تماضر بنت عمرو بن الحرث بن الشريد السُلمية المعروفة باسم
الخنساء بنت عمرو (
575 -
664)، كانت
شاعرة رثاء في عصر
الجاهلية كانت تسكن في اقليم
نجد. لقبت بهذا الاسم بسبب ارتفاع أرنبتي
أنفها. تزوجت من ابن عمها رواحة بن عبد العزيز السلمي، ثم من مرداس بن أبي عامر السلمي. عاشت أيضاً في عصر
الإسلام، وأسلمت بعد ذلك.
نسبها
من
بني الشريد وهو عمرو بن رياح بن يقظة بن عصيّة بن خفاف بن امرئ القيس بن بهثة بن
سُليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان بن
مضر بن نزار بن معد بن
عدنان. كان بنو الشريد هؤولاء زعماء قبائل
بني سليم في الجاهلية ومن كبار العرب.
قال ابن سعيد:-((كان عمرو بن الشريد يمسك بيده ابنيه, صخراً, ومعاوية, في الموسم فيقول أنا أبو خيري
مضر, ومن أنكر فليعتبر, فلا ينكر أحد.))
أصل التسمية
كان بأنفها ارتفاع قليل في طرفه مع انخفاض قصبته. فنوديت خنساء وخناس
[بحاجة لمصدر]. لقبّت الحنساء أيضا بـ
الخنساء البقرة الوحشية، نسبة إلى عيون البقر الوحشي والتي كانت من أجمل العيون في ناظر العرب. أو الخنساءالظبية في إشارة إلى جمال الضباء.
شاعريتها
تعد الخنساء من أشهر شعراء الجاهلية، وقد قامت بكتابة الشعر خصوصاً بعد رحيل أخويها. وطغى على شعرها الحزن والأسى والفخر والمدح. قال عنها
النابغة الذبياني: "الخنساء أشعر الجن والإنس". وبرغم أنها كانت شاعرة متمكنة من اللغة لها قصائد كثيرة إلا أن شهرة الخنساء قد ذاعت وانتشر صيتها في كل مكان من خلال مراثيها لأخيها
صخر التي ذاعت وتداولها الناس في الجاهلية.
مأساتها
في عام
612، قتل هاشم ودريد ابنا حرملة أخاها معاوية. قامت الخنساء بتحريض أخيها الأصغر
صخر بالثأر، واستطاع الأخير قتل دريد انتقاماً لأخيه، ولكنه أصيب وتوفي في عام
615. وقيل أن الخنساء أصيبت
بالعمى من شدة بكائها على موت أخيها.
وصخر هو أخو الخنساء من أبيها، وبرغم أنه كان لها أخ شقيق قد قتل قبل
صخر – وهو شقيقها معاوية بن عمرو الذي رثته أيضا. وكان
صخر هو أحب أخوان الخنساء إلى قلبها- حيث كان حليماً جوداً محبوباً بين أبناء العشيرة، وكان يقف دائما إلى جانبها يمد لها يد العون ويرعاها. ولما قتل أخوها
صخر ظلت ترثيه، وذاع صيت مرثيتها أو بكائيتها بين العرب حيث أصبحت مرثيتها الحزينة الأكثر تداولا من باقي أشعارها.
إسلامها
حينما علمت ببعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، قدمت على النبي مع قومها بني سليم فأسلمت معهم. وقيل أن رسول الإسلام
محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم كان يعجب بشعرها.... ولعل موقفها يوم القادسية لخير دليل على صبرها وثباتها وحسن ايمانها، فقد خرجت في هذه المعركة مع المسلمين في عهد عمر ومعها أبناؤها الأربعة وهم عمرة، عمرو، معاوية ويزيد. وهناك وقبل بدء القتال أوصتهم فقالت: يا بني لقد أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، ووالله الذي لا إله إلا هو إنكم بنو امرأة واحدة، ما خنت أباكم، ولا فضحت خالكم... إلى أن قالت: فإذا أصبحتم غداً إن شاء الله سالمين، فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين، فإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها، وجعلت ناراً على أوراقها، فتيمموا وطيسها، وجالدوا رئيسها عند احتدام خميسها، تظفروا بالغنم والكرامة في دار الخلد والمقامة.
وعندما دارت المعركة استشهد أولادها الأربعة واحداً بعد واحد، وحينما بلغ الخنساء خير مقتل أبنائها الأربعة قالت: (الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته).
وفاتها
ماتت الخنساء مع مطلع خلافة
عثمان بن عفان.
وفاتها
من أشعارها
من أجمل قصائدها...
قَذىً بِعَينِكِ أَم بِالعَينِ عُوّارُ | | أَم ذَرَفَت إِذ خَلَت مِن أَهلِها الدارُ |
كَأَنَّ عَيني لِذِكراهُ إِذا خَطَرَت | | فَيضٌ يَسيلُ عَلى الخَدَّينِ مِدرارُ |
تَبكي لِصَخرٍ هِيَ العَبرى وَقَد وَلَهَت | | وَدونَهُ مِن جَديدِ التُربِ أَستارُ |
تَبكي خُناسٌ فَما تَنفَكُّ ما عَمَرَت | | لَها عَلَيهِ رَنينٌ وَهيَ مِفتارُ |
تَبكي خُناسٌ عَلى صَخرٍ وَحُقَّ لَها | | إِذ رابَها الدَهرُ إِنَّ الدَهرَ ضَرّارُ |
لا بُدَّ مِن ميتَةٍ في صَرفِها عِبَرٌ | | وَالدَهرُ في صَرفِهِ حَولٌ وَأَطوارُ |
قَد كانَ فيكُم أَبو عَمروٍ يَسودُكُمُ | | نِعمَ المُعَمَّمُ لِلداعينَ نَصّارُ |
صُلبُ النَحيزَةِ وَهّابٌ إِذا مَنَعوا | | وَفي الحُروبِ جَريءُ الصَدرِ مِهصارُ |
يا صَخرُ وَرّادَ ماءٍ قَد تَناذَرَهُ | | أَهلُ المَوارِدِ ما في وِردِهِ عارُ |
مَشى السَبَنتى إِلى هَيجاءَ مُعضِلَةٍ | | لَهُ سِلاحانِ أَنيابٌ وَأَظفارُ |
وَما عَجولٌ عَلى بَوٍّ تُطيفُ بِهِ | | لَها حَنينانِ إِعلانٌ وَإِسرارُ |
تَرتَعُ ما رَتَعَت حَتّى إِذا اِدَّكَرَت | | فَإِنَّما هِيَ إِقبالٌ وَإِدبارُ |
لا تَسمَنُ الدَهرَ في أَرضٍ وَإِن رَتَعَت | | فَإِنَّما هِيَ تَحنانٌ وَتَسجارُ |
يَوماً بِأَوجَدَ مِنّي يَومَ فارَقَني | | صَخرٌ وَلِلدَهرِ إِحلاءٌ وَإِمرارُ |
وَإِنَّ صَخراً لَوالِينا وَسَيِّدُنا | | وَإِنَّ صَخراً إِذا نَشتو لَنَحّارُ |
وَإِنَّ صَخراً لَمِقدامٌ إِذا رَكِبوا | | وَإِنَّ صَخراً إِذا جاعوا لَعَقّارُ |
وَإِنَّ صَخراً لَتَأتَمَّ الهُداةُ بِهِ | | كَأَنَّهُ عَلَمٌ في رَأسِهِ نارُ |
جَلدٌ جَميلُ المُحَيّا كامِلٌ وَرِعٌ | | وَلِلحُروبِ غَداةَ الرَوعِ مِسعارُ |
حَمّالُ أَلوِيَةٍ هَبّاطُ أَودِيَةٍ | | شَهّادُ أَندِيَةٍ لِلجَيشِ جَرّارُ |
نَحّارُ راغِيَةٍ مِلجاءُ طاغِيَةٍ | | فَكّاكُ عانِيَةٍ لِلعَظمِ جَبّارُ |
فَقُلتُ لَمّا رَأَيتُ الدَهرَ لَيسَ لَهُ | | مُعاتِبٌ وَحدَهُ يُسدي وَنَيّارُ |
لَقَد نَعى اِبنُ نَهيكٍ لي أَخا ثِقَةٍ | | كانَت تُرَجَّمُ عَنهُ قَبلُ أَخبارُ |
فَبِتُّ ساهِرَةً لِلنَجمِ أَرقُبُهُ | | حَتّى أَتى دونَ غَورِ النَجمِ أَستارُ |
لَم تَرَهُ جارَةٌ يَمشي بِساحَتِها | | لِريبَةٍ حينَ يُخلي بَيتَهُ الجارُ |
وَلا تَراهُ وَما في البَيتِ يَأكُلُهُ | | لَكِنَّهُ بارِزٌ بِالصَحنِ مِهمارُ |
وَمُطعِمُ القَومِ شَحماً عِندَ مَسغَبِهِم | | وَفي الجُدوبِ كَريمُ الجَدِّ ميسارُ |
قَد كانَ خالِصَتي مِن كُلِّ ذي نَسَبٍ | | فَقَد أُصيبَ فَما لِلعَيشِ أَوطارُ |
مِثلَ الرُدَينِيِّ لَم تَنفَذ شَبيبَتُهُ | | كَأَنَّهُ تَحتَ طَيِّ البُردِ أُسوارُ |
جَهمُ المُحَيّا تُضيءُ اللَيلَ صورَتُهُ | | آباؤُهُ مِن طِوالِ السَمكِ أَحرارُ |
مُوَرَّثُ المَجدِ مَيمونٌ نَقيبَتُهُ | | ضَخمُ الدَسيعَةِ في العَزّاءِ مِغوارُ |
فَرعٌ لِفَرعٍ كَريمٍ غَيرِ مُؤتَشَبٍ | | جَلدُ المَريرَةِ عِندَ الجَمعِ فَخّارُ |
في جَوفِ لَحدٍ مُقيمٌ قَد تَضَمَّنَهُ | | في رَمسِهِ مُقمَطِرّاتٌ وَأَحجارُ |
طَلقُ اليَدَينِ لِفِعلِ الخَيرِ ذو فَجرٍ | | ضَخمُ الدَسيعَةِ بِالخَيراتِ أَمّارُ |
لَيَبكِهِ مُقتِرٌ أَفنى حَريبَتَهُ | | دَهرٌ وَحالَفَهُ بُؤسٌ وَإِقتارُ |
وَرِفقَةٌ حارَ حاديهِم بِمُهلِكَةٍ | | كَأَنَّ ظُلمَتَها في الطِخيَةِ القارُ |
أَلا يَمنَعُ القَومَ إِن سالوهُ خُلعَتَهُ | | وَلا يُجاوِزُهُ بِاللَيلِ مُرّارُ |
قي الرثاء لأخيها صخر...
أعينى جودا ولا تجمدا | | ألا تبكيان لصخر الندى |
ألا تبكيان الجرئ الجميل | | ألا تبكيان الفتى السيدا |
طويل النجاد رفيع العماد | | ساد عشيرته أمردا |
إذا القوم مدوابأيديهم | | إلى المجد مد إليه يدا |
فنال الذى فوق أيديهم | | من المجد ثم مضى مصعدا |
ترى الحمد يهوى إلى بيته | | يرى أفضل الكسب أن يحمدا |