بسم الله الرحمن الرحيم
على من لغويا تطلق كلمة فاجر ؟ وهل كل من كان مبتلى بالمعاصي يصح بان نصفه بالفاجر؟
المبتلي بالمعاصي ليس فاجرا ولكن الذي يشهر معاصيه ويتفاخر بها هو الفاجر
الفاجر ؛ فيطلق على الكذاب والزاني..، ومنه الحديث: .. وإياكم والكذب فإن الكذب يهدى إلى الفجور، وإن الفجور يهدى إلى النار.. متفق عليه.
من هو الفاجر ، و ما هو معنى الفجور ؟
الفاجر هو المُفارِق و المُنْشَقُّ عن طريق الحق و الصلاح ، و الفُجُورُ هو المُفَارقة و الانشقاق ، و منه قول الله عزَّ و جَلَّ : ﴿ وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ 1 ، فإنَّ معنى " فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً " هو إنشقَّت ، و سُمِّيَ الفَجْرُ فَجْرَاً لانشقاق الظُلمة عن الضِّياء ، و أصله المُفَارَقَة ، و منه تفجير الأنهار لِمُفارَقَةِ الماء لأحد جانبي النهر .
و يُستعمل الفجور بمعنى البذاء و الفحش في القول و البهت عند الخصومة ، كما يُطْلَقُ الفُجُورُ أيضاً على الزِّنا .
هل يكفر من كفر مسلما
لي صديق يشتغل معي وكان قد بينت له سابقا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من قال لأخيه أنت كافر فقد باء أحدهما بالكفر، وفي إحدى المرات قال لي إن من يعيش في مجتمع كافر مثل هذا المجتمع فهو كافر وبالطبع هذا الكلام خطأ وعندما أردت أن أبين له ذلك طرحت عليه سؤالاً: هل أنا كافر لعيشي في هذا المجتمع الذي وصفته بالكفر، قال: لي نعم أنت كافر فثرت عليه وأعدت عليه الحديث، فقال لي: نعم لقد بينته لي ولكني أمزح فقلت له إن هذه الأمور جدها جد وهزلها جد، ورب كلمة لا يلقي الإنسان لها بالا تهوي به سبعين خريفاً في جهنم، فما كان منه إلا أن ضحك وقال: نسيت، فسؤالي هو: هل يحكم على هذا الشخص بالكفر وعليه الاغتسال وإعادة التشهد بعد أن بينا له معنى الحديث، وأن من قال لمسلم أنت كافر أو أنت يهودي فقد كفر والعكس كذلك، وما هي نصيحتكم له؟ جزاكم الله خيراً.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحديث الذي أشرت إليه أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عمر بلفظ: أيما رجل قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما. وزاد مسلم في رواية: إن كان كما قال؛ وإلا رجعت عليه. وفي لفظ آخر عند مسلم: إذا كفر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما.
وقد نص أهل العلم أن لفظة الكفر في الحديث محمولة على الكفر الأصغر، واستدلوا بحديث ثابت بن الضحاك عند البخاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولعن المؤمن كقتله، ومن رمى مؤمناً بالكفر فهو كقتله.
والقتل ليس كفراً، وقد شبه به تكفير المؤمن. راجع الفصل لابن حزم. قال شيخ الإسلامابن تيمية في الاستقامة: فقد سماه أخا حين القول، وقد قال: فقد باء بها. فلو خرج أحدهما عن الإسلام بالكلية لم يكن أخاه. انتهى.
قال ابن قدامة في المغني: هذه الأحاديث على وجه التغليظ والتشبيه بالكفار لا على وجه الحقيقة. انتهى، هذا عن معنى الحديث والمراد بالكفر فيه.
وننصح لهذا الأخ: بالتوبة النصوح والحذر من مكر الله تعالى، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ {الأنفال:24}.
فإياك والاستهزاء بحدود الله أو تكفير المؤمنين، وأمسك عليك لسانك، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ضمن لي ما بين لحييه ورجليه أضمن له الجنة. رواه الطبرانيوصححه الألباني، وقال صلى الله عليه وسلم: وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم. رواه أحمد والترمذي عن معاذ وقال حسن صحيح.
والله أعلم