من أغلى ليالي السنة في قلوب المسلمين، لما فيها من روحانيات دينية تخص العبد وربه، فيزداد ضياء القمر أضعافًا فوق ضيائه، وفي صباحها تخرج الشمس صافية ليس كعادتها في بقية الأيام، وتخفت جميع الأصوات، ويعلو صوتًا واحدًا ينشد آيات من كتاب الله .
يصطف فيها المسلمون داخل المساجد وتخرج دعواتهم من القلوب إلى الله عز وجل طالبة الرحمة والمغفرة.
سميت ليلة القدر بهذا الاسم؛ لأنها تقدر فيها الآجال والأرزاق من الله عز وجل، ولأنها أيضًا ذات قدر وقيمة ومنزلة عند الله، فالعمل في تلك الليلة المباركة يعادل ثواب العمل فيها ألف شهر، حيث ينزل فيها الملائكة والروح.
وقد أخفى الله وقت ليلة القدر لحكمة لا يعلمها إلا هو؛ لكي يجتهد المسلمون في العبادة في الليالي العشر الأخيرة من شهر رمضان، حتى يصل إلى ليلة القدر وينال أفضالها، فقد قال رسول الله - صلاة الله عليه :"التمسوها في العشر الأواخر من رمضان".
وهناك العديد من الروايات اختلفت في تحديد موعد ليلة القدر، إلا أن جميعها تؤكد أنه حينما اعتكف الرسول مع الصحابة في العشر الأواخر من رمضان، حدثهم بقوله :"إني رأيت ليلة القدر فأنسيتها فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر".
فمن اجتهد في القيام والطاعة وصادف تلك الليلة نال من عظيم بركاتها فضل ثواب العبادة في تلك الليلة، وقيام ليلة القدر يرتفع شأنه بالصلاة فيها إن كان عدد الركعات قليلاً أو كثيرًا، فالدعوات فيها تكون مستجابة من الله عز وجل، فلا ترد دعوة مؤمن أقام ليلة القدر بقلب خاشع ونية صادقة، فيؤمن المسلمون أن الله عظم أمر ليلة القدر وبين أنها خير من ألف شهر في القرآن الكريم، فالعمل الصالح فيها يكون ذا قدر عند الله خيرًا من العمل في ألف شهر طوال العام.
وقبل اختتام شهر رمضان تحل اليوم ليلة القدر بأفضالها المذكورة في كتاب الله، بعد انتظار المسلمون لها، ليلتمسوها في العشر الأواخر منه، حاملة معها مغفرة وعتق من النار لمن قامها إيمانًا واحتسابًا.