علامات استفهام عديدة تطارد الكثيرات، ممن يتمنين أداء مناسك الحج على الوجه الصحيح، وأحياناً تتحول علامات الاستفهام إلى حيرة وارتباك، بسبب تناقض الفتاوى وتشددها، ومن هنا تأتي أهمية لقائنا بمفتية النساء الدكتورة سعاد صالح، العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية، لتجيب بوضوح عن كل الأسئلة التي تشغل ذهن كل امرأة تؤدي فريضة الحج.
- في البداية نريد بإيجاز عرض أركان الحج التي لا يصح الحج بدونها؟
أركان الحج، التي يجب الإتيان بها جميعاً، أربعة عند جمهور الفقهاء، تبدأ بالإحرام، وهو نية الدخول في النسك، وله زمان محدد، وهو أشهر الحج، ومكان محدد، وهو المواقيت التي يُحرِم الحاج منها. والركن الثاني الوقوف بعرفة، لقول النبي، صلى الله عليه وسلم: «الحج عرفة»، ويبتدئ وقته من زوال شمس يوم التاسع من ذي الحجة حتى طلوع فجر يوم النحر، وقال بعض الفقهاء إنه يبتدئ من طلوع فجر اليوم التاسع. فمن وقف بعرفة، ولو لحظة واحدة، فقد أدرك الوقوف. الركن الثالث طواف الإفاضة، والركن الرابع السعي بين الصفا والمروة.
التوكيل في الرمي
- يشهد الرجم تزاحماً شديداً فهل يجوز للمرأة التوكيل عنها؟
من نماذج التيسير الإسلامي في الحج أنه يجوز التوكيل في الرمي للضعفاء، من الشيوخ والنساء، حماية لهم من شدة الزحام.
- إذا كانت امرأة حاملاً أو مرضعاً هل يجوز لها أن تنيب أو توكل عنها في رمي الجمار؟
الإسلام كله تيسير ويرفض التعسير، ولهذا فإنه يجوز للمرأة المرضع أو الحامل الاستنابة في رمي الجمار، لأن الحامل تخشى على حملها، وكذلك المرضع التي تخشى ألا تجد من يحافظ على طفلها. ولهذا فإن الإسلام حريص على ألا تكونا في خطر وضرر من مزاحمة الناس وقت الرمي، وقد قال تعالى: «وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ» آية 195 سورة البقرة. وقوله، صلى الله عليه وسلم: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم».
- إذا كان يجوز للمرأة التوكيل في الرجم فهل يجوز لها التوكيل في الطواف للزحام الشديد؟
لا يجوز التوكيل في الطواف، سواء كان طواف الزيارة أو طواف الوداع، لأن من تركه لم يتم حجه، لكن طواف الوداع يمكن تعويضه بدم يذبح بمكة لمساكين الحرم، كما أن طواف الوداع يسقط عن المرأة الحائض أو النفساء، إذا كانت قد طافت للزيارة.
التحايل ممنوع
- بسبب الزحام الشديد تعمل السلطات السعودية على منع من لا يحصلون على تأشيرات الحج من داخل السعودية، ولكن هناك من يتحايل ويتهرب من النساء والرجال، فما حكم حجهم؟
لاشك أن طاعة أوامر ولي الأمر واجبة شرعاً، طالما كانت في المصلحة العامة. ولهذا يجب الالتزام بما قررته السلطات السعودية. أما من يخالف فإن حجه صحيح لكنه آثم وعاصٍ لله عز وجل، لمخالفته قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم» آية 59 سورة النساء. وقال صلى الله عليه وسلم: «من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني»، وذلك بشرط أن تكون أوامر ولي الأمر في صالح الأمة والدولة التي يحكمها.
احذروا التعسير
- تختلف فتاوى بعض الدعاة في أداء بعض المناسك بين التعسير والتيسير، فماذا تقولين لهم؟
أقول لهم اتقوا الله، واتبعوا منهج التيسير على الحجاج في أداء مناسك الحج، وعدم التشدد عليهم وإرهاقهم بفتاوى تصعب عليهم أداء الفريضة، وتفسد عليهم المتعة الروحية، وعدم تركهم فريسة للفتاوى المتشددة المنتشرة أثناء الحج، لتضليلهم بفتاوى لا تتفق مع روح الإسلام. ويجب أن يعلموا أن مناسك الحج كلها عبادة، والأصل في الحج التيسير، وأن الرسول، صلى الله عليه وسلم، كان يستقبل كل سؤال بقوله: «افعل ولا حرج».
لبس الذهب
- يقال إنه من المحظور على المرأة المُحرِمة أن تلبس الذهب، فهل هذا صحيح؟
هذه خرافات يروج لها العامة، والحكم الشرعي أنه يجوز للمرأة أن تُحرم وبيديها الذهب، وأنصحها أن تستتر عن الرجال من غير محارمها خشية الفتنة.
الملابس البيضاء
- يلاحظ أن غالبية النساء يرتدين الثياب البيضاء، ألا يجوز للمرأة أن تحرم إلا في تلك الثياب؟
المرأة ليس لها ملابس مخصوصة في الإحرام، كما يظن بعض العامة، وبالتالي فإن للمرأة أن تُحرِم في ما شاءت من الثياب، وبأي لون، بشرط ألا تكون لافتة للنظر، لأنها تختلط بالرجال. ومن ثم يفضل أن تكون ثياباً عادية ليس فيها فتنة.
- اذا افترضنا أنها ارتدت ثياباً لافتة للنظر، هل يبطل ذلك حجها؟
حجها صحيح طالما أدت مناسك الحج كاملة، ولكنها فقدت ثواب الأفضلية، وتقوى الله، وإبعاد الفتنة عن ضيوف الرحمن، أو شغلهم بما لا ينبغي أن ينشغلوا به.
- يقال إن لبس الجوارب في الإحرام يبطله فهل هذا صحيح؟
الممنوع على المحرمة لبس القفازين، أما لبس الجوربين في القدمين فلا بأس به في الطواف والصلاة لستر قدميها أثناءهما.
- يلاحظ أن الجوارب غالبيتها العظمى سوداء، فهل في هذا نص شرعي؟
إطلاقاً، لم يرد نص، وبالتالي لا يشترط أن تكون الجوارب سوداء، ومن ثم لا مانع من لبس غير الأسود لستر للقدمين.
- سمعنا أن قيام المرأة المُحرِمة بحل الضفائر يبطل حجها، فهل هذا صحيح؟
هذا غير صحيح، لأن قيام المرأة المُحرِمة بحل ضفائرها ليس فيه شيء، مثل أن تنقض ضفائرها للغسل فلا بأس.
- بعض النساء المحرمات قد يتساقط بعض شعرهن دون قصد، فهل لها أثر على ثواب الحج؟
سقوط الشعر من رأس المُحرِم، سواء كان ذكراً أو أنثى، دون قصد لا شيء فيه، إنما المحظور أن يتعمد قطعه.
- هل المرأة المعاقة يسقط عنها الحج؟
يتوقف هذا على نوع الإعاقة، ومدى تأثيرها على قدرة المرأة على الحركة، ومن يُسر الإسلام أنه، إذا كانت الإعاقة كبيرة ولا تستطيع المرأة الذهاب للحج، فيمكنها أن ترسل من يحج عنها بشرط أن يكون قد سبق له الحج عن نفسه.
قراءة الأدعية
- يوم الوقوف بعرفة قد تكون المرأة في دورتها الشهرية، فهل يجوز لها قراءة كتب الأدعية رغم أن بها آيات قرآنية؟
المحظور على الحائض الإمساك بالمصحف نفسه، وبالتالي لا حرج أن تقرأ المرأة الحائض أو النفساء الأدعية المكتوبة.
- طالما أنه يَحرُم عليها قراءة القرآن من المصحف، فهل يجوز لها وهي حائض أو نفساء أن تقرأ من الذاكرة، إذا كانت حافظة له؟
لم يرد نص صحيح صريح يمنع الحائض أو النفساء، من قراءة القرآن بدون مس المصحف.
- تحاول بعض الذاهبات للحج تفادي نزول الدورة الشهرية، لهذا يقمن بتناول حبوب منع الحيض فما الحكم؟
لا مانع شرعاً من تناول حبوب منع الحيض لمنع الدورة الشهرية أيام الحج، حتى تطوف مع الناس، ولا تتعطل عن أعمال الحج، إذا قرر الأطباء الثقات أنها لا تسبب أي ضرر للمرأة، ومن ثم إذا حذرها الأطباء فيجب الاستماع الى نصائحهم، لأن الإسلام لا يرضى الضرر للمرأة لقوله، صلى الله عليه وسلم: «لا ضرر ولا ضرار».
- نزل الحيض على المرأة قبل الإحرام بدقائق فهل يجوز لها صلاة ركعتي الإحرام؟
المرأة الحائض لا تصلي بوجه عام، وبما أن ركعتي الإحرام من الصلاة، فلها أن تُحرِم من غير صلاة، لأن الحائض ليست من أهل الصلاة، فتُحرِم من دون الصلاة.
- وهل يؤثر ذلك على صحة حجها أو ثوابه؟
إطلاقاً، وذلك لأن ركعتي الإحرام سنة عند جمهور الفقهاء، بل بعض أهل العلم لا يستحبها، لأنه لم يرد فيها شيء مخصوص.
- ماذا تفعل من فوجئت بالحيض قبل طواف الإفاضة؟
الواجب على من نزل بها الحيض قبل أن تطوف طواف الإفاضة، البقاء في مكة حتى تكمل حجها، لقوله، صلى الله عليه وسلم، عندما أخبر عن صفية يوم النحر أنها حائض: "أحابستنا هي؟ . فقالوا: يا رسول الله قد أفاضت فقال: انفروا".
- ماذا تفعل إن كانت في صحبة قافلة وانتهى موعد حجزها للسفر قبل رفع دم الحيض؟
اجتهد بعض الفقهاء أنه على من لم تستطع البقاء إلى أن تطهر، جاز لها النفير ثم الرجوع إلى مكة لتكمل حجها، لقول رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم».
- هذا هو الحكم بالنسبة لطواف الإفاضة فما حكم من جاءها الحيض قبل طواف الوداع؟
اجتهد الفقهاء بأنه يسقط عن الحائض، وتأخذ النفساء نفس الحكم الشرعي، وذلك تخفيفاً من الله عليهما، لأن هذا حدث رغماً عنهما.
الحج بدون محرم
- في ارتفاع تكاليف الحج هل يحق للمرأة تأدية فريضة الحج بدون مِحرِم؟
الأفضل بلا شك أن يكون هناك مِحرِم، وقد أفتى بعض العلماء بأنه يجوز لها السفر للحج مع نسوة ثقات، إذا تعذر عليها اصطحاب مِحرِم معها، مع العلم أن الأصل أنه لا يجوز لها أن تسافر للحج إلا مع زوجها أوأحد محارمها، لقوله، صلى الله عليه وسلم: «لا تسافر امرأة إلا مع ذي مِحرِم». ومع هذا فإن هناك اجتهاداً له ثقله، مفاده أنه يُكتفى بمجرد جماعة النساء الثقات، إذا توافرت عوامل الأمن والأمان والثقة.
- بعض الأزواج يقوم بالحج مرات عديدة ويمنع زوجته من أداء الفريضة دون مبرر، فما حكم الشرع؟
إذا تعنت الزوج ولم يأذن لزوجته بأداء الفريضة، فمن حقها أن تسافر بلا إذنه، إذا رفض كل محاولات الإقناع. فترك الحج مع القدرة على الأداء محرّم شرعاً، وفي الوقت نفسه فإن طاعة الله مقدمة على طاعة الزوج، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، كما أن حج الفريضة، أو الحج لأول مرة، واجب، إذا توافرت شروط الاستطاعة، وليس منها إذن الزوج، وبالتالي لا يجوز له أن يمنعها، بل يجب عليه أن يعينها على أداء الفريضة، مثلما سبق له ذلك.
الحجر الأسود
- هناك زحام شديد على تقبيل الحجر الأسود فماذا تفعل المرأة؟
تقبيل الحجر الأسود سنة وليس فرضاً، ومن ثمَّ فإن السنة ألا يزاحم عليها، حتى لا تختلط النساء بالرجال بشكل قد يكشف سترهن، ويضيع وقارهن، ولكن يمكنها الإشارة إليه من بعيد،
- الزحام نفسه قد يكون عند مقام إبراهيم فماذا تفعل المرأة؟
رغم أفضلية الصلاة في مقام إبراهيم، لقوله تعالى: «وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلَّى» آية 125سورة البقرة. إلا أنه إذا كان هناك زحام شديد فليس واجباً على المرأة الصلاة فيه، بل يمكنها الصلاة في أي مكان آخر،
- هل يجوز للمرأة الحائض السعي بين الصفا والمروة؟
نعم يجوز للمرأة الحائض أن تسعى، لأن المسعى لا يعتبر من المسجد الحرام. ولذلك إذا حاضت المُحرِمة بعد الطواف وقبل السعي، فإنها تسعى، لأن السعي ليس طوافاً ولا تشترط له الطهارة.