اختيار الصديق - لابن المقفع
* أولاً : أضواء على النص :
1- التعريف بالكاتب:
هو الأديب العباسى (عبد الله بن المقفع) من أصل فارسى، ولد سنة 106هـ وتوفى سنة 142هـ ولقب أبوه (بالمقفع) لأن الحجاج الثقفى عاقبه على بعض مخالفاته بضربه على يديه حتى تقفعتا أَىْ تورمتا وأعوجَّتْ أصابعهما.
- وآثاره الأدبية كثيرة منها (كليلة ودمنة) الذى ترجمه عن الفارسية و (الأدب الكبير ) و (الأدب الصغير ) ومعظمها يدور حول الدروس الأخلاقية والاجتماعية.
- فضله على اللغة العربية وآدابها عظيمًا: فهو أول من أدخل إليها الحكمة الفارسية والهندية والمنطق اليونانى وعلم الأخلاق والسياسة، أول من ترجم وألف ورفع فى كتبه النثر العربى إلى أعلى درجات الفن. 2- جو النص :
الإنسان اجتماعى بطبعه، فهو لا يستطيع أن يعيش فى عزلة عن الناس، ولابد أن يكون له أصدقاء، يحسن اختيارهم، والكاتب هنا يعرض آراءه فى اختيار الصديق وصفاته ليستحق هذا الاسم المأخوذ من (الصدق). والنص نموذج من كتابه (الأدب الكبير).
3- موضوع النص :
اجتماعى؛ لأنه يعالج إحدى العلاقات فى المجتمع وهى علاقة الصداقة، ويوضح حقوق الصداقة وضرورة التمسك بالصديق، وإن ظهر لك منه ما تكره، ولذلك يجب التمهل فى اختيار الصديق طبقاً لهذه الشروط والصفات.
4- الأفكار التى اشتمل عليها النص :
(أ) التأنى فى اختيار الصديق حتى يكون الاختيار سليما، بحيث توطّن نفسك على استمرار هذه الصداقة حتى لو ظهر لك من صديقك ما تكره، فقطع علاقة الصداقة بمنزلة الخيانة.
(ب) كيف تختار صديقك : إن كان الشخص الذى تريد صداقته من المحبين للدين فليكن عالماً بالشريعة ذكياً غير منافق وغير حريص على المال يميل إلى البخل والتقتير، أما إذا كان من أهل الدنيا كالتجّار ونحوهم فليكن كريم الصفات بعيداً عن الحمق والسفاهة.
(جـ) الصفات التى يجب ألا تكون فى الصديق : الجهل والكذب والشر والاستهتار بفعل القبائح لأن الجاهل يضر صاحبه والكذاب لا يصدق في مودته والشرير يجلب لك العداوة، والمتنوع يفضحك بين الناس.
(د) سلوك الإنسان مع الناس :
يجب أن يكون متوازناً، لأن اعتزال الناس يجلب العداوة، والاندماج فيهم يجلب أصدقاء السوء مما يدعو إلى قطيعتهم بعد ذلك فيرى الناس ذلك عيباً فيه.
وهذه الأفكار واضحة مرتبة ترتيباً منطقياً، فقد بدأها بقاعدة أساسية هى (توطين النفس على التمسك بالصديق) وما دام الأمر كذلك فلا بد من التمهل فى اختياره - ثم وضع لذلك مقاييس : إن كان من أهل الدين فليكن فقيها وإن كان من أهل الدنيا فليكن حرا ليس بجاهل ولا كذاب ولا شرير.
وأخيراً يضع نتيجة وهى أن الصداقة ضرورية ولكن فى إطار الانتقاء لأن العزلة عن الناس تجلب عداوتهم، والاندماج فيهم يوقع فى أصدقاء السوء.
5- الألفاظ :
ملائمة للموضوع الاجتماعى مثل (مؤاخاة - تؤاخى- مواصلة الإخاء) وفى النص محسنات بديعية غير متكلفة كالطباق والمقابلة والجناس - ومعظم الأساليب خبرية تقريرية وجاء بعضها إنشائيًا لإثارة المشاعر.
6- الصور :
جميلة توضح المعانى وليست كثيرة، لأن الموضوع اجتماعى تغلب فيه الناحية الفكرية على الناحية العاطفية، ولكن يؤخذ عليه التشبيه المنفى للصديق بالعبد والزوجة فى سهولة التخلص منهما وهذا خطأ. فعلاقة الزوجين أقوى وكذلك العلاقة بين العبد وسيده.
7- ملامح شخصية الكاتب :
واسع الثقافة، خبير بالحياة وتجاربها، مجددٌ فى أسلوبه وموضوعاته، صاحب مدرسة فى النثر.
8- الخصائص الفنية لأسلوب ابن المقفع ومدرسته النثريه :
(أ) التعبير عن الفكرة بطريقة منطقية بعيدة عن الزخرفة اللفظية أو المبالغة البيانية.
(ب) أسلوبه من نوع (السهل الممتنع) الذى يظن القارئ أنه يحسن مثله فلا يستطيع.
(جـ) تركيز المعانى وانتقاء الألفاظ وحسن تنسيقها.
(د) طريقة الترسل أى تحرير النثر من السجع المتكلف.
(هـ) التنويع بين الخبر والإنشاء لإثارة المتعة والتشويق.
(و) يمثل أسلوبه نموذجا لامتزاج الثقافتين العربية والفارسية مما يسمى بالأسلوب (المولد) .
9- أثر البيئة فى النص :
(أ) ظهور طائفة من الأدباء من أصول غير عربية جمعوا بين الثقافة العربية والأجنبية.
(ب) الرقى الحضارى والفكرى بمعالجة قضايا المجتمع والعلاقة بين الأَصدقاء.
(جـ) ازدهار الكتابة الاجتماعية والأدبية مما يعد بداية لظهور المقال الأدبى على يد الجاحظ