" الطريق من جدة إلى كابول" على سيارة موديل 73
قصة بطولية لأفغاني قاد سيارته من السعودية إلى أفغانستان
قبل 37 عاماً اشترى رجل أفغاني يدعى غلام علي سيارة صفراء وبيضاء اللون في مدينة جدة ، من نوع تويوتا كورونا سيدان موديل 1973م ، قادها من السعودية إلى بلاده أفغانستان, حيث استقر هناك وعايشت سيارته التي حولها من سيارة خاصة إلى سيارة أجرة العديد من القصص منها المحزن ومنها المضحك والمفرح .
يقول الرجل المسن ، بأنه عمل في السعودية في بداية عام 1970م كعامل بسيط ، إلا انه تمكن خلال فترة بسيطة من جمع مبلغ من المال كان يوفره من راتبه بشراء سيارته الكورونا في عام 1977م والتي لازالت منذ 33 عاماً تعيش معه أفراحه وأحزانه ويعتبرها فردا من أفراد أسرته وجزء من حياته لا يمكنه أن يفرط فيه لأنها تحمل ذكريات حياته وتعينه على كسب رزقه رغم كبر سنها إلا أنها لازالت وفية معه .
وبين غلام علي انه بعد شرائه السيارة فكر على الفور العودة إلى وطنه خاصة وانه يملك بعض المال ليبدأ حياته في بلاده كرجل أعمال بسبب توفر مبلغ جيد يمكنه من بدء تجارة يعيش منها هو وأسرته ، مشيراً إلى انه تحرك من مدينة جدة إلى شمال المملكة ومنها دخل إلى الشام وتحرك إلى العراق حتى وصل إلى إيران ومنها هناك دخل بلاده وقام بتغيير اللوحات السعودية ووضع لوحات أفغانية .
وأشار إلى انه بدأ بالفعل تجارته ببيع ملابس مستعملة كان يستوردها من أوروبا ، وعاش فرحة عظيمة خاصة وان القليل جداً من سكان كابول كانوا يملكون سيارة في ذلك الحين وهم شخصيات مهمة ومعروفة فقط ، إلا أن فرحته لم تدم طويلاً حتى بدأت حرب الاتحاد السوفيتي في ديسمبر عام 1979م التي أدوت بحياة الآلاف من البشر ودمرت الحركة التجارية في البلاد ، إلا انه إلى ذلك الحين لم يفكر نهائياً في التخلي عن سيارته رغم حاجته الماسة للمال .
وذكر انه كان وفياً لسيارته مما جعل السيارة بعدها تعيد الجميل له ، بمساعدته في كسب رزقه حيث لا عمل ولا وظائف في ذلك الحين في أفغانستان ، وبدأ في تحويلها إلى سيارة أجرة في كابول ، موضحاً أن الكرسي الخلفي لسيارته حملت مئات المصابين والجرحى خلال الحرب السوفيتية وخلال فترة طالبان التي كانت فترة قاسية جداً على سكان أفغانستان .
وأضاف انه خلال منذ بداية الثمانيات أي منذ 30 عاماً وبعد تحويل سيارته الخاصة إلى أجرة زف نحو 264 عريسا وعروسة حتى انه أصبحا صديقا لبعض العرسان الذين نقلهم بسيارته واليوم لهم أبناء كبار متزوجون ولهم أبناء ومنهم على قيادة الحياة وآخرون فارقوا الحياة ولازالت سيارته القادمة من السعودية كما هي وفية له وتعينه على كسب رزقه .
وافدا غلام علي ، انه بسيارته التي اشتراها من عمله في السعودية تمكن من تأمين دخل ثابت وحياة كريمة له ولأطفاله السبعة ، وأكبرهم على وشك إنهاء دراسته في موسكو , حيث يدرس الهندسة وبعد تخرجه وعمله ، سيريحه ويريح رفيقة دربه الكورونا بعد هذا المشوار الطويل ، مؤكداً انه لن يبيعها أو يفرط فيها حتى يفارق الحياة بينما أبناءه البقية في المدرسة سيواصلون دراستهم حتى التخرج بشهادات عليا .
واعترف انه يشعر بعض الأحيان بالخجل من تقدم سيارته في العمر خاصة حين يشاهد السيارات الجديدة بينما سيارته أصبحت صداء وكومة من الخردة كما يصفها وبالكاد تتحرك ، إلا انه سيستمر في الوفاء لها كما فعلت هي ولن يتخلى عنها لأنها شهدت ثلاثة حروب أولها الصراع المستمر مع الاتحاد السوفيتي حتى طردهم ، ثم الحرب الأهلية في فترة طالبان والآن الحرب الأخيرة التي دخلتها أمريكا.
واختتم حديثه وهو يمسح بيديه على سيارته ، بأنه يحس بالأمان مع سيارته القديمة لان السيارات الجديدة عرضة للسرقة كما أن قائدوها يتعرضون للسرقة ، وقال " لا احد يفكر في سرقة سيارة قديمة ورجل مسن .. على الأقل هكذا نحن في أمان " .