تحول التخويف من التطرف الإسلامي إلى سلاح في الحملة الانتخابية الأمريكية بعدما وزعت جماعة مقرها نيويورك ملايين النسخ المجانية من فيلم تحذر فيه من خطر "الإرهاب الإسلامي" على أمن أمريكا.
ويحمل الفيلم، ومدته ستون دقيقة، اسم " الخوف: حرب الإسلام المتطرف على الغرب" وقد وزعت منه 28 مليون نسخة في الولايات التي تشهد تنافسا حاميا بين المرشحين الجمهوري جون ماكين والديمقراطي باراك أوباما، والتي يمكن أن تقرر مصير الحملة قبلة عشرة أيام من الانتخابات.
وكانت المنظمة التي تدعى "صندوق كلاريون" قد بدأت في عرض الفيلم عبر منتديات عامة كالمكتبات والكنائس خلال العامين الماضيين، وروجت له عبر عدة مواقع إلكترونية تابعة لها.
لكن المنظمة قامت على مدى الأسابيع الماضية بتوزيع الفيلم بالمجان مرفقا بالصحف والبريد في ولايات متأرجحة مثل فلوريدا وأوهايو وكلورادو وفيرجينيا.
وتقول "كلاريون فند" في موقعها على الإنترنت إنها تهدف إلى التحذير من خطر التطرف والإرهاب على الولايات المتحدة والأمريكيين.
لكن إبراهيم هوبر مدير الإعلام في المجلس العلاقات الأمريكية - الإسلامية كير قال في مقابلة مع بي بي سي العربية إن "الهدف من توزيع هذا الفيلم على نطاق واسع هو التأثير في مجريات الحملة الانتخابية لصالح أحد المرشحين وهو جون ماكين على حساب الديمقراطي باراك أوباما، لأن الأمريكيين سوف يلجأون إلى ماكين عندما يشعرون بخطر يتهدد أمنهم".
"مخاوف المسلمين"
وقال هوبر إن الفيلم، الذي يعرض لمشاهد عنف يشارك فيها أطفال مسلمون ويقارن في إحدى اللقطات بين الإسلام المتطرف والنازية، "تسبب في حالة خوف وقلق واسع في أوساط المسلمين، وإن (كير) تلقت الكثير من الشكاوى من مسلمين أمريكيين يعربون فيها عن الخوف على سلامتهم بعد توزيع نسخ من الفيلم على نطاق واسع في مناطقهم، واحتمال أن يؤثر ذلك على نظرة جيرانهم لهم".
وتقدر صحيفة واشنطن بوست تكلفة إنتاج وتوزيع الفيلم على هذا النطاق الواسع بحوالي 50 مليون دولار، وتقول إن "كلاريون فند" مسجلة على أنها هيئة خيرية لا تسعى إلى الربحية وبالتالي من حقها عدم الكشف عن المتبرعين لها.
وردا على سؤال عن إمكانية اللجوء إلى القضاء من جانب المسلمين لوقف توزيع الفيلم، قال هوبر "إن التعديل الأول للدستور الأمريكي يسمح بتوزيع مواد كهذه وهي ليست مجرمة، لكننا شكونا للجنة الفيدرالية للانتخابات لما يمثله توزيع الفيلم من سعي للتأثير على نتائج الانتخابات وتبني جمعية خيرية لموقف منحاز لأحد المرشحين".
وأعرب هوبر عن اعتقاده بأن جماعة إسرائيلية هي "ايش هاتوراه" التي تتخذ من القدس مقرا لها هي التي تقف وراء الفيلم رغم تبني كلاريون فند المسؤولية. وأخرج الفيلم المخرج الإسرائيلي رافائيل شوري الذي يعمل في المنظمة نفسها وفي ايش هاتوراه حسبما قالت واشنطن بوست.
ولم ترد "كلاريون فند" على رسالة إلكترونية من بي بي سي العربية تطلب التحدث إلى أحد مسؤوليها للرد على ما تقوله كير.
لكن مقالا على الموقع المخصص للفيلم دافع عنه قائلا "إن الفيلم قد أنتج قبل ثلاث سنوات وإن المنظمة لم تنتهك أي قانون عندما أنتجت ووزعت هذا الفيلم".
وقالت كلاريون فند "إنها تهدف لتوعية الأمريكيين بالتهديدات الموجهة للامن القومي والتي تأتي من الإرهاب الإسلامي تحديدا، وإنها لا تؤيد أي مرشح على حساب آخر ولم تتبن مواقف أي مرشح".
يذكر أن نسبة غير قليلة من الناخبين الأمريكيين لا تزال تعتقد أن المرشح الديمقرطي باراك أوباما تربطه علاقة قوية بالإسلام والمسلمين لأن والده حسين أوباما كيني مسلم كما كان زوج أمه إندونيسيا مسلما.
ورغم تأكيد أوباما المتكرر على أنه مسيحي وليس مسلما، فإن بعض المنظمات اليهودية المتطرفة تستخدم تلك المعلومات للتحذير من انتخابه وهو موقف لا تتبناه غالبية اليهود الأمريكيين.