تشاجرت كالعادة مع زوجتى لأحد الأسباب التافهة وتطور الخلاف إلى أن قلت لها أن وجودك فى حياتى لا ميزة فيه وعدم وجودك كوجودك تماما وكل ما تفعلينه تستطيع أى خادمة أن تفعل أفضل منه , فما كان منها إلا أن نظرت لى بعين دامعة وتركتنى وذهبت إلى الغرفة الأخرى , وتركت أنا الأمر وراء ظهرى بدون أى إهتمام وخلدت إلى نوم عميق
مر هذا الموقف على ذهنى وأنا أشيع جثمان زوجتى إلى المثوى الأخير والحضور يعزينى على مصابى فيها
ولكننى لم أكن أشعر بفرق كبير , ربما شعرت ببعض الحزن ولكنى كنت أبرر ذلك بأن العشرة لا تهون إلى على أولاد الحرام كما يقال وكلها يومين وسأنسى كل ذلك
عدت إلى البيت بعد إنتهاء مراسم العزاء ولكن ما أن دخلت إلى البيت حتى شعرت بوحشة شديدة تعتصر قلبى وبغصة فى حلقى لا تفارقه ... أحسست بفراغ فى المنزل لم أعتده وكأن جدران البيت غادرت معها ولكنى حدثت نفسى مهونا و قائلا
- الله يرحمها كانت نكدية
ثم ذهبت وإستلقيت على السرير متحاشيا النظر إلى موضع نومها ونمت
أستيقظت فى الصباح بعد ميعاد عملى فنظرت إلى موضع نومها لأوبخها على عدم إيقاظى باكرا كما إعتدت منها ولكنى تذكرت أنها قد تركتنى إلى الأبد , ولا سبيل إلا أن أعتمد على نفسى لأول مرة منذ أن تزوجتها
ذهبت إلى عملى ومر اليوم على ببطء شديد ولكن أكثر ما إفتقدته ويالا العجب هو مكالمة زوجتى اليومية لى لكى تخبرنى بمتطلبات البيت يتبعها شجار معتاد على ماهية الطلبات وإخبارى ألا أتأخر عليها كثيرا ... وفكرت أنه بالرغم من أن هذه المكالمة اليومية كانت تزعجنى ولكنى لم أفكر قط أن طلبها منى ألا أتأخر قد يكون بسبب حبها لى , فلو كانت تكرهنى لما ظلت تؤكد عليا يوميا أن أعود إلى البيت فور إنتهاء العمل
بعدها عرجت على بعض أصدقائى على المقهى قليلا ثم عدت إلى البيت وقلبى يتمنى أن أن يرى إبتسامتها الصافية تستقبلنى على الباب وأن أسمع جملتها المعتادة
- جيبت كل إللى قلتلك عليه ؟
- قلبى فى الأكياس , مش هتلاقى حاجة ناقصة
كنت أرى جملتها هذه كأنها سوء إستقبال ولكنى الأن أشتاق إلى سماعها ولو لمرة واحدة
فالبيت أصبح خاويا لا روح فيه
الدقائق تمر على وأنا وحيدا كأنها ساعات
يـــالله , كم تركتها تقضى الساعات وحيدة يوميا بدون أن أفكر فى إحساسها
كم أهملتها وكنت أنظر إلى نفسى فقط دون أن أنظر إلى راحتها وسعادتها
كم فكرت فيما أريد أنا ... لا ما تريده هى
وزاد الأمر على حين مرضت ...
كم إفتقدت يديها الحانيتين ورعايتها لى وسهرها على إلى أن يتم الله شفائى كأنها أمى وليست زوجتى
وبكيت كما لم أبك من قبل ولم أفتأ أردد ... يارب إرحمها بقدر ما ظلمتها أنا , وظللت هكذا حتى صرعنى النوم ولم أفق إلا على رنين جرس المنبه فإعتدلت فى فراشى
... ولكن مهلا
فكل شىء عاد كما كان وكأننى كأننى كنت فى حلم بغيض
يالله !!! ...لم يحدث شىء من هذا فى الواقع
هرعت إلى الغرفة التى بها زوجتى ... إقتربت منها وقلبى يكاد يتوقف من الفرح
وجدتها نائمة ووسادتها مغرقة بالدموع
أيقظتها ... فنظرت إليها بإستغراب لا يخلو من العتاب
لم أتمالك نفسى وأمسكت بيديها وقبلتها
ثم نظرت لها بعين دامعة وقلتها من كل قلبى
- حقك عليا ,,, انتى نكدية صحيح بس بحبك وحياتى هى انتى .
#قصة
بقلم علي عبدالله علي