البكاء من خشية الله
أسبابه ، وموانعه ، وطرق تحصيله
أنواع البكاء وأصدقها
قال يزيد بن ميسرة رحمه الله : " البكاء من سبعة أشياء : البكاء من الفرح ، والبكاء من الحزن ، والفزع ، والرياء ، والوجع ، والشكر ، وبكاء من خشية الله تعالى ، فذلك الذي تُطفِئ الدمعة منها أمثال البحور من النار ! " .
وذكر الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه " زاد المعاد " عشرة أنواع للبكاء نوردها كما ذكرها .
* بكاء الخوف والخشية .
* بكاء الرحمة والرقة .
* بكاء المحبة والشوق .
* بكاء الفرح والسرور .
* بكاء الجزع من ورود الألم وعدم احتماله .
* بكاء الحزن .... وفرقه عن بكاء الخوف ، أن الأول " الحزن " : يكون على ما مضى من حصول مكروه أو فوات محبوب وبكاء الخوف : يكون لما يتوقع في المستقبل من ذلك ، والفرق بين بكاء السرور والفرح وبكاء الحزن أن دمعة السرور باردة والقلب فرحان ، ودمعة الحزن : حارة والقلب حزين ، ولهذا يقال لما يُفرح به هو " قرة عين " وأقرّ به عينه ، ولما يُحزن : هو سخينة العين ، وأسخن الله به عينه .
* بكاء الخور والضعف .
* بكاء النفاق وهو : أن تدمع العين والقلب قاس .
* البكاء المستعار والمستأجر عليه ، كبكاء النائحة بالأجرة فإنها كما قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه : تبيع عبرتها وتبكي شجو غيرها .
* بكاء الموافقة : فهو أن يرى الرجل الناس يبكون لأمر عليهم فيبكي معهم ولا يدري لأي شيء يبكون يراهم يبكون فيبكي .
" زاد المعاد " ( 1 / 184 ، 185 ) .
والبكاء من خشية الله تعالى أصدق بكاء تردد في النفوس ، وأقوى مترجم عن القلوب الوجلة الخائفة
البكاء الكاذب
البكاء قد يكون دليلاً على صدق الباكي ، وقد لا يكون ، وقد ذكر القرآن الكريم قصة إخوة يوسف عليه السلام وكيف تباكوا على أخيهم كذباً فقال تعالى : { وجاؤوا أباهُمْ عِشَاءً يَبْكونَ } [يوسف / 16 ] ، وعلى هذا فإن بكاء أحد المتخاصمين في القضاء ليس دليلاً يُعتدُّ به .
بكاء الإثم !!
البكاء على موت كافر أو طاغية أو فاسد ، والبكاء العاشقين ، وأهل الغرام بالأغاني .
فما في الأرض أشقى مـن محب *** وإن وجد الهـوى حلو المذاق
تـراه باكيـا فـي كــل حـين *** مخافـة فرقـة أو لاشـتياق
فتسخـن عينـه عنـد التلاقـي *** وتسـخن عينـه عند الفراق
ويبكـي إن نـأوا شوقـا إليهـم *** ويبكي إن دنوا خوف الفـراق
فضل البكاء من خشية الله
قال تعالى : { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ . قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ . فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ . إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ } [الطور / 25 – 28 ]
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع " . رواه الترمذي ( 1633 ) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عينان لا تمسهما النار ، عين بكت من خشية الله ، وعين باتت تحرس في سبيل الله " . رواه الترمذي ( 1639 ) ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الترمذي " ( 1338 ) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ليس شيء أحب إلى الله من قطرتين وأثرين : قطرة من دموع خشية الله ، وقطرة دم تهراق في سبيل الله ، وأما الأثران : فأثر في سبيل الله ، وأثر في فريضة من فرائض الله " رواه الترمذي ( 1669 ) ، وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الترمذي " ( 1363 ) .
وقال كعب الأحبار : لأن أبكى من خشية الله فتسيل دموعي على وجنتي أحب إلى من أن أتصدق بوزني ذهباً .
حال الملائكة
عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لجبريل : " ما لي لا أرى ميكائيل ضاحكاً قط ؟ " قال : ما ضحك ميكائيل منذ خلقت النار .
رواه أحمد ( 12930 ) ، وقال المناوي في " فيض القدير " ( 5 / 452 ) : ... قال الزين العراقي إسناده جيد ، وحسنه الشيخ الألباني في " صحيح الترغيب " ( 3664 ) . [تنبيه : هذا الحديث من الأحاديث التي تراجع الشيخ الألباني من تضعيفه إلى تحسينه ] .
عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مررتُ ليلة أسري بي بالملأ الأعلى وجبريل كالحِلس البالي من خشية الله تعالى " .
رواه الطبراني في " الأوسط " ( 5 / 64 ) وحسنه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 5864 ) .