كرامته , فجعل اتصال الرجـل بالمرآة اتصالا كريمـا , مبنيا على رضا " إيجاب وقبول " وعلى أشهاد 0
قال : لا نَِكاح إلا بولىَّ وشاهدىّ عدل رواه الدارقطني"
وبهـذه الطريقة وضع الله للغريزة سبيلـها المأمون , وحمى النسـل من الضياع , حيث أن النسـل هـو ثمار أعدَّ , فـتحوطهم غريزة الأمومة , وترعـاهـم عاطفـة الأبوة , فـتـنبت نـباتـا حسنا , وتثمر ثمارا يانعا .
فالـزواج بـالشريعة التـى رسمها الله سبحانـه وتعالي لخلقـه هـو أحسـن وسـيلـــه لإنجاب الأولاد , وتكثـير النسل , واستمرار الحياة مع ألمحافظه على الأنساب التـى يـوليـها الإسلام عناية فائقة , فـفي كـثرة النسل من المصالح العامــة والمنـافـع الخاصـة الكـثير, وقـيل ن الأحـنف بن قـيـس دخل عـلى معاوية بن أبى سـفـيان ويـزيد بين يـديـه .
فقال معاوية : يا أبا بحر ما تقـول في الولـد ؟
فقال الأحنف بن قيس : يا أمـير المؤمنين هـم عماد ظهـورنـا , وثمـر قـلـوبنــا , وقـرة أعـيننا, بهم نصـول عـلى أعدَّائنا, وهـم الخلف لمن بعـدنا , فكن لهم أرضا ذليلة وسمـاء ظليلة, إن سألوك فأعطهم , وإن استعتبوك ( ) فاعتبهم, ولا تمنعهم رفـدك ( ) فيملوا قربك, ويكرهـوا حيـاتـك ويستبـطئوا وفـاتـك 0
فالزواج علاقة مصاهره ترتبط بها أسرتان لتنشأ أسرة ثالثة, وهو من عوامل توثيق الروابط بين أفراد الجماعة وإشاعة المحبة فيها , وبه تتسع دائرة التعارف والمودة بين الناس( )، هذا بالاضافة إلى نشأة الأولاد ثمار هذا الارتباط الشرعى العلنى في جو من الطمأنينة والاستقرار بين أم و أب أقاما حياتهما على أساس شرعى ومٌعلن إلى كل أفراد المجتمع مفاخرين به وبثماره .
فالأولاد هـم ثـمرة الحـياة الزوجية وغايتها, وهم اللبنات التى يقوم عليها هـذا الوجود , فبهم تتكـون الأمم وتقـوم عليهم المجتمعات , وفي ألمحافظه عليهم ورعايتهم ضمان أكيد لقـيام هذه المجتمعات عـلى أكمل الوجوه وأتمها, وفي إهمالهم وعـدم العناية بهم ضياع للأسره وانهيار للمجتمع وقد رتب الشارع على عقد الزواج حقوقا لكل من الزوجين على الأخر , فالزوج له على زوجته حق الطاعة ولها عليه حق إفائها معجل صداقها والإنفاق عليها إلي غير ذلك من الحقوق ....وهو أيضا رتب عليه حقوقا لغير الزوجين وهم الأولاد اللذين يكونون ثمره للزواج , فشرع لهم من الحقوق ما يكفل سعادتهم ويصونهم من الضياع , وأول هذه الحقوق ثبوت نسبهـم إلى والديهم , لأنهم به يُحفظون مـن الذل والضيـاع.. ( )
ولو لم يكن ذلك الزواج الذي شرعه الله ورسم طريقه لعج المجتمع بأولاد لا كرامة لهم ولا أنسـاب , وفي ذلك لعنـة للأخلاق الفاضلة , وانتشار مريع للفساد والأباحيه , وباستقرار الأنساب يسـلم المجتمع من الانحلال الخلقى ويأمن الأفـراد مـن التـفسخ الاجتماعى . ففى النسب المستقر للولد مما يرى إن كان مدركا, أو ما يصل لعلمه عن هذا الإنكار عند كبر سنة, من الصراع الذي كـان بين أبويه فيما يتعلق بمسألة نسبه , وربما يلاحقه 0 العار والخزى من هـذا طيلة حياتـه 0
وتعـد رابطه النسب أسمى الروابط الإنسانيـة ولذا فقد اهتم بهـا الإسلام اهتماما بالغا ، وبهذا لم يتركـها الشـارع نهبا للأهواء والعواطف ، تهبها لمن يشاء وتحرم منها من أرادت ، بل تولاها بتشريعه واعتنى بها أعظم عناية وأحاطها بسياج منيع يحفظها من الفسـاد والانحلال والاضطراب ( ) فنهى الآباء عن إن يدعوا أبناء غير أبنائهم وينسبونهم إليهم : فقال تعالى وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (3)
وقال تعالى ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ(3)
كما نهاهم عن إنكار نسب الأولاد الذين منهم .
قـال : أيما رجل جحـد ولده وهو ينظر إليه - أى علم انه ولده - احتجب الله منه يوم القيامة وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين"(4) وفي رواية " وفضحه على رؤوس الخلائـق
وأيضاً حرم على النساء إن ينسبن لأزواجهن من تعلمن انه ليس منهم .
وعـن أبى هريرة رضى الله عنه انـه سمـع رسـول الله صلى الله عليه وسلم يقول حـين نزلـت آية الملاعنة " أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله في شئً , ولم يدخلهـا الله جنته , وأيما رجل جحد ولـده – وهو ينظـر إليه – احتجب الله عنـه وفضحـه على رؤوس الأولين والآخرين" ( ).
كذلـك نهى الأبناء أن ينتسـبوا إلي غـير آبائهم : قال عـليه الصـلاة والسلام : " من ادعى إلي غير أبيه وهـو يعلم انه غير أبيه فالجنة عـليه حرام " ( )
هـذا وقـد أقام الإسلام علاقة وطيدة بين رابطة النَّسَـبْ ورابطة الزواج , فجعل الثانية وهـى رابطه مقدسة سببا لثـبوت الأولى , فالزواج يعد أداة تحليل مخالطة الرجل بالمرأة , بما ستلزمه ذلـك من جعـل الـزوجه مختصة بزوجها في حق الاستمتاع ومحرمه على غيره , فإذا أثمرت هـذه المخالطة نسلا ينسب للزوج , ومـن هنا تـأتى أحد الأصول المقررة في الشريعة الإسلامية وهى الولد للفراش ( ) قـال عـليه الصلاة والسلام : عـن أبى هريرة عن النبى () قـالالَـَوَلَدُ لِلـفِرَاشْ , وللعَاَهِرْ الَحَجَرْ ( ) وسـوف نتناول هذا الحديث بالشرح فيما بعد 0
فالأصل الشرعي الذي يرتكز عليه نظام النسب , هو "الولد للفراش " وقد تناول فقهاء المسلمين هذا الأصل بعناية كبيرة , فكانوا على قول واحد بشان ضـرورة تحقـق الفـراش , إلا أنهـم اختلفوا بشأن الشروط اللازمة لإعمال هذا الأصل الشرعي( ), وذلك لأن إنكار الأب ولده يترتـب عليه تعريضه وأمة للذل الدائم والعار الذي لا ينتهى , وفي هذا من الضرر ما لا يخفي, ومن أجل ذلك عُنىّ فقهاء الإسلام بهذا الحق عناية كبيرة وحرص الكثير منهم على عدم ضياع الولد , لاسيما فـقهاء الحنيفة, فـإذا رأينا بعض الأحكام في هذا الموضوع لا تتفق مع العادات، فمرجع ذلك هو الرغبة الصادقة في ألمحافظه على الولد وعدم ضياعه( ) ,المهم أن تكون الأحكام متفقه وما جاء به كتاب الله ورسوله , بالاضافه إلى القـواعد الذي أرساها الفـقـهاء الأجلاء في مـذاهبهـم.
ومن الجدير بالذكر إن دعاوى النسب لازالت باقية على حكمها المقرر في المذهب الحنفي, فلا يشترط لسماع دعوى النسب أن يكون الزواج الصحيح ثابتا في ورقة رسميه , وإنما يكفي لإثبات النسب أو لسماع دعوى النسب أن يكون مثبتا في محرر عرفي, أو كان بعقد غير مكتوب 0
وقضت محكمة النقض :
دعـاوى النَّسَـبْ لازالت باقية عـلى حكمها المقـرر في المذهب الحنفي - فلا يشترط لسماع الدعوى بإثبات النسب وصحتها إذا كان سببها زواج صحيح إن يكون هذا الزواج ثابتا بوثيقة رسميه وإنما يصدق عليه هذا الوصف ، ويـصح سببـا لإثبات النسب باعـتبـاره كذلك متى حضره شهـود واستوفي أركانه وسائـر شـروط صحـته شرعا سواء وثق رسميا أو اثبت بمحــرر عـرفي أو كـان بعـقـد غـيـر مكتـوب 0
" الطعن رقم 44 لسنة 51 ق جلسة 16/3/1982"
حق النسب وأطرافه :
أطراف النسب كما هو معلوم ، ثلاثة أطراف ، لا ينفك عنهم وهم: الأب – الأم – الولد .. لأن نشأة النسب لا تتحقق إلا بالرابطة التى تجمع بيـن الثـلاثة أطـراف السالفـة 0
فالأب الذي يكون الولد بضع منه , حينما لا يعـترف به أى لا يعترف بأبوتـه له , فلا تثبت له حقوق هذه الأبوة ولا لولده حقوق البنوة , إلا إذا كانت معاشرته و مخالطته لأم ذلك الولـد 0
فإذا ما تحقق في مخالطته للمرآة ذلك وثبُتت أبوته للولد ، فان هذا الولد ينسب إليه لا إلى الأم , وذلك باعتبار أن الأب هو رب الأسرة , ولا يعنى هذا نفي نسبـه من الأم ولا يرفع الحقوق المترتبة على هذا النسب , فهو وان لم يُذكَر في اسم الولد فهو موجود وقـائم ويتـرتب عـليه آثاره , أي عدم ذكر الأم في اسم الولد ، أما إذا لم يثبت نسب الولد من أبيه كما في ولد الزنا , فانه ينسب إلي أمة ويقترن اسمه باسمها للتعريف به . ( )
وحقوق النسب الأربعة هي :
1- النَّسَـبْ حـق لله تعالي :
كما سبق وان قلنا إن رابطة النسب أسمى الروابط الإنسانية , ولذا اهتم بها الإسلام اهتماما بالغا, فلم يتركها سبحانه وتعالي نهباً للأهواء والعواطف تهبها لمن تشاء وتحرم منها من أرادت بل تولاها سبحانه وتعالى بتشريعه واعتنى بها أعظم عناية وأحاطها بسياج منيع يحفظها من الفساد والانحلال والاضـطراب كما سبق أن ذكرنا .
والنسب فيه حق لله تعالى و يسمـى بالحـق العـام ، و هـو ما يحقـق مصلحة عامة للمجتمع و نُسِبَ لله تعالى لعظـم شأنه و شمولية نـفعه للمجتمع كله ، والنَّسَـبْ في ذاتـه من الأمور التى ترتبط بالمجتمع ، إذ عليه يقوم بناء الأسرة التى هى نواة المجتمع .( )
لذلك يجوز أن ترفع دعوة النسب حسبه ، وتقبل الشهادة فيها حسبه بلا طلب ، و يكون القاضي نائبا عن المجتمع وخليفة الله في أرضه فيما يـتعلق بـدعـوى النسب بالـذات .
و قضت محكمة النقض :
ثبــوت النسب نعلقه بحق الأم و حق الصغير وبحق الله تعالى. الأم لا تملك إسقاط حق وليدها . اعتبار الصغـير ماثـلا في دعـوى النَّسَـبْ وان لم يظهر خصومة باسمه . علة ذلك.
لئن كان ثبوت النسب - وعلى ما جـرى به قضاء هذا المحكمة – يتعلق بحق الأم و بحق الصغير وبحق الله تعالي ولا تملك الأم إسقاط حق وليدها في هذا المجال فإن الدعوة التى ترفعها الأم أو الغير بطلب ثبوت نسب الصغير يعتبر الأخير ماثلا فيها وان لم يظهر في الخصومة باسمه لنيابة مفترضة في جانب رافعها لما ينطوى عليه من حق للخالق يصح أن ترفع به الدعـوى حسبه.
"الطعن رقم 7 لسنة 44 ق جلسة 31/12/1975"
[color=#0040bf]فالمحكمة تحكم به من تلقاء نفسها ، ولو لم يُدع عند الإنكار متى قامت الأدلة على ثبوته , كما عليها ألا تكتفي بما يقدمه مدعى النسب من الأدلة بل تتحرى عن ثبوته بكافة الطرق , ومنها اللجوء إلي جهة الإدارة لموافاتها بالتحريات اللازمة ( ) , بل لها الحق في استدعاء من ترى شهادتهم , وأيضا طلب الأوراق من أى جهة إدارية , وكذلك اللجوء لأهل العلم والأطباء والمتخصصين في علوم البيولوجى 0
ويترتب على كونه حقا لله تعالى كما سبق إن بينا إن الشهادة تقبل فيه حسبه أى من غير إن تكون هناك دعوى, أي في غير مجلس القضاء .
وتجـوز أيضاً بلا طلب من المـدعى , وقد تضمن ذلك الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهـرة في القضية رقم50 لسنة 1964 "أحوال شخصية " و التي جــاء فيها " انه من المقرر شرعا إن النَّسَـبْ هو حـق لله تعالي وهــو مـن النظـام العـام , وقـد حـرص الشرع على إثباته حتى إذا دار الأمـر بين ثبوته ونفيه ، تَرَجَّحَ جانب الإثبات ، وتقبل فيـه الشهادة حسبه ويغتفـر فيه التناقض لما قـد يصاحبه من لبس أو خفاء , وتجوز الشهادة فيه بالتسامع , ويترتب النَّسَـبْ في نكاح فاسد ووطء يشبه ( ) "
ومن قضاء محكمة النقض :
النسب حق أصلى للام وللولد – تعلق حق الله تعالى به والأم لا تملك إسقاط حقوق ولدها أو المساس بحقوق الله تعالى .
من المقرر في قضاء النقض انـه وان كان ثبــوت النسب حـق أصلى للام لتدف ع عن نفسها تهمة الزنا , أو أنها تُعير بولـد ليس لــه أب معروف , فهو في نفس الوقت حق أصلى للولـد , لأنه يرتب لـه حقوقا بينها المشرع والقوانين الوضعية كحق النفقة والرضـاع والحضانـة ، والإرث , ويتعـلق بها أيضا حق الله تعالى لاتصاله بحقوق وحرمات أوجب الله رعـايتها , فـلا تـملك الأم إسـقاط حقوق ولدها أو المساس بحقوق الله تعالي وإذ الـتزم الحكم المطعـون فيـه هـذا النظـر وقرر " أن الاعـتراف المنسوب إلي المطعون عليها بإنكار نسب البنت لا يؤثر على حق الصغيرة في ثبوت النسب ولا يدفع ما ثبت بالبينة الشرعية فإن النعى عليه يكون في غير محله . ( )
"الطعن رقم 24 لسنة 39 ق جلسة 23 /5/1973"
" ثبوت النسب حق أصلى للولد والبنت - تعلق حق الله تعالى به لا حق للأم في إسقاط حقوق ولدها – ترك الأم الخصومة في دعـوى ثبوت النسب لا ينصرف إلي حق الصبى وحق الله .
ثبوت النسب وإن كان حقا اصليا للأم لتدفع عن نفسها تهمة الزنا أو لأنها تُعير بولد ليس له أب معروف ، إلا إنه في نفس الوقت حق أصلى للولد لأنه يرتب له حقوقا بينها المشرع والقوانين الوضعية كحق النفقة والرضاع والحضانة والإرث، ويتعلق به أيضا حق الله تعالى لاتصاله بحقوق وحرمات أوجب الله رعايتها ، فإذا كانت المطعون عليها قـد تركت الخصومة في دعوى ثبوت النسب نزولا منها عن حقها فيه فلا ينصرف هذا النزول إلى حق الصغير أو حق الله .
" الطعن رقم 30 لسنة 35 ق جلسة 8/12/1967 "
" الطعن رقم 28 لسنة 44 ق جلسة 12/5/1976 "
(2) النسب حق للأب :
النسب حق للأب لان من حقه صيانة نسله الذي هو منه وحفظه من الضياع ، ولأنه يترتب على ثبوت نسبه من الأب حقوق أخرى كحقه في إن يعوله ابنه في شيخوخته ، وحقه من قبل هذا في تربيته ورعايته على إن يكون ولد صالح يدعو له وكما سبق من حديث معاوية والأحنف ... فهـم عماد ظهورنا ، وثمر قلوبنا ، وقرة أعيننا ، بهم نصول على أعدَّائنا ، وهم الخلف من بعدنا .... "
(3) النسب حق الأم :
من الثابت إن الولد للام فهى التربة التى وجد فيها ، وأُخرج منها بالولادة ، وبالتالي لابد له من أب يكون قد وطأها ، وهذه الأم في حالة الإنكار من قبل من وطأها بنسب الولد له ، فهى في هذه الحالة تكون قد أتت به سفاحا ، ومن حقها في هذه الحالة إن تصون نفسها قبل إن تصون ولدها بنسبه إلي أبيه الحقيقى المُنكر لـه ، وأيضا حتى لا ينعتها المجتمع بالزانية .
فالنسب حق أصلى للام لان من حقها إن تدفع عن نفسها تهمة الزنا, أو أنها تُعير بولد ليس له أب معروف ، بالاضافة إلي أنها تصون ابنها من الضياع وتكفل له رعاية أبيه ، كما أن نسب ولدها لأبيه يرتب له حقوقا سواءً كانت الحقــوق الشرعية أو الحـقـوق القـانونيـة , كحـق النفـقـة والمـيراث ، إلي جانب حمايتـه من العار الذي يلحق به من عدم ثبوت نسبـه إلى أبيه ، ولعـلنـا نلـمس مـدى الخـزى والعـار للام ولـولـدها ولأهلها أيضا من عدم ثبوت نسـب ولدها ، وذلك فيما قالته زوجة هلال بن أميه أول متلاعن في الإسلام , وذلك عندما شهد هـلال وقذف امرأته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء وعندما شهدت فيما كانت في الخامسة وقفوها أى أشاروا إليها بعدم إتمام اللعان وقالوا أنها المُوجبة .
قال ابن عباس : فتلكأت ونكصت , حتى ظننا أنها ترجع, ثم قالت: لا افضح قومى سائر اليوم ولنا عـودة إلى هذه الرواية في فصل اللعان .
الشاهد من هذا مدى الخزى والعار الذي يلحق بالأم وبعشيرتها وولدها بعدم إثبات نسب الولد , حيث إن ثبوت نسب ولدها من أبيه تأكيد لشرفها وحماية لعرضها وكرامتها 0
وقضت محكمة النقض :
ثبوت نسب الولد للام (ولد الزنا) شروطه - ثبوت نسبه للام بخلاف الأب - شروطه - ثبوت النسب للزوج بإقرار الزوجة - شرطه - عدم جواز الرجـوع في الاقرار0
نسب الولد يثبت من المرآة التى تقر بأمومتها له متى لم تكن له أم معروفة وان يكون ممن يولد مثله لمثلها وان يصادقها المقر علي إقرارها إن كان في سن التمييز دون توقف على شيء أخر ودون حاجة إلي إثبات سواء كانت الولادة من زواج صحيح أو فاسد أو من غير زواج شرعى كالسفاح والدخول بالمرآة بشبهة , إذ ولد الزنا يثبت نسبه من الأم بخلاف الأب طالما لم تكن المرآة ذات زوج أو معتدة ويجب لثبوت نسبه من زوجها أو مطلقها أن يصادقها على إقرارها أو أن تُثْبِت أن هذا الولد جاء على فـراش الزوجية وحينئذ يثبت نسبه منها فإذا تحققت هذه الشروط في إقرار الأم نفذ عليه وثبت النسب به وتعين معاملة المقر بإقراره والمصادق بمصادقته ولا يجوز الرجوع عن هذا الإقرار بعـد صحته ويترتب عليه جميع الحقوق والأحكام الثابتة بين الأبناء والآباء 0
"الطعن رقم 17 لسنة 46 ق جلسة 22/2/1978 "
ثبوت الولد من المرآة التى تـقر بأمومتها له متى لم تكن له أم معروفة - وكان ممكن يولد مثله لمثلها وصادقها المقر له على ذلك إن كان في سن التمييز دون توقـف على شيء آخر ودون حاجة إلي إثبات - شرطه - ألا تكون وقت الإقرار متزوجة أو معتدة أو أقرت بالولد ونسبته إلي من كان زوجـا لها - علة ذلك.
نسب الولد وان صح ثبوته من المرآة التى تـقـر بأمومتها له متى لم تكن له أم معروفة , وكان ممن يولـد لمثله وصادقها المقر له على إقرارها إن كان في سن التمييـز دون توقف على شيء آخر ودون حاجة إلي إثبات , سواء كانت الولادة من زواج صحيح أو فاسد أو من وطء بشبهة أو من غير زواج شرعى كالسفاح .
إذ ولد الزنا يثبت نسبة من الأم بخلاف الأب , إلا أن ذلك مشروط بالا تكون المرآة ذات زوج أو معتدة , لان إقرارها عندئـذ يكون قاصـر الأثر عليها ولا يتعداها إلى الغير , أما إذا كانت وقت الإقرار متزوجة أو معتدة أو أقرت بالولد ونسبته إلي من كان زوجا لها , فان النسب لا يثبت بإقـرارها لما فيه من تحميل النسب على الغـير وهو الزوج , ويتعين لثبوته أن يصادقها الزوج وإلا وجبت إقامة الحجة كاملة عـلى مُدَّعاهـا لان الإقرار متى حمل النسب فيه على الغـير يكـون دعوى مجردة أو شهـادة مفـردة والدعـوى المجردة لا تكـفي للقضاء بموجبها , كما أن شهـادة الفـرد فـيما يطـلع عـليه الرجال لا تقـبل 0
"الطعن رقم 30 لسنة 53ق "أحوال شخصية" جلسة 28/1/1986"
لئن كان ثبوت النسب حقا اصليا للام لتدفع عـن نفسها تهمة الزنا أو لأنها تُعير بولد ليس له أب معـروف فهـو في نفـس الوقت حق أصلى للولد لأنه يرتب لـه حقوقـا بينها المشرع والقوانين الوضعية كحق النفقـة والرضاع والحضانة والإرث وتعلق به أيضا حق الله تعالي لاتصـاله بحقـوق وحرمات أوجب الله رعايتها فلا تملك الأم إسقاط حقوق ولدها أو المسـاس بحقـوق الله تعالى ومن ثم فلا يعيب الحكـم وقـد ثبـت لديـه إقرار الطاعن بالفراش أن يطـرح مدلول ما جاء بالا قرار المقـدم من الطاعـن والمنسوب صدوره إلى المطعـون عـليها من انـه لـم يـعاشرها معاشرة الأزواج طالما أن فيه إسقاط لحقوقه الصغيرة لا تملكه .
"الطعن رقم 28 لسنة 44 ق جلسة 22/5/1976"
(4) النسب حق للولد :
من الحقوق الهامة التى أثبتتها الشريعة الإسلامية للـولـد هو الحق في ثبـوت النَّسَـبْ , فهذا الحق له قَبل الأم والأب , وقد حرص الإسلام على تقرير هذا الحق وإثباته , وتأكيد وجوده بالنسبة لهذا الولد , وقد كان لهذا أعظم الأثر في حماية المجتمع الإسلامى وتماسكه( ) .
فالنسب حق للولد نفسه إذ انه محتاج إلى دفع العار عن نفسه بكونه ولد زنا, ولأنه يترتب له حقوق أخرى إذا ثبت نسبه من الأب , كحقه في النفقة والرضاع والحضانة والانضمام إلى أبيه في السكن بعد انتهاء حضانته .
وحقه في الإرث من أبيه بعد وفاته , إلي غير ذلك من الحقوق التى ثبتها له الشرع أو ثبتتها له الأنظمـة والقوانين , ويترتب على كون النسب حق للولد كذلك أن يثبت بمجرد السبب المنشئ له من زوجيه صحيحة , أو فاسدة ، دون حاجة إلى اعتراف الزوجين أو أحدهما به ودون نظر إلي إنكارهما إياه , فمتى ثبت إن الولد قد ولد في أثناء الزوجية أو أثناء قيام العدة منه وتوافرت شروط ثبوت النسب , ثبت نسبـه من الزوج حتى ولو اتفـق كلا من الزوجين على نفي نسبه , ولا يمكن نفي نسبـه مـن الـزوج إلا بحكم من القاضي بعد ملاعنة عـند توافر شـروط اللعان( ) .
وقضت محكمة النقـض :
النَّسَـبْ حـق للولـد - عدم تصـديـق الزوجيـن في إبطاله - إقـرارهـما أو أحـدهـما بعـدم الدخول والخلوة - لا يتعـدى إليه ولا يبطل حقـه.
النسب حق للـولـد فلا يصدق الـزوجان في إبطاله ولـو تعاونـا عـلى انه لـم يحصل وطء , ومن ثم فان إقرارهما أو احـدهما بعـدم الدخول والخلوة لا يتعدى إليه ولا يبطل حقـه 0
"الطعن رقم 22 لسنة 35 ق جلسة 15/3/1967 "
النسب حق للولد 0عـدم تصـديـق الـزوجيـن في إبطاله ولو تعاونـا في إثبات عـدم حصـول الـوط0
"الطعن 46 لسنة 62 ق " أحوال شخصية " جلسة 30/12/1996 "
وان كان ثبوت النسب حقا اصـليا للام لتـدفع عـن نفسها تهمة الزنـا أو تُعير بولـد ليس لـه أب معـروف فهـو في نفس الوقت حق أصلى للولد لأنه يرتب له حقـوق بينـها الشـرع والقـوانين الـوضعية كحـق النفقة والرضاع والحضانة والإرث ويتعـلق به أيضا حق الله تعالى لاتصاله بحقوق وحرمـان أوجب الله رعايتهـا فلا تمـلك الأم إسـقاط حـقـوق ولـدها أو المسـاس بـحقـوق الله تعالي 0
"الطعن 71 لسنة 60ق "أحوال شخصية "جلسة 18/5/1993"
النص في المادة 906 من قانون المرافعات على انه " يتبع في قبول دعوى إنكار النسب وإثباتها والمواعيد التى ترفع فيها والآثار التى تترتب عليها القواعدَّ والأحكام التى يقررها قانون البلد الواجب التطبيق – وتوجـه الدعوى إلى الأب أو الأم على حسب الأحوال والى الولد الـذي أُنكــر نسـبه فإذا كان قاصرا تعين أن يقام وصى خصومة " يـدل على أن المشـرع رأى إن ثبـوت النَّسَبْ كما هو حق أصلى للابن لأنه يرتب له حقوقا بينتها القوانين والشرائع كحق النفقة والحضانة والإرث , فانه حق أصلى أيضا للام لتدفع عن نفسها تهمة الزنا ولئلا تعير بولد ليس له أب معروف والحقًان في هـذا المجـال متساويان متكاملان لا يجزئ أحدهما عن الأخر فلا تملك الأم إسقاط حقـوق ولـدها كما لا يؤثـر موقـف ذلك الأخير على ما تدعـيه الأم.
"الطعن 29 لسنة 39 ق