دخل سعيد إلى مكان عمله وعلامات الوجوم تعلو وجهه وآثار السهر والقلق وعدم الارتياح بادية عليه من بعيد كآثار القصف على مدينة غزة جلس على الكرسي ونادى الفراش وقال:
- صباح الخير يا عم أبو أحمد أريد إفطاراً وبسرعة لأني ميت من الجوع.
تعجب زميله وحيد من هذا الطلب وقال:
- سعيد أنت لست من عادتك أن تفطر في مكان عملك فأنت تفطر دائماً في البيت ثم تأتي إلى هنا. ردّ سعيد بحسرة:
- والله يا أخي مشاكلي مع زوجتي أصبحت لا تنتهي كل يوم شجار قبل النوم شجار, أول الصبح شجار , وأصبحت أهرب من البيت قبل أن تصحى زوجتي من النوم تفادياً للشجار ولذا تراني بلا إفطار. - سبحان الله وعلام الشجار؟
- كل شيء الأولاد، المدرسة،أمي، حماتي، عملي، الجيران كلها مواضيع للشجار يا رجل بيتي أصبح ولا كأنه جلسة من جلسات المصالحة بين فتح وحماس كلما حللنا خلافا برز عشرة مكانه ونرجع إلى نقطة الصفر!! - تريد أن أعطيك حلاً؟
- دخيلك هات.
- إفعل مثلي وتزوج مرة ثانية.
- ماذا؟ معقول؟ يا رجل بعد 10 سنين عِشرة وثلاث اولاد أتزوج مرة ثانية.
- وما العيب في ذلك الزواج الثاني ليس عيباً ولا حرام. - أكيد لا عيب ولا حرام ولكن صعب بعد كل هذه السنين يكون الواحد صاحب عائلة وزوجة جديدة. - والله أنا تزوجت مرة ثانية وسعيد جداً وأحس نفسي مثل بوش بين الزعماء العرب مدلل ومحبوب والكل يرقص لي ويسمعني أحلى كلام ويقول لي شبيك لبيك.
- يا أخي لا تزرع الفكرة براسي لا تخليني أعمل شي اندم عليه.
- توكل على الله يا رجل وأنا عندي لك عروس شابة وجميلة وبنت حسب ونسب طاوعني ولن تندم.
وهكذا كان تزوج سعيد للمرة الثانية بعد ان أقنع أصحاب الوجاهة زوجته الأولى وأهلها بالموضوع ودخل سعيد في شهر عسله الثاني وأحسّ نفسه شاباً يافعاً من جديد وكانت الزوجة الجديدة تحوم حوله كالفراشة وشكر الله على النعمة ودعا بالخير لصديقه وزميله وحيد الذي نصحه بالزواج مرة ثانية. مرت الأيام بسرعة وإنتهى شهر العسل وبدأت آثار الضغط الإقتصادي تظهر على سعيد كمثل الأزمة الإقتصادية العالمية بدأ رصيده في البنك ينهار بسرعة كمثل البورصات العربية ولم يكن مجبراً فقط على أن يشتري لكلا الزوجتين من كل شيء رعاية للعدل بل أصبح مجبراً على إسترضاء أولاده كي لا ينفروا منه ويتهموه بخيانة أمهم عبر انفاق المال , وكذلك أصبح لديه أقارب لكلا الزوجتين وما يتبع ذلك من هدايا ومناسبات وعزائم وولائم وبدأ الإعياء يظهر عليه جراء إلتزاماته الزوجية التي أصبح لا مفر منها كل ليلة وإلا اتهم بالتهرب والإنحياز للجانب الاخر وبدأت تظهر في البيت الجديد نفس شجارات البيت القديم وأصبح سعيد يتشاجر في بيتين وأصبح يخرج من بيت بلا إفطار وينام في بيت آخر بلا عشاء حتى جاء يوم ذهب فيه إلى بيت الزوجة الأولى التي كانت غاضبة منه فلم تفتح له الباب وقالت له: - إذهب إلى زوجتك الجديدة حبيبة القلب فليس لك مبيت هنا الليلة ولن افتح لك الباب حتى لو فتحت الحدود بين الدول العربية!!