أعرب كاتب أميركي من أصل يهودي عن اعتقاده بأن انتخاب محمد مرسي رئيسا لمصر قد يمثل بداية لسلام حقيقي بين الشعبين المصري والإسرائيلي بدلا مما أسماه سلاما باردا وشكليا بين دولة إسرائيل و"فرعون مصري واحد".
وقال الصحفي الشهير توماس فريدمان إنه لجعل السلام حقيقيا لا بد للطرفين من تغيير بعض من سلوكياتهما المتأصلة فيهما وبسرعة. ففي مقاله الأسبوعي بصحيفة نيويورك تايمز تحت عنوان "ماذا يعني مرسي لإسرائيل؟"، كتب فريدمان يقول إن من السذاجة الاعتقاد بأن من المريح لإسرائيل أن تعقد سلاما مع طاغية واحد هو مبارك بدلا من 80 مليون مصري، وأن هذا الطاغية –أو جنرال آخر (في إشارة للمشير طنطاوي)- سيظل قابضا على مقاليد السلطة في مصر إلى الأبد.
واستغرب الكاتب تناقض الإسرائيليين مع أنفسهم حين ظلوا يرددون أن السلام مع العرب لن يتأتى إلا بعد أن تسود الديمقراطية في بلدانهم، وحين أتت لم يهضموها (أي الإسرائيليون).
وفي ذلك يقول "إنني أتفهم تماما مشاعر القلق التي تنتاب الإسرائيليين وهم يرون دول الجوار تنفجر من الداخل. لكن المدهش أيضا أن شعبا تحتل قصة الخروج (من مصر في عهد النبي موسى عليه السلام) عنده مكانة مركزية –شعب طالما ظل يجادل بأن السلام لن يسود إلا عندما يصبح العرب أمة ديمقراطية- لم يكن يظن أن رواية تحرره (من ربقة الخضوع لجبروت فرعون مصر) قد تتكرر يوما ما مع الشعب المصري، ولذلك فهم يعلنون الآن أن المشكلة مع العرب تكمن في أنهم أصبحوا ديمقراطيين".
وقال إنه لا يدري هل كانت القيادة الفلسطينية الحالية قادرة على أن تكون شريكا في سلام قائم على حل الدولتين مع إسرائيل. "كل الذي أعرف (يضيف فريدمان) أنه لا بد أن تتحلى إسرائيل بالإبداع للتحقق مما إذا كانت تلك الشراكة ممكنة، ذلك أن البديل هو حل الدولة الواحدة الذي سيكون نهاية إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية ووبالا على السلام مع مصر باعتبارها بلدا ديمقراطيا".
وماذا عن التزامات مرسي؟
يرى فريدمان أن جماعة الإخوان المسلمين في مصر تتوق للانغلاق على نفسها في السلطة والإفادة من ثورة لم تكن هي من أطلق شرارتها الأولى، معربا عن اعتقاده بأن الأمور لن تكون بتلك السهولة بالنسبة لها.
وتابع قائلا "إن إيران تمثل إسلاما سياسيا في سدة الحكم يمتلك نفطا تستطيع به أن تقاوم الضغوط وتستغل به التناقضات. والمملكة العربية السعودية تمثل هي الأخرى إسلاما سياسيا قابضا على الحكم والنفط. وستصبح مصر إسلاما سياسيا في السلطة لكن بدون نفط".
وأراد الكاتب بهذا المنطق أن يخلص إلى أن مصر لا تستطيع العيش بدون سياحة واستثمارات أجنبية ومعونات لاستحداث وظائف وبناء مدارس وتوفير فرص لإرضاء الشباب المصري الذي فجَّر هذه الثورة وآخرين دعموها بشكل غير مباشر.
ومضى فريدمان إلى القول إن الولايات المتحدة لا ولن تستطيع، بل لا ينبغي لها أن تعقد صفقة مع الإخوان المسلمين مماثلة لتلك التي أبرمتها مع حسني مبارك والتي أملت عليه اعتقال وتعذيب الإسلاميين المطلوبين لديها مقابل سلام بارد مع إسرائيل دون أن يُضطر لإرساء نظام حكم دستوري في الداخل.
وتوقع الصحفي البارز أن يتعرض مرسي لضغوط هائلة لكي ينتهج المسار التركي لا أن يحذو حذو حركة طالبان الأفغانية، موضحا أن على الرئيس المصري المنتخب أن يدرك أن بيده ورقة فعالة ينظر إليها الإسرائيليون بتقدير عظيم ألا وهي أن السلام مع مصر تحت قيادة الإخوان المسلمين قد يعني سلاما مع العالم الإسلامي ونهاية فعلية للصراع.
وختم فريدمان مقاله من حيث بدأه حيث قال إن عصر مبارك قد ولَّى، ومع هيمنة الإخوان المسلمين على مصر وسيطرة القوميين المتدينين على أمور السياسة الإسرائيلية، فإن على الطرفين أن يغيرا سلوكهما لجعل معاهدة كامب ديفد معترفا بها من الشعبين وإلا فإنها لن تدوم طويلا.
المصدر .... قناه الجزيره