مركز "القاهرة لدراسات حقوق الإنسان " عن تقديره العميق "لانتفاضة " جموع الشعب المصري التي هبت في معظم المحافظات المصرية، لتعلن بأعلى صوت تطلعاتها إلى الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية، عبر التظاهرات السلمية التي شهدها الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثانى 2011، والتي شارك فيها بصورة غير مسبوقة عشرات الآلاف من المواطنين في معظم أنحاء البلاد.
واشاد المركز فى بيان تلقت "محيط " نسخة منه كذلك بما اتسمت به التظاهرات الشعبية العارمة من سلوك حضاري من قبل المتظاهرين الذين أظهروا حرصا شديدا على الإبقاء على الطابع السلمي لاحتجاجاتهم ونبذ الإضرار بالممتلكات العامة والخاصة، رغما عن تخلي الحشود الأمنية الهائلة في بعض ساعات يوم الغضب العام عن الحكمة أو ضبط النفس ولجوئها في بعض المواقع إلى استخدام القوة المفرطة، بما في ذلك الأسلحة النارية في قمع التظاهرات، وعلى الأخص في محافظة السويس التي شهدت سقوط ثلاثة قتلى على الأقل في صفوف المحتجين. وشدد المركز على إدانته المطلقة لاستخدام القوة المفرطة في قمع بعض التجمعات السلمية، وفي فض اعتصام الآلاف من المواطنين بميدان التحرير بوسط العاصمة، والتي ألحقت إصابات عديدة بين المعتصمين، نتيجة الاستخدام المكثف للقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي لإجبار المعتصمين على إخلاء الميدان.
كما ادان المركز إقدام السلطات المصرية على اتباع ذات الممارسات التي لجأ إليها نظام بن علي المخلوع في تونس، والتي عبرت عنها إجراءات حجب بعض المواقع الإلكترونية التي بثت أخبارا أو مشاهد فيديو تغطي تفاعلات يوم الغضب، فضلا عن تعطيل شبكات المحمول في مواقع التجمعات الأساسية للمتظاهرين للحيلولة دون التواصل فيما بين محركي المجموعات المختلفة من المتظاهرين. واعتبر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان أن انتفاضة 25 يناير، وما حملته من شعارات سياسية واجتماعية، قد مثلت ردا بليغا من جموع المصريين على التزوير الفاضح للانتخابات البرلمانية التي شهدتها البلاد قبل بضعة أسابيع، وأكدت أحكام القضاء بطلانها، مثلما عبرت عن تطلع المصريين للتغيير ووضع نهاية سلمية للاحتكار الأبدي للسلطة، فضلا عما أظهرته من حاجة ماسة إلى تدابير وسياسات جادة تضمن إعمال معايير العدل الاجتماعي، وتضع حدا لأنماط صارخة من احتكار الثروة واستشراء الفساد، وتضمن محاسبة المسئولين أيا كانت مواقعهم عن إهدار المال العام، وتضع حدا للحصانة التي تتمتع بها أجهزة الأمن في ظل حقبة الطوارئ الاستثنائية، والتي كرست الإفلات من العقاب عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. وحذر مركز القاهرة من أن الحلول والمعالجات الأمنية القمعية في التعامل مع مظاهر الحراك السياسي والاجتماعي المتزايد لن تجدي نفعا، بل ربما تدفع في اتجاه دوامات من العنف، أو الفوضى يتحمل مسئوليتها وتداعياتها الوخيمة الحكومة وحزبها. ودعا المركز من هذا المنطلق إلى اتخاذ تدابير فورية بالإفراج عن المئات ممن اعتقلوا أو اختطفوا خلال تظاهرات يوم الغضب، باعتبارهم لم يمارسوا سوى حقهم المكفول دستوريا في التعبير عن آرائهم وفي التجمع والاحتجاج السلمي. كما يدعو النائب العام إلى إجراء تحقيق مستقل في الوقائع وثيقة الصلة بالاستخدام المفرط للقوة ومحاسبة المسئولين عن خرق القواعد والمعايير المعترف بها دوليا فيما يتعلق باستخدام الأسلحة النارية. كما شدد المركز على أن المعالجة الحكيمة للاحتقان السياسي والاجتماعي الراهن، تقتضي أن تبادر سلطات الحكم على نحو فوري بالتعاطي إيجابيا مع المطالب المشروعة، التي رفعها المتظاهرين والمضي دون مماطلة أو تسويف في عملية سياسية شاملة تأخرت كثيرا، للدفع باتجاه إصلاحات سياسية عميقة تمزج بين استحقاقات الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، وتكفل معايير العدل الاجتماعي وتقود إلى تجفيف منابع الفساد.