يصحو في الساعة التاسعة والنصف صباحا مكفهر الوجه , عاقد الحاجبين
يركب سيارته مسابقا الزمن حتى يصل إلى مقر عمله في موعده المعتاد يواجه الإزدحام , يقلب ناظريه بين ساعته وبين قوافل السيارات التي تأتي من كل إتجاه , يطلق العنان لصوت سيارته يسب ويشتم إشارة المرور ورجال المرور وأصحاب السيارات الأخرى , فجأة يتذكر أننا في رمضان فيطلق عبارة : اللهم إني صائم !
الحادية عشر والربع صباحا , بلغ منه النعاس مبلغه , يفتح عينيه التي أرهقها السهر , يقابل المراجعين وقد ارتسمت على محياه علامات العبوس , يحادثهم بغضب , يصرخ في وجوههم دون أن يكلف نفسه عناء النظر إلى الساعه قائلا : إنه وقت صلاة الظهر راجعونا غدا , فجأة يتذكر أننا في رمضان فيطلق عبارة : اللهم إني صائم !
الثانية والنصف مساء تتكرر نفس الواقعه مع اختلاف التوقيت وازدياد حرارة الشمس , رنين هاتفه الجوال يقطع تفكيره الذي أنهكه التعب , إنها أم أولاده
دون سلام أو سؤال تهاتفه قائلة : أحضر معك هذا وهذا وذاك , يطلق صرخة مدويه إجابة على طلبها : أحضرت هذه الأشياء منذ يومين هل يعقل أنها انتهت ونحن في أول أيام الشهر ؟!
يشتد الجدال بينهما يغلق السماعة في وجه زوجته , يلعن الساعة التي اقترن بها
فجأة يتذكر أننا في رمضان فيطلق عبارة : اللهم إني صائم !
الخامسة مساء يقلب ناظريه بين سيل القنوات الفضائية التي أعدت العدة حتى تحظى
بأكبر قدر من الصائمين وهي أبعد ماتكون عنهم , يصرخ في وجه أولاده الذين أفسدوا عليه متعة النظر إلى ممثلته المفضله وقد أثقلت وجهها بكم من الألوان وبجديد عمليات التجميل ولكن صاحبنا يراه جمالا طبيعيا فالمشهد يظهر تلك الممثله وهي مستيقظة للتو من نومها , يقارن بينها وبين تلك القابعه في المطبخ فجأة يتذكر أننا في رمضان فيطلق عبارة : اللهم إني صائم !
نواجه الكثير من المواقف التي تجعلنا فاقدي السيطره على ضبط أنفسنا بحجة الصوم
رغم أن الصيام يعود صاحبه على الصبر والتحمل , ولكن ماهذا الصيام الذي لم يهذب خُلق صاحبه ؟ أم أن عبارة ( اللهم إني صائم ) تتيح للصائم فعل مايشاء ثم يطلقها بعد ذلك تكفيرا لأفعاله !
هي دعوه من الأعماق لكل إنسان صائم أن تصوم ذاته قبل جوارحه حتى نتلذذ بالمعنى الحقيقي للصيام , ابتعدوا عما يخدش صيامكم والذي غالبا مايكون سببا لايستحق سوى التروي لمواجهته وقليل من اللين للتغاضي عنه
هي دعوه من الأعماق لكل إنسان صائم أن تصوم ذاته قبل جوارحه حتى نتلذذ بالمعنى الحقيقي للصيام , ابتعدوا عما يخدش صيامكم والذي غالبا مايكون سببا لايستحق سوى التروي لمواجهته وقليل من اللين للتغاضي عنه