طبعاً النشأة لها تأثير مؤكد على الإنسان، أنا نشأت في الروضة في جو هادئ بين أم وأب، حقيقي أمي إنجليزيَّة مش مصرية، لكن جمع بين أبويا وأمي حب شديد جداً اللي خلاه اتجوزها وجابها مصر، فكان البيت كله شعور بالحب والحنان والإحساس بأولادهم ويعني كان اللي أذكره وأنا طفلة أبويا كان يقعد معانا كتير ووالدتي ويدونا من وقتهم كثير مش يعني .. دي مهمة جداً، ودايماً أنا بأصر حتى في كلامي على الأطفال إن لازم يستمعوا .. الأب والأم يستمعوا لأولادهم ويشوفوا مشاكلهم ويختلطوا بيهم، ده بتحمي الأطفال.
فأن
أحمد منصور:
بريطانية.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
والدك هو السيد أو الدكتور صفوت رؤوف.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
كان في وزارة الصحة، تَعرَّف عليها في بريطانيا، وتزوجها..
جيهان السادات [مقاطعة]:
نعم، وهو بيدرس في (شيفلد) أيوه.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
نعم، وجاء بها إلى مصر.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
أم إنجليزية.
جيهان السادات:
أيوه.
أحمد منصور:
وأب مصري، وحياة في مصر، أيضاً أما يدخل هذا في إطار شيء من التجاذب بين الأب والأم حول الأولاد ونشأتهم وتربيتهم مع اختلاف العادات والتقاليد والدين أيضاً؟
جيهان السادات:
ده صحيح، هأقول لحضرتك حاجة، يعني كان تأثير والدي أكبر بكثير من تأثير أمي، شخصيته كانت أقوى بكثير من شخصيَّة أمي، فكان الأثر الأكبر والأوقع من والدي، يعني أولاً: أمي وهي كانت إنجليزيَّة مسيحيَّة، ولكنها كانت تصوم معانا رمضان، وأنا أذكر إن أنا صمت رمضان أول مرة يمكن وأنا عندي 8 سنوات صمت كذا يوم، يعني كان البيت ديِّن، وكنت بأصلي وأنا طفلة، يعني مش وأنا كبيرة.
يعني كنا صحيح فيه جارتي كان لها تأثير عليَّ في هذا من ناحية الصلاة والصوم والحاجات دي، لكن أيضاً البيت كانت والدتي تشارك معانا علشان ما تخليش فيه فروق نحس بها، لكن طبعاً كان العادات يعني العادات الأجنبيَّة غير العادات المصريَّة، يعني أذكر مثلاً أو يمكن ما أوعاش على إن مثلاً وأنا طفلة كنت لما أقع كانت عمَّاتي يجروا عليَّ وهي أمي تبقى قاعدة تقول لهم: سبوها، سبوها تقع هي حتقوم لوحدها، يعني فيه فرق في العواطف حتى والأحاسيس بين طبعاً الأم المصرية والأم الأجنبيَّة، لكن هي ربَّت فينا الحقيقة ..
أولاً كانت متمسكة جداً ببلدها، لأنها من شيفلد، وشيفلد معروفة بالفضة، فكانت دايماً تقول: شوفي الفضة دي مصنوعة في بلدي، شوفي دي جات من شيفلد، يعني كان لها حب وتمسك ببلدها، ما نسيتهاش، غرست فينا بالطبيعي كده إن إحنا نحب بلدنا، ونتمسك بمصريتنا، ونتمسك بالوطن بتاعنا...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن هي لم تكن تتردد على بريطانيا؟
جيهان السادات:
لا، خالص .. خالص، ما راحتش إلا متأخر جداً، لأن قامت الحرب كمان بعد كده...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هناك ما يشير إلى أن أصولها تعود إلى مالطا وليس إلى بريطانيا؟
جيهان السادات:
نهائي، نهائي .. ده كلام، أنا استغربت جداً، ولو كان أصولها من مالطا يعني ده لا أنكره..
أحمد منصور [مقاطعاً]:
ما الذي يعيب هذا أيضاً؟ نعم.
جيهان السادات [مستأنفة]:
بالظبط .. لا أنكر هي إنجليزيَّة صميمة من شيفلد.
أحمد منصور:
بقيت والدتك على دينها.
جيهان السادات:
نعم.
أحمد منصور:
وكما ذكرت أنت في كتابك كانت تحتفظ بصليب في...
جيهان السادات [مقاطعاً]:
في حجرة نومها. نعم .. نعم.
أحمد منصور [مستأنفاً]:
حجرة نومها، أنت كطفلة الآن يعني تتنازعين ما بين أم تختلف عن المجتمع كله في هويتها، في دينها، في عبادتها، وما بين مجتمع، حتى في لغتها، وما بين مجتمع آخر، ألم يحدث هذا أو يؤثر عليك أي تأثير سلبي أو تناقضي في بداية حياتك كطفلة؟
جيهان السادات:
نهائي، نهائي هأقول لحضرتك أنا مرة بنت، وأنا صغيرة جداً، بنت سألتني في المدرسة، وأنا كنت في مدرسة إرساليَّة فكان أغلبها مسيحيين والمدرسين مسيحيين كلهم، والناظرة كانت إنجليزية وكانت صديقة لوالدتي، فمرة بنت سألتني قالت لي: إزاي أنت مسلمة ومامتك مسيحيَّة؟ فأنا يعني استغربت، لأني كنت طفلة ما أوعاش أيه يعني الفروق دي، فرحت البيت وسألت مامتي، قلت لها، قالت لي: فعلاً أنا مسيحيَّة وأبوكِ مسلم، وأنت مسلمة.
لكن عايز أقول لك حاجة: إن ربنا بتاع الأديان كلها وأنت تطلعي مسلمة لأن والدك مسلم، لكن تحترمي الأديان الأخرى، وده عندكم في القرآن مذكور، فيعني طلعتنا الحقيقة أولاً ما فرضتش علينا، وما راحتش كنيسة عمرها وهي متزوجة لأبويا نهائي، يعني كانت ساعات أشوفها بتصلي في أوضتها، لكن كانت دايماً...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
مجرد رؤيتك دي ما كانتش بتعمل عند خلل؟
جيهان السادات:
لا، نهائي.
أحمد منصور:
ولا رد فعل عكسي؟
جيهان السادات:
ولا .. أبداً، أنا معتقدة إلى يومنا هذا إن ربنا للكل، وإن ما حدش اختار دينه، أنا ما اختارتش إن أنا أطلع مسلمة، أنا طلعت لأن والدي مسلم، وهي ما اختارتش تطلع مسيحية لأن اتولدت لقت والدها مسيحي...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
لا. أنا هنا بأسأل عن الانعكاسات، وليس عن هذه الأشياء، لأن دائماً الإنسان إذا وجد في بيئة فيها أي شيء متناقض بيكون لها تأثير عليه وعلى شخصيته.
جيهان السادات:
ده صحيح، ده صحيح لو إن الشيء متناقض، لكن الشيء ما كانش في بيتنا متناقض، لأن كنا عارفين إن إحنا مسلمين، عارفين إن أبونا موجود معانا، وبنصلي وبنصوم، وعماتي تأثيرهم كان كبير جداً علينا، لأنه كانوا قريبين لنا ومختلطين معانا خالص، فكانت تأثير والدتي لوحدها، ما كانش فيه .. يعني أنا ليَّ خالة ما شوفتهاش إلا وأنا مِجَوِّزة وأنور السادات رئيس جمهورية، يعني...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
هذه التي ذهبت والدتك إلى بريطانيا..
جيهان السادات [مستأنفة]:
شيفلد .. أيوه، عشان تشوف أهلها، لكن يعني ما ليش مفيش تأثير بريطاني عليَّ نهائي .. نهائي ولا تأثير دين آخر عليّ نهائي وأنا صغيرة، لأن والدتي الحقيقة كانت بتلعب الدور ده، هي عارفة إنها اِجَوِّزت مسلم، وعارفة إن الولاد دول مسلمين، فعمرها ما إلا كانت دايماً بتحثنا على يعني نصلي، ماعمرهاش كانت .. يعني كانت تفكرني...
أحمد منصور [مقاطعاً]:
تعلمت العربية في البداية؟ كانت تتكلم باللغة العربية؟
جيهان السادات:
كانت بتتكلم بالعربي، وحاولت إن إحنا تكلمنا بالعربي وإحنا أطفال، لأن قالت برضو مصريين وطالعين في مصر، وإحنا لغتنا العربية أقوى بكثير جداً من لغتنا الإنجليزيَّة، خصوصاً وإحنا أطفال، بس العربي بتاعها طبعاً كان عربي بتاع أجنبيَّة مكسر، حتى كنا ساعات نقعد نضحك على بعض التعبيرات اللي تقولها يعني.
أحمد منصور:
ذكرتِ أن عمة صديقتك رجاء لعبت أيضاً دور مؤثر عليك من خلال أنها كانت سيدة محجبة؟
جيهان السادات:
نعم، نعم، متدينة ومحجبة.
أحمد منصور:
ومتدينة، وأنتِ في نفس الوقت ذكرتِ إنه كان هناك فروق ما بين ما تجديه هناك وبين ما تجديه في بيتك.
جيهان السادات:
هو مش من الفروق الكبيرة، لكن عمة صاحبتي وصديقتي رجاء زين الدين كانت زميلة ليَّ في ابتدائي، وكنت أحبها، وكانت جارتي ساكنة جنبي، فأما كنت أروح أزورها ونذاكر سوا عمتها كانت محجبة ومتدينة جداً، فهي اللي خدتنا كأطفال، هي اللي قعدت تعلمنا الوضوء والصلاة، وهي اللي كانت بتدينا دروس دينَّية، وهي اللي خلتني يعني الحقيقة، وأنا يعني مثلاً عندي 13 سنة و12 سنة ماكنتش ألبس غير كُم طويل وكانت أمي كانت تندهش، يعني ساعات تقول لي: ليه؟ في سني مستغربة، فأقول لها: لأ، أنا عايزة كده، يعني ما أتحجبتش صحيح لكن كنت دائماً ألبس بلوزات بكم طويل وجونلات عشان يبقى.. وده كان غريب شوية يمكن في وقتي، وفي سني لكن كان ده تأثير..
أحمد منصور:
يعني كان الشائع غير ذلك؟
جيهان السادات:
آه طبعاً .. طبعاً كان الشائع كله من غير كمام وبنص كُم وكده يعني أنا خدتها كده حشمة بطريقة في سن مراهقة، يعني في سن اللي هو البنات بقى بتقعد تورِّي أيديها وما أعرفشي أيه، وتعمل فتحات كبيرة في صدرها وكده كان العكس عندي، وده يرجع فضله لأبلة نعمة عمة رجاء زميلتي.
أحمد منصور:
أنا أيضاً لاحظت شيء في كتابك "سيدة من مصر" الذي يعتبر بمثابة مذكرات بالنسبة لك، وأشكرك على النسخة التي أهديتها لي قبل عام.
جيهان السادات:
أيوه .. لا.. العفو، العفو.
أحمد منصور:
لاحظت إنك تعمدتِ تتكلمي كثيراً في البداية عن الإخوان المسلمين، وعن أنك كنت تجمعي تبرعات وتعطيها للإخوان المسلمين، وعن دور الإخوان المسلمين وتأثيرهم في المنطقة.
جيهان السادات:
ده صحيح.. صحيح.
أحمد منصور:
هل أنتِ تعمدتِ إنك تبرزي هذا الجانب أيضاً لتغطي على جوانب أخرى، أم أن هذه مؤثرات حقيقية؟
[font=Arabic Transparent][/font]