يعيش الأطفال الذين يولدون غير مكتملي النمو في الإسكندرية أوضاعا صعبة بسبب النقص الشديد في عدد حضانات الأطفال، وارتفاع تكلفة إقامتهم داخل المستشفيات الأمر الذي يسبب لهم مضاعفات واختلالات صحية عديدة قد تصل إلى الموت.
وأصبح البحث عن حضانة في أحد المستشفيات هدفا يوميا يسعى لتحقيقه آباء آلاف الأطفال الحديثي الولادة هربا من المجهول الذي يهدد حياة فلذات أكبادهم خشية أن يكون مصيرهم هو نفس مصير عشرات الأطفال الذين يتعرضون للوفاة بعد الولادة بساعات قليلة كل يوم.
وتحولت لافتة لا توجد حضانات خالية داخل المستشفيات إلى كابوس مخيف ساهم في زيادة حيرة ومعاناة العديد من محدودي الدخل في المستشفيات، خاصة الحكومية التي أصبحت طاردة للأطفال المبتسرين وليست مستقبلة لهم.
فقد ورد في تقرير حكومي أن مستشفيات المحافظة لا تستطيع مواجهة الطلب المتزايد على إدخال الأطفال الحديثي الولادة للحضانات حيث يوجد 250 حضانة فقط، وأغلبها تعاني من نقص الإمكانيات وندرة الكفاءات البشرية من الأطباء وهيئة التمريض.
وأوضح الأمين العام لنقابة الأطباء بالإسكندرية الدكتور منصور حسن في حديثة للجزيرة نت أن هناك نقصا في الحضانات منذ فترة طويلة، فبينما يصل عدد المواليد إلى مليون و900 ألف طفل سنويا لا يتوافر سوى 2261 حضانة فقط موزعة على الجمهورية، ومعدل وفيات الأطفال الذين يدخلون الحضانات ما زال مرتفعا عن النسب العالمية حيث وصل إلى أكثر من 20% مشيرا إلى أن الحضانة الواحدة تستوعب سنويا ما بين 40 و45 طفلا.
ويضيف الدكتور هاني فوزي أخصائي النساء والتوليد أن الأطفال الحديثي الولادة أو المبتسرين أو الناقصي التكوين لحظة ولادتهم يعانون من نقص الوزن أو نقص الأكسجين وأن الأسباب الرئيسية للوفاة ترجع إلى بعض الأحوال الصحية للأطفال أو إلى أنهم لا يجدون المكان المناسب لتوفير الرعاية اللازمة أو الأموال المطلوبة لأن تكلفة الحضانة في اليوم الواحد بالمستشفيات الخاصة تتراوح بين 500 وألف جنيه، وفي المستشفيات الحكومية تكلف 150 جنيها فضلا عن العلاج.
منصور حسن: يولد نحو مليوني طفل سنويا في مصر ولا يوجد بها سوى 2261 حضانة (الجزيرة نت)
حوادث متكررة
ويكشف الدكتور حمدي حسن عضو مجلس الشعب عن تكدس الأطفال بعد الولاة داخل مستشفيات الولادة دون مراعاة الطاقة الاستيعابية لوحدة الأطفال الحديثي الولادة فضلا عن قائمة الانتظار الطويلة من الأطفال لحين التحويل أو خلو مكان مما قد يعرضهم لمشاكل طبية جسيمة وهو ما تسبب في وقوع حوادث متكررة كان آخرها سقوط ثلاثة أطفال من فوق أجهزة الإفاقة الممتلئة بالأطفال داخل الوحدة مما تسبب في إصابة طفل بنزيف في المخ حيث سقط على الأرض ومات في الحال.
وذكر حسن واقعة الأم التي وضعت 7 أطفال لم تستوعبهم وحدة الأطفال الحديثي الولادة (المبتسرين) بمستشفى الشاطبي الجامعي بالإسكندرية واستقبلت ثلاثة أطفال فقط من التوائم السبعة في حين تم توزيع الأربعة الآخرين على مستشفيات وزارة الصحة.
وتروي مريم مصطفى وفاة طفلها الذي ولد في المستشفى بعد حمله سبعة أشهر، لعدم توفير حضانة مناسبة أو ممرضات لديهن خبرة في التعامل مع الأطفال الحديثي الولادة خاصة الناقصي النمو داخل المستشفى، مضيفة أنها لم تتمكن من الذهاب إلى المستشفيات الخاصة لغلاء أسعارها بشكل يفوق قدرتها المادية.
افتقاد المناخ الطبي
وأكد الدكتور ياسر زكي رئيس لجنة الصحة بالمجلس الشعبي المحلي أن المشكلة الأساسية هي افتقاد المناخ الطبي الملائم داخل المستشفيات الحكومية التي تعاني من نقص الإمكانيات والأجهزة الطبية وقلة العمال المدربين وطالب بتشكيل غرفة عمليات مركزية تشرف على خريطة المواليد يوميا ونسب المبتسرين فيها وتحديد الاحتياج للحضانات لحظة بلحظة بالتنسيق مع كل قطاعات الخدمة الصحية بالمحافظة والمحافظات المحيطة.
ووجه نقيب الأطباء بالإسكندرية محمد البنا نداء إلى رجال الأعمال وأهل الخير لتوفير المزيد من التمويل لسد العجز بمستشفيات المحافظة لإنقاذ الأطفال المبتسرين بعد تزايد حالات الشكوى من نقض حضانات الأطفال بالمستشفيات العامة التي يتراوح سعرها بين 25 و80 ألف جنيه حسب نوعها وملحقاتها والمغالاة الشديدة في أسعارها بالمستشفيات الخاصة.