خدعني طليقي وتزوج بعد طول انتظار
السؤال :
أنا فتاة أبلغ مِن العمر ٣٤ سنة، تزوجتُ وأنا في السابعة عشرة مِن عمري، أحببتُ زوجي كثيرًا لحُسْنِ معاملته، وأخلاقه العالية، ولكني لم أحافظْ عليه، فكنتُ أبحث عن المُشاجَرات، ولم أكن أعامله باحترامٍ، حتى تمَّ الطلاق ُ وذلك بعد سنة مِن زواجنا.
لم تنقطعْ علاقتنا بعد الطلاق، أخبرتُه بندمي، وهو أخبرني بأنه على استعدادٍ لفَتْحِ صفحةٍ جديدةٍ، ولكن أهله رفضوا التقدُّم لي من جديدٍ، وهو حاول معهم لمدة خمس سنوات، لكنهم أَصَرّوا على الرفض.
منذ أشهُر أخبرتُه بأنه طال انتظاري له، وأريد قطْع الاتصال بيننا، ففوجئتُ بأنه خطب أخرى، ويقوم بالتحضير للعُرْس، وأنا ما زلتُ أنتظر!
أموت يوميًّا، حتى إنني فكرتُ في الاتصال بخطيبته، وإخبارها بمعلومات عنه هي لا تعرفها؛ للإفساد بينهما، فما رأيكم فيما أريد أن أفعل؟
أشيروا عليَّ.
الإجابة:
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فكثيرٌ منا -أيتها الأخت الكريمة- لا يُدرك خطأه في وقت الخطأ، ولكن بعدما تتأزَّم الأمور، ولكن سبَق السيف العذل، فقد كان الواجبُ عليك بعد الطلاق مِن زوجك السابق أن تقطعي جميع العلاقات به، ولكنك - طيلة كل هذه السنين الطويلة، وإلى الآن - لم تنقطع العلاقة بينكما، وهذا أمرٌ عجيبٌ منكما، فلا هو ترَكك تتزوجين غيره، ولا هو ردَّكِ مرةً أخرى، وأنت كذلك، حتى أتى الوقتُ المحتومُ الذي لا بد فيه مِن الزواج فبحث عنْ غيرك!
واحذري من أن تزيدي أخطاءك بالوقيعة بينه وبين خطيبته؛ فهذا أمرٌ لا يجوز شرعًا، وكذلك سيزيد الهُوة بينكما، فبدلًا مِن أن يُفَكِّرَ في الارتباط بك كزوجةٍ ثانيةٍ، سيَطْوي صفحةَ الماضي تمامًا، والمقصود أن هذا الأمر مُحَرَّمٌ، ولن يترتبَ عليه نفعٌ لك، كما قد يُزينه الشيطان ُ.
أما الآن فيجب عليك قطْعُ العلاقة مع طليقك؛ لأنه رجلٌ أجنبيٌّ عنك، والشرعُ الحنيفُ لا يُجيز أيَّ علاقةٍ بين رجلٍ وامرأةٍ، إلا في ظلِّ زواجٍ شرعيٍّ، وهذا الرجلُ لم يتمكنْ مِن إرجاعك طيلة كل هذه السنين؛ فيَدُلُّ هذا على أنه إما غير جادٍّ في رغبته في الزواج منك ثانيةً، وأن الأمر لا يعدو تسليةً لحين تمكُّنه من الزواج، أو أنه لم يستطعْ نسيان مشاكل العام الذي تزوجتما فيه، أو هو مُتَمَسِّكٌ بك محبٌّ لك، ولكن لا يستطيع مخالفة أهله ويتزوجك دون رضاهم، وكيفما كان الأمرُ، فانتظارُك له إلى الأبد -والأعوامُ تمر بين يديك هكذا- أمرٌ لا يُعقَل، وهو أيضًا غيرُ جائزٍ شرعًا، وكان عليك أن تفهمي ذلك منذ زمنٍ؛ أن الرجلَ لو كان في مقدوره أن يتزوجك لفَعَل؛ لأن من القواعد العقلية المقررة: أن الإرادة الجازمةَ مع القدرة التامة توجب الفعل، والحالُ أن الفعلَ لم يتحققْ؛ فدلَّ على خلَلٍ في الإرادة المُحَرِّكة للإنسان، أو عدم القدرة.
عمومًا قدر الله وما شاء فعل، والقدَرُ إنما يُحتج به في المصائب، ولكن بعدما يتوب الإنسانُ، والآن وقد ارتبط بأخرى، فلم يدَعْ لك مجالًا للانتظار، ولا للتفكير فيه أصلًا، فأنت إن كنتِ أسأتِ له سنةً واحدةً، فقد أساء لك كل هذه السنين بخديعتِه لك، وإيهامك بأنه سيَتَزَوَّجك، ولكن هذه المرة أنتِ ساعدْتِه على التمادي؛ كما قيل: يداك أوكتا وفوك نفَخ، فدعكِ منه، واطوي تلك الصفحة بفصولها المتعددة، والأمر قد يكون قاسيًا عليك في بدايته، إلا أنك ستعتادينه، إلى أن يُيَسِّرَ الله لك زوجًا صالحًا تسعدين معه.