شر البلية ما يضحك، لعل هذه العبارة هي اقل ما توصف به نتيجة اختبارات الكادر الخاص للمعلمين والتي أعلنتها وزارة التربية والتعليم يومي الأحد والاثنين الماضيين واتفق جميع من طالعوها على أنها بحق "سمك لبن تمر هندي" كما يقول المثل الشعبي.
فالنتيجة بلغت 85 % رغم هزلية الاختبارات والتي قاطعها 125 ألف مدرس كشفت عن العشوائية الشديدة التي تمت بها عمليات تصحيح ورقة الإجابات والتي أيضا لا تقل فضيحتها عن فضيحة تسريب أسئلة امتحانات الثانوية العامة التي جرت وقائعها العام الدراسي الماضي حسبما يرى العديد من المدرسين والمراقبين.
وقد تمثلت مفاجآت نتيجة الكادر في نجاح الكثير من مدرسي مجالات التعليم الصناعي والزراعي الحاصلين على الدبلومات الفنية في مادة التربوي رغم أنهم لم يدرسوها من الأصل، بينما رسب فيها مدرسون تربويون رغم أنها تخصصهم مما يؤكد أن عمليات التصحيح ورصد الدرجات كانت غير دقيقة على الإطلاق وشهدت العديد من المخالفات الرهيبة.
وليس أدل على ذلك من الواقعة الغريبة والطريفة التي جرت في محافظة الغربية مع مدرس التاريخ الذي فوجئ بإعلان نجاحه في مادة اللغة الإيطالية رغم أنه لم يمتحنها من الأساس وأيضا اكتشاف مدرس أول اللغة لانجليزية في إدارة شرق القاهرة وجود خطأ في نتيجته حيث كانت مادة التخصص الأولى له هي اللغة العربية وكادره مدرس أول للغة العربية!
وإزاء هذه المهازل قامت الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان المسلمين بتقديم سؤالين برلمانيين عبر كلا من النائب محسن راضي و علي لبن الخبير التربوي إلى الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء والدكتور يسري الجمل وزير التربية والتعليم حول عمليات التصحيح والرصد التي تمت للنتائج والمخالفات التي سادتها والمطالبة بعقد اجتماع عاجل للجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس الشعب بحضور وزير التربية والتعليم ورئيس أكاديمية المعلم لمحاسبتهما على الأخطاء الجسيمة وإهدار المال العام.
من جانبه يؤكد عبد الناصر إسماعيل ـ المنسق العام لاتحاد المعلمين في الجيزة ـ بان هذه النتيجة سياسية في المقام الأول ولا تعبر عما حدث في الاختبارات التي أجرتها الوزارة منذ ثلاثة شهور تقريبا والتي شملت أسئلة غير مهنية وبعيدة كل البعد عن معنى كلمة سؤال خاصة بعد إجراء هذه الاختبارات بدون إعداد أو تأهيل للمعلم من قبل أكاديمية المعلمين وذلك بالمخالفة لقانون الكادر نفسه.
مشيرا إلى أن الوزارة لجأت إلى رفع نسبة النجاح حتى لا تتسبب النتيجة الحقيقية التي لن تتجاوز الـ 20 % او 30 % وذلك من اجل تجنب ثورة غضب عارمة متوقعة من جانب المدرسين الذي كان سيتم استبعادهم من تطبيق الكادر وحرمانهم من الزيادة المقررة في المرتبات.
وشدد إسماعيل على أن الأسئلة المجهولة والاختبارات المهزلة التي أجرتها الوزارة لا يمكن أن تكون نتيجتها 85 % على الإطلاق فقد رفعت الوزارة هذه النسبة وتم استبعاد 100 ألف معلم بدعوى رسوبهم في هذه الاختبارات وان هذا العدد قد تم استبعاده بشكل عشوائي بعد عمليات تصحيح غير دقيقة مدللا على ذلك بالمفاجآت التي كشفت عنها نتيجة الاختبارات ونجاح مدرسين في مواد لم يمتحنوها وأيضا رسوبهم في مواد امتحنوها.
وكشف المنسق العام لاتحاد المعلمين في الجيزة عن أن الاتحاد وروابط المعلمين في المحافظات تستعد الآن لرفع عشرات الدعاوي القضائية في محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة للمطالبة بإلغاء قانون الكادر لأنه قانون غير دستوري ولأنه لن يساوي بين المدرسين في صرف المرتبات من ناحية، ومن ناحية أخرى فانه سيتم ترقية المدرسين بدون النظر إلى الخبرة والأقدمية بالمخالفة للقانون القديم.
وتساءل هل من المعقول أن يتم ترقية مدرس أول طبقا لهذا القانون في حين انه قد تمت ترقيته قبل ذلك بموجب القانون القديم مضيفا أن الاتحاد بدأ بالفعل في جمع التوكيلات اللازمة لرفع هذه القضايا كما أن الاتحاد والروابط تدعوا المدرسين الذين لم يشاركوا في هذه الاختبارات وعددهم 125 ألف مدرس، إضافة إلى 100 ألف مدرس رسبوا فيها إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام نقابة المعلمين يوم الخميس الأول من إجازة منتصف العام الدراسي للمطالبة بتطبيق الكادر على كل المدرسين.
أما أيمن البيلي ـ أمين رابطة المعلمين في الدقهلية ـ فقد أضاف أن ما حدث في نتيجة اختبارات الكادر يؤكد بما لا يدع مجالا للشك عشوائية سياسات وزارة التربية والتعليم وأيضا عشوائية قراراتها وان خير دليل على ذلك هو رسوب مدرسين تربويين في مادة التربوي رغم أنها تخصصهم ودرسوها في حين نجح فيها مدرسو المجالات الصناعية والزراعية الحاصلين على الدبلومات الفنية والذين لم يدرسوها على الإطلاق مضيفا أن الوزارة رفعت نسبة النجاح إلى النسبة التي تم إعلانها لإثبات صحة القرارات الوزارية وعدم إضرارها بالمدرسين.
التلاميذ يدفعون الثمن
وتساءل البيلي هل سيتم صرف الزيادة الجديدة في المرتبات بأثر رجعي من شهر يوليو الماضي حسبما أكدت اللائحة التنفيذية للكادر التي نصت على صرف الزيادة من أول شهر يوليو وليس عقب إعلان نتيجة الاختبارات وهل سيتم ترقية مدرس ناجح في هذه الاختبارات احدث من مدرس آخر سقط فيها بالمخالفة للقانون .
وهدد أمين رابطة المعلمين في الدقهلية بان روابط المدرسين ستشعل موجة من الاعتصامات والاحتجاجات بين المعلمين إذا لم يتم صرف الزيادة لكل المدرسين بغض النظر عن نتيجة الاختبارات التي وصفها بالمهزلة التي لم تحدث في تاريخ الوزارة.