حقيقة جائني العنوان قبل البدء في كتابة اي شئ …
“أنا أو الفوضي!!” كلمة اطلقها الرئيس المخلوع حسني مبارك كما لو كان هذا الرجل يعلم خبايا لا نعلمها نحن العامة فسخرنا من عبارته علي أساس ان الفوضي الشريفة خير من السلب والنهب والطغيان الذي كنا نعيشه في عصر المخلوع ….
ثم نطق عمر سليمان ” الشعب المصري غير مهيأ للديمقراطية بعد ” وسخرنا أيضا من تلك العبارة علي أساس أننا شعب كباقي شعوب الأرض لنا الحق في أن نعيش عيشة طيبة علي أساس العدل والحرية والكرامة الإنسانية ….
وخرجنا نتهافت بكل شوق الي تلك الحياه المثالية التي رسمناها في خيالنا ولكن وبكل أسف وجدناها مجرد صورة زيتية لعالم المدينة الفاضلة هذا العالم الذي لم يري النور علي أرض الواقع ……
في 25 يناير 2011 بإرادة ربانية وبطواعية شعبية علي الفترة الطيبة رسم المجتمع المصري ملامح وتفاصيل للمدينة الفاضلة التي لا فرق فيها بين مصري وآخر إلا بحبه واصراره علي تنقية بلاده من الفساد القابع علي صدور مصر لعقود طويلة فكان المسلم والمسيحي نسيج واحد بحق وليس مجرد شعارات في بيت العيلة “علشان نداري خيبتنا التقيلة” وكان الميدان وحدة متماسكة علي حب هذا البلد الطيب …..
أما بعد ….
ليس كل من كان في الميدان يمثل المواطن الصادق الذي وعد وأوفي ولكن هناك من كان يرتدي قناعا يظهر التعاون والانخراط في المصفوفة الشعبية الجميلة التي كانت تهدف الي تحقيق مبدأ العدل لكل المصريين وتحت القناع كانت مبادئ وأهداف (مستغلة الثورة) لمدينة فاضلة أخري قاصرة علي جماعة بعينها ولا مانع من احتواء الآخرين كمجرد ضيوف.
وبمجرد تنحي مبارك بدأت الأقنعة تتساقط عن وجوه ظهرت علي حقيقتها ولكن بقوة غير معهودة عما كانت عليه قبل الثورة وتخلت جماعة الاخوان عن الميدان الذي انتهي دوره بالنسبة لهم (فقد كان مجرد مرحلة) وتهافتوا علي الإنتخابات من أجل السلطة والسيادة . فانتقلوا الي الجهاد في ميدان آخر وهو ميدان الانتخابات وبكل الأساليب ليفوزوا بمقاعد مجلسي الشعب والشوري ثم أصدروا وعود كاذبة بعدم دخول المعترك الرئاسي علي لسان قادتهم المرشد محمد بديع والكتاتني رئيس مجلس الشعب السابق ثم نجدهم يبدلون قولا غير الذي أعلنوا عنه ودخلوا وبكل قوة هذا المعترك بمرشح واستبن في الوقت نفسه وحجتهم حاضرة بأنهم يتغيرون حسب الموقف في الشارع السياسي ….
وهنا ظهر شبح الفرقة من بعد خروج تلك الجماعة من الميدان فذهب كل حزب في طريق وتكسرت الكلمة في ميدان التحرير الذي بدي ضعيفا هزيلا بمدينته الفاضلة التي أصبحت خاوية علي عروشها وبدلا من استكمال المسيرة وضرب عرض الحائط بتلك الجماعة الخارجة علي الميدان, ذهب أبو الفتوح بمناصريه وحمدين بمؤيديه لتزداد الفرقة وتتحطم وحدة الميدان أكثر وأكثر …
جميعنا شارك في صنع هذا الشبح كل وراء من يرشح ويؤيد فتفتت الكلمة الثورية بشكل هزيل الي ان وصلنا الي مفترق الطرق بين محمد مرسي وشفيق فما كان من أغلبنا إلا اختيار الدين الذي يمثله مرسي. وتولي محمد مرسي رئاسة أعظم بلد وجلس الجميع في ترقب لتحقيق أهداف الثورة ولكن دون جدوى فما ناب عاصري الليمون إلا مرارة مزاق الليمون…
واليوم كبر هذا الشبح وسار يخطو بخطوات مقززة يرقص علي أجسادنا الحزينة في كل أنحاء مصر يملأ من يحكم إصرارا علي ما هو عليه ويملأ المحكوم غضباً عارما علي نيران متقدة ….