اليونان
جزر الأساطير التي يدمع فيها الشجر
أحد الجزر اليونانية
اليونان هي دولة تقع في جنوب شرق أوروبا، على الرأس الجنوبي لـشبه الجزيرة البلقانية. يحدها شمالا كل من بلغاريا، مقدونيا وألبانيا، تركيا ومياه بحر إيجة شرقا، مياه البحر الأيوني والبحر الأبيض المتوسط غربا و جنوبا. تملك اليونان إرثا حضاريا عريقا، يعود تاريخه إلى آلاف السنين. يعتبر المؤرخون الغربيون اليوم أن بلاد اليونان هي مهد الحضارة الغربية.
وتتكون من عدة جزر منها مئة وخمسون مأهولة منثورة في بحر إيجه الفاصل بين تركيا واليونان، وبعضها ما زال موضع نزاع بينهما، خصوصاً منذ أن رصدت الأبحاث الجيولوجية مخزونات نفطية في محيطها. جزر ليس فيها سوى الصخر واليابس، وأخرى جنات خضر وتراث فني ومعماري ما زال يشهد على واحدة من أعرق الحضارات القديمة.
ويصف المفكّر والشاعر والروائي اليوناني الشهير نيكوس كازاتزاكيس جزر بلاده على لسان بطل رائعته "ألكسيس زوربا" التي خلّدها الممثل انطوني كوين في فيلم "زوربا اليوناني"، والتي ما زالت مرجعا لكل مهتم بالآداب المكتوبة بلغة هوميروس،
"هنيئاً لمن قدّر له، قبل الرحيل الأخير في عشايا الخريف الهانئة، أن يبحر في هذا اليمّ النيلي الزرقة... مترنحّا في ثنايا جزر سابحة في النور، يردد أسماءها المألوفة بشغف الصبيّ الذي يقع بصره فجأة على خلاّن طفولته أطيافا خلف خمار من الرذاذ المتهالك كسوة على جسد اليونان العاري منذ الأزل".
تمثال زيوس
وأشارت صحيفة الحياة اللندنية عبر موقعها الإلكتروني إلى أن اليونان قد مرّت عليها كل الفتوحات واستقرّت فيها كل الجيوش الغازية وفي موانئها رست كل الحضارات. رسوم فرعونية، معابد فينيقية، هياكل ومنحوتات إغريقية، معابر وجسور رومانية، قلاع عربية ومعمار بندقي وإرث عثماني مديد ومتوغّل.
لكن الجزر اليونانية استطاعت، رغم ذلك، أن تحافظ على ما يشبه العذرية والتفرّد في هويتها وتقاليدها. حتى السياحة التي تزحف عليها منذ سنوات لم تعكّر صفاء العيش فيها ولم تنل من الوتيرة الحالمة للحياة بين منازلها المطليّة بالكلس، وأزقتها المسكونة بالشمس.
ومن أهم الجزر اليونانية جزيرة "إيدرا" التي تبعد ساعة عن أثينا، والتي كانت منطلق حرب التحرير ضد العثمانيين العام 1821، وهي محظورة على السيارات والدراجات وتشتهر دون جاراتها من الجزر الأخرى بمنازلها العريقة والأنيقة المعلقة على منحدرات شديدة امام البحر.
والأخرى "كورفو" التي تشبه إلى حد كبير البندقية بمعمارها وتذكّر بالاستعمار الإيطالي الذي استقر فيها للمرة الأولى العام 1387 ولم يغادرها حتى نهايات القرن الثامن عشر.
والثالثة جزيرة "سانتوريني" التي تبدو وكأنها وليدة كوكب آخر لغرابة جغرافيتها، والتي يؤكد العلماء أنها من بقايا الزلزال الهائل الذي ضرب المتوسط في القرن الخامس عشر قبل الميلاد وكان مركزه على ساحل الإسكندرية.
جزيرة خيوس اليونان
جزيرة خيوس اليونان
أما جزيرة "خيوس" المدهشة، تلك الجزيرة التي يدمع فيها الشجر، وهي المكان الوحيد في العالم الذي ينبت فيه الشجر الذي تستخرج منه مادة "المستيخا" التي كان ميناء بيروت وسيطها التجاري تحمل منه مِسْكها الى العالم، والتي ما زالت تحتفظ ببقايا قلاع إسلامية بناها العرب في القرن الثالث عشر، إبان تعقبهم فلول الصليبيين بعد خروجهم من القدس ولجوئهم الى قبرص ورودوس.
وإذا كنت من هواة الأساطير، فما عليك سوى الإبحار نحو جزيرة "إيثاكي" مهد الأساطير الإغريقية ومسقط رأس "أوليس" بطل الإلياذة والأوديسة.
ومن الجدير بالذكر، فقد كانت بلاد اليونان عبارة عن تجمع من المدن المستقلة، قامت هذه المدن بإنشاء مستعمرات تجارية على طول البحر الأبيض المتوسط، كما قاومت محاولات توسع الفرس في المنطقة. شكلت ثقافة هذه المنطقة المنبع الرئيس للحضارة الهيلينية، انتشرت هذه الحضارة في أرجاء واسعة من العالم بعد قيام إمبراطورية الاسكندر الأكبر الـمقدوني).