تناست الشقيقة الصغري صلة الرحم ورابطة الدم راحت تنفث سموم الحقد والكراهية لشقيقتها الكبري التي تربت وكبرت بين أحضانها وأصرت علي حرمانها من حقها الشرعي في الميراث.. وعندما ماتت المقهورة من شدة الهم والكمد والحزن انطلقت الأفعي لتدس سم أحقادها بمطاردة زوجها العجوز بالأحكام القضائية بالغش والتزوير والتدليس للزج به بين جدران السجون عندما طالب بحق أولاده في ميراث والدتهم الذي شرعته عدالة السماء وراحت الخالة الطماعة تختال بين الأهل والجيران بأفعالها اللاانسانية وتناست ان الله أكبر.
عاش علي مدي حوالي ثلاثين عاما الحياة الأسرية الهادئة المستقرة مع شريكة عمره المسالمة وتربيتها الدينية ونشأتها الريفية مازالت راسخة بين وجدانها.. رزقا علي مدي تلك السنوات بولدين وبنتين تربوا وترعرعوا وسط حديقة الحب والحنان.. وصاروا بمراحل التعليم الجامعي والثانوي.. وفجأة اختطف الموت حماته وورثت زوجته واخوتها عمارة تضم تسعة طوابق.. وبعد فترة الحداد تجمع الورثة لتوزيع الأنسبة الشرعية.. فوجئت زوجته بما لا يخطر لها علي بال بشقيقتها الصغري الميسورة الحال تبدي رغبتها في شراء العمارة وتعطي كل ذي حق حقه.. واستجاب اخوتها وعلي مدي أسبوع تقاضوا حقهم عدا ونقدا ماعدا زوجته التي فوجئت بشقيقتها تعرض عليها ثمنا بخسا لشراء حصتها في ميراث العمارة مستغلة طيبتها وأخلاقها التي جبلت علي فعل الخير لمن حولها.. وعندما اعترض ثارت شقيقة زوجته الجشعة في وجهه ونهرت زوجته وكشرت عن أنيابها وغادرت المكان وتوعدت بالانتقام.. هاجم المرض اللعين جسد زوجته من الهم والكمد والحزن ونهش قواها علي مدي شهور وسط المسكنات والآلام وفاضت روحها.
مرت شهور.. وانطلق الأرمل الذي يزحف إلي السبعين عاما يطرق أبواب الكبار من الأقارب للمطالبة بحق أولاده الأربعة في الميراث.. وتجمعوا في اليوم التالي بمجلس عرفي ليفاجأ بخالة الأولاد لم يشفع لديها موت شقيقتها من شدة القهر تحجرت مشاعرها بعدما تربع شيطان الجشع والطمع فوق عرش قلبها وأصرت علي تنفيذ مآربها الشيطانية بالشراء بأبخس الأثمان لحصة شقيقتها وعندما شرع الأرمل في بيع ميراث أولاده لأحد التجار الذي بالفعل عاين المكان والعمارة وأبدي رغبته في شراء الحصة الشرعية في ميراث أولاده هبت من حوله رياح الشر من كل اتجاه.. فوجيء بالطماعة تطارده بالأحكام القضائية الغيابية في غفلة منه واستصدرت ضده تسعة أحكام بحبسه لمدة خمس عشرة سنة واتهامه بخيانة الأمانة بايصالات وهمية مزورة ليفاجأ بمباحث تنفيذ الأحكام يلقون القبض عليه واتخذ الإجراءات للمعارضة التي أيدت المحكمة ثلاثة أحكام منها واتخذ إجراءات الاستئناف التي مازالت متداولة في ساحة العدالة.. وبرأته المحكمة من قضيتين عندما تضمن التقرير الفني لقسم التزييف والتزوير بالطب الشرعي بأنهما بغير توقيعه بعد استكتابه عدة مرات.
لاتزال الطماعة تطارده هنا وهناك بسيل من الدعاوي القضائية دوخته بين أروقة المحاكم وأولاده يلهثون وراءه لانقاذه من مخالب خالتهم الشيطانة وسط دموعهم التي تدمي من بشاعتها القلوب.
وصار العجوز يعيش حياة التعاسة والشقاء والفزع والقلق وأشباح الأحكام والسجون تطارده حتي في كوابيس أحلامه.
وصار الأهل والجيران وسكان العمارة يرثون لحاله بعدما أصبح الوفاء لذوي القربي في هذا الزمن بضاعة كاسدة.. وأصبحت حبال الود مثلما تربط القلوب أحيانا تلتف حول الرقاب!